من ستكون ضحكته أكبر، الرئيس الفرنسي جاك شيراك أم رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير، عندما يلتقيان في اسكوتلندا للمشاركة في قمة الثمانية الكبار، وذلك غداة إعلان نتيجة اختيار اللجنة الأولمبية المنعقدة في سنغافورة، للمدينة الفائزة بشرف استضافة الدورة الأولمبية عام 2012؟
الفرنسيون، يمضون الأسبوع الأول من عطلة الصيف، على وقع معركة عام 2012، وهي تكاد تكون معركة فرنسية ـ بريطانية بامتياز. صحيح أن الاختيار النهائي سيجري بين خمس مدن هي باريس ولندن ومدريد وموسكو ونيويورك، إلا ان المنافسة الحقيقية تجري بين باريس ولندن. ويكاد يكون الاقتراع الاخير حاسما بين المدينتين، ذلك أن ملف كل منهما حاز على أعلى نسبة من تقدير لجنة التفتيش التابعة للجنة الأولمبية الدولية.
طبعاً هذا لا يكفي، ورئيس اللجنة الأولمبية الفرنسية كلود كيلي يقول: "ان كل شيء سيلعب للفوز على أساس تجاوز الرقم القياسي بجزء من مئة من الثانية". وإذا كانت المعركة مفتوحة بين باريس ولندن فإنها أيضاً مفتوحة بين شيراك وبلير، والقمة الأوروبية الأخيرة شهدت فصلاً جديداً من المنافسة الى درجة الخصام وحتى الخصومة، فالخلافات تكاد تصل الى الأساسيات في تشكيل الاتحاد الأوروبي قبل أن تكون على طبيعة العلاقات والأدوار.
الرئيس جاك شيراك ترأس وفداً من 250 شخصية فرنسية، يتوزعون بين مختلف الاتجاهات والألواح السياسية والرياضية والثقافية والاقتصادية. وقد تعمد شيراك أن يضم هذا الوفد الضخم الذي يتجاوز عدد أعضائه الوفد البريطاني الذي يرأسه ايضاً بلير بكثير، أن يظهر "الوحدة الفرنسية"، وأن يوجه إلى اللجنة الأولمبية "رسالة"، ميدانية، ومن خلال مشاركة النقابات في المدينة وتلوث الجو. كما سيتم تدفئة مياه جميع المسابح الأولمبية، كذلك ستفي باريس بوعد شيراك، بأن تكون مياه نهر السين في باريس صالحة للسباحة، كذلك سيعرض فيلم أعده المخرج لوك بيسون كلف 11 مليون يورو لإبراز الفرح الباريسي واستعداد فرنسا لتنظيم الألعاب الأولمبية.
وتأكيداً لجدية باريس باستعدادها الضخم لاستقبال الألعاب الأولمبية، بدأت قبل إعلان النتيجة إعداد المناطق التي سيتم إنشاء الإنشاءات الأولمبية، ومنها القرية الأولمبية التي خصصت لها مساحة واسعة في الدائرة السابعة الملاصقة لافخم دائرة باريسية، هي الثامنة حيث الشانزليزيه، وبالفعل بدأت عمليات هدم المباني القائمة في منطقة "الباتينيول" وعلى أساس أن باريس ستكون جاهزة لعام 2012 وإذا لم يحالفها الحظ فهي، ايضاً، ستكون مرشحة لعام 2016.
إن مشاركة برتران ديلانوي رئيس بلدية باريس الاشتراكي ورؤساء النقابات العمالية يؤشر إلى أن فرنسا ترحب مجتمعة ويداً واحدة بالألعاب الأولمبية، وأن النقابات العمالية القوية جداً في فرنسا لن تعلن الاضراب ولن توقف المترو أو ستتظاهر وتقطع الطرقات. كما يشارك رؤساء الشركات الفرنسية الكبرى في هذه المظاهرة الضخمة تأكيداً لدعمهم الكامل لترشيح باريس لهذا الاحتفال الذي يجري كل أربع سنوات، ويتم خلاله، كما يقول الوفد الفرنسي في عرضه، "عدم نسيان مآسي العالم، وانما إعلان الأمل بعالم آخر".
الفرنسيون، وخاصة أعضاء اللجنة الأولمبية يبدون واثقين من فوزهم هذه المرة بعد أن فشلوا مرتين في عشرين عاماً. ويقول برتران ديلانوي رئيس بلدية باريس المدينة المعنية بهذا الفوز، على رغم أن المباريات ستجري ايضاً في كل من مرسيليا وليون ولاروشيل ونانت ولنس: "حتى ولو كانت المنافسة قاسية، لاننا نتنافس مع أربع مدن تستحق كل واحدة منها الفوز، إلا اننا نستحق استقبال العالم كله عندنا حتى نعطيه بقدر ما سنأخذ منه، وإذا كانت اللجنة الأولمبية الفرنسية قد التقت كل عضو من اللجنة الأولمبية نحو 17 مرة لاقناعه بترشيح باريس، فإن هذه اللجنة قدمت ملفاً قالت عنه اللجنة خلال الدورة الأولى لدراسات الملفات انه ملف يتميز بدرجة عالية من النوعية والتحضير". ويضيف ديلانوي: "لقد خسرنا في السابق اما لاننا لم نقدر جيداً حجم المنافسة التي نواجهها أو لاننا أصبنا بنوع من الاستهزاء بقدرات الآخرين. هذه المرة عملنا طوال أربع سنوات على تحضير الملف".
ومن تفاصيل هذا الملف الذي سيدافع شيراك عنه أمام اللجنة الأولمبية، اضافة الى تسعة آخرين من أعضاء الوفد الفرنسي بينهم رئيس بلدية باريس التفاصيل الدقيقة للمنشآت الأولمبية الخمسة والثلاثين. ومن جديد هذا الملف، انه من أجل المحافظة على البيئة في القرية الأولمبية، سيتم جمع النفايات بطريقة آلية عبر الأنابيب حتى لا تمر سيارات، ويبدي أعضاء الوفد الفرنسي وخاصة جاك شيراك تفاؤلاً واسعاً بفوز باريس، على أساس أن البريطانيين لا يبدون متحمسين مثل الفرنسيين للدورة، كما انهم يبدون غير مستعدين لدفع مصاريف إنشاء 18 ملعباً جديداً الى جانب ضرورة تحديث مترو لندن القديم جداً.
وتكاد تكون باريس مستعدة على مختلف الصعد يعكس ذلك الحماسة الفرنسية الشاملة، وكأن هذه الألعاب ستجري في بيت كل فرنسي على حدة!
100 عضو من الأعضاء 116 للجنة الأولمبية سيقترعون للاختيار بين المدن الخمس وهي باريس ولندن ومدريد وموسكو ونيويورك. إذ لا يحق للأعضاء الممثلين للدول المتنافسة الاشتراك وعددهم 13 عضواً، اضافة الى رئيس اللجنة وثلاثة آخرين لأسباب مختلفة. والاقتراع سيكون الكترونياً وينبغي أن تحصل المدينة التي ستفوز في الدورة الأولى على 50 صوتاً. وإذا لم يحصل هذا، فإن المنافسة ستحضر في المدينتين اللتين ستحصلان على أكبر عدد من الأصوات. وبعدها يستطيع أعضاء الدول الذين خسروا المنافسة المشاركة في الاقتراع، ولا شك أن قلوب الفرنسيين ستنبض على وقع دورة الاقتراع الأولى ومن ثم في الدورة الحاسمة، ظهر اليوم، الساعة 1.30 بتوقيت باريس.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.