تبدو أليزابيت ديبل نائبة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية "حذرة" وهي تخوض في تفاصيل الوضع اللبناني، كأنها تستكشف حقلاً مزروعاً بالألغام، ولذلك تأتي إجاباتها مفتوحة لإجابات أخرى لم تكتمل. لا بل إنها تذهب في حذرها الى درجة السؤال الى السائل تحت صيغة "ما رأيك بما تسأله؟". لكن هذا الحذر لا يمنع من وجود ثوابت تنطلق منها أليزابيت ديبل، تشكل ركائز الموقف الأميركي مما يجري في لبنان وما يطل عليه، أو بالأصح ما يشكل جزءاً أساسياً من ملف أكبر وأوسع مرادف هو ملف العلاقات الأميركية ـ السورية.
تقدم أليزابيت ديبل نفسها لعدد من الصحافيين المجتمعين معها في عوكر بأنها "متعاطفة مع لبنان"، وهذا "التعاطف" يسمح لها كما يبدو لأن تقول ما تريد ايصاله مداورة أو بابتسامة واضحة، لكنها تشدد في إجاباتها على أن "العمل الصعب وهو إنجاز الإصلاح والتغيير قد بدأ الآن". وفي كل مرة تتكلم فيه عن المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأميركية تذكر بأنهما "يدعمان اللبنانيين، ولا يفرضان عليهم شيئاً من الخارج".
ومن هذه المقدمة الى صلب القضية. وبداية تتناول المسؤولة الأميركية القضية التي تشغل اللبنانيين حالياً، وهي تشكيل الحكومة فتعلن "أمنيتها" طالما أن هذا الخارج لا يتدخل ولا يفرض: "تأليف الحكومة الجديدة قريباً للعمل على كل المواضيع المطروحة". وتشدد ديبل رداً على الأسئلة المتكررة حول مشاركة حزب الله في هذه الحكومة بأن "تأليف الحكومة أمر عائد للبنانيين، ونحن لا ندعم تولي أشخاص محددين. وبوضوح أكثر سيكون الأمر أسهل علينا أن تشكل الحكومة". أما لماذا هذا "التمني" فلأن المجتمع الدولي وأميركا يتطلعان الى عمل الحكومة، وتنفيذ برنامجها الاصلاحي.
وماذا عن دعم هذا المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأميركية للحكومة وللاصلاح. هنا، تجد المسؤولة الأميركية الإجابة جاهزة ومقولبة ولا تحتاج للحذر فتقول: "عليكم تحديد الوجهة التي ستسيرون عليها، ولديكم دعم المجتمع الدولي وأميركا. المساعدات من المجتمع الدولي ستكون مشروطة بجهود الحكومة في اتجاه الاصلاح وكيف ستقوم الحكومة بتنفيذ الاصلاحات".
وعن عدم لقائها مع الرئيس اميل لحود، ترد ديبل بديبلوماسية بأنها جاءت للمشاركة في اجتماع غرفة التجارة الاقليمية الأميركية. لكن أمام تكرار السؤال والتشديد على لقاءاتها مع مختلف السياسيين اللبنانيين، وعما إذا كان عدم اللقاء يعود الى أن الرئيس لحود يشكل مشكلة تجيب ديبل: "لا أعرف إذا كان الرئيس لحود يشكل مشكلة، الأمر يتعلق بكيف ستعمل الحكومة مع الرئيس. اسمع عن عدم اتفاق، اعتقد أن الأمر يحتاج الى تعاون الجميع".
وينتقل الحوار الى المشكلة الأعقد والأصعب وهي القرار 1559 وتنفيذه، وتقول ديبل: "نأمل أن نتعاون مع الحكومة الجديدة. يجب تطبيق القرار مع المجتمع الدولي الذي سيعمل مع حكومة لبنان على التنفيذ". وفي كلام يوحي كثيراً بالاعتدال من مسألة نزع سلاح "حزب الله"، ويؤشر الى تفهم واضح لتعقيدات الوضع اللبناني تقول ديبل: "نزع سلاح حزب الله عملية Process لبنانية"، لكنها تضيف في رد لها حول مزارع شبعا بحسم "إن المزارع سورية". وعندما نسأل أليزابيت ديبل عما إذا كانت مشاركة حزب الله في الحكومة المقبلة ايجابية أم لا. ترد "وما رأيك أنت في ذلك"، لكنها تكمل "لا أستطيع الجواب عما إذا كانت الخطوة تساعد أم تعيق. هذا شيء من ضمن الوضع اللبناني وهو أمر يخص اللاعبين المحليين". وتختم معترفة بأنه إذا ما كان وزير الخارجية المقبل من حزب الله فإن "التعامل معه سيكون بصعوبة كبيرة". لكنها تضيف بأنها لم ترَ ولم تعرف "بأن حزب الله موجه نحو الاصلاح".
ومن حزب الله الى العلاقات مع سوريا، فتبدأ المسؤولة الأميركية بالتشديد على أن للولايات المتحدة قضايا معقدة مع السوريين، لبنان واحد منها، وأيضاً استمرار تدخلهم في العراق ودعمهم لحزب الله وللفلسطينيين الموجودين في سوريا. والحل؟ برأي أليزابيت ديبل: "الحل هو في أن يغير النظام السوري سلوكه".
وفي طرحها هذا كله، لا تنسى أليزابيت ديبل التأكيد على "أنه لا منافسة مع فرنسا، وأن الإدارة الأميركية في واشنطن تعمل عن قرب مع الحكومة الفرنسية في باريس".
وفي إطار هذا العرض الحذر، تجد المسؤولة الأميركية نقطة مضيئة تعود اليها في حديثها مرات عديدة وهي الشباب اللبناني فتقول: "رأينا في التظاهرات أن شباب لبنان لديهم الرغبة في أن يكون لهم كلمتهم ودورهم لتجديد مستقبل لبنان. لقد رفعوا صوتهم عالياً وهم يستحقون مستقبلاً أفضل، فهم يشكلون طاقة هائلة".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.