"لسنا خائفين على لبنان". هذا ما قاله مسؤول فرنسي بارز رداً على المخاوف التي يشعر بها اللبنانيون في ظل الوضع الحاضر ودخول مهمة رئيس لجنة التحقيق الدولي ديتليف ميليس مرحلة العد العكسي لنهايتها وصدور القرار النهائي.
وشدد المسؤول نفسه على أن فرنسا كلها تريد أن تعرف حقيقة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ولا تبالي بالنتائج. وقد استخدم المسؤول تعبير "إنفجار كل الحقيقة".
وكشفت مصادر مطلعة في باريس، أن اجتماع السفراء الفرنسيين في العالم الذي افتتح أعماله الرئيس جاك شيراك بكلمة مفصّلة رسمت "خارطة طريق" للديبلوماسية الفرنسية للعام 2006، شهد تطوراً غير عاديّ إذ وضع ملف لبنان في جدول أعمال الاجتماعات وخصصت جلسة لمناقشته. وقد قدم المناقشة السفير الفرنسي في لبنان برنار إيمييه بمداخلة دقيقة عن الوضع وتطوراته ومتغيراته في لبنان منذ اغتيال الحريري حتى الآن (قبل اعتقال الجنرالات الأربعة) كما أن المشاركين في الاستقبال الخاص للسفراء الفرنسيين في قصر الأليزيه، لاحظوا أن الرئيس شيراك تحادث طويلاً مع السفر إيمييه.
وأشارت مصادر عربية مطلعة في باريس الى أن الاهتمام الفرنسي بلبنان وبملف اغتيال الحريري يعود أصلاً الى العلاقة الخاصة بين فرنسا ولبنان، وتعلّق باريس بتاريخية هذه العلاقة وضرورة مواصلتها في أفضل وضع ممكن، كما أن هذا الاهتمام الخاص يعزى الى أن اغتيال الرئيس الحريري "مسألة شخصية للرئيس جاك شيراك ولذا تحوّلت عملية ظهور الحقيقة ملفاً داخلياً فرنسياً".
وتنقل هذه المصادر العربية عن الأوساط الفرنسية أن اعتقال الجنرالات الأربعة (جميل السيد وعلي الحاج وريمون عازار ومصطفى حمدان) يؤشر الى "مؤامرة دولة. وفي جميع الأحوال فإن الملف يتقدم على نحو واضح".
وعن العلاقة الفرنسية بسوريا، لوحظت برودة لا سابق لها بتعاطي وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي معها، علماً أنه أشار الى أن التعاطي السوري مع لبنان هو ميزان لحرارة العلاقات الفرنسية ـ السورية. وتشير مصادر عربية الى أن "الفرنسيين يرون أن السوريين أصبحوا ضعفاء حتى إنهم لم يعودوا قادرين على اللعب"، وأنه إذا كانت الديبلوماسية الفرنسية تشدد علناً على أنه ليس لفرنسا "أهداف عدائية ضد سوريا" إلا أن ذلك لا يمنعها من التأكيد أن "خط التشدد هو السائد الان من جانب باريس مع دمشق. وأن التصريحات لم تعد تجدي، فالمطلوب أقوال بأفعال وذلك في إشارة واضحة الى كلام الرئيس بشار الأسد حول استعداد بلاده للتعاون مع ميليس.
وتأكيداً لخط التشدد الفرنسي، تشير المصادر الفرنسية الى أن دوست بلازي لم يقرر بعد ما إذا كان سيجتمع مع وزير الخارجية السوري فاروق الشرع في نيويورك، خوفاً من أن يُستثمَر إعلان مثل هذا الاجتماع في تخفيف الضغط على دمشق حول تعاونها مع ميليس ولو إعلامياً.
وأخيراً تبدو باريس "مطمئنة كثيرا"، الى أن واشنطن "لن تبيع الملف اللبناني أو تقايضه مع دمشق، لأن التنسيق القائم بين واشنطن وباريس قويّ وعميق. وتعرف الإدارة الأميركية مدى حساسية الملف اللبناني واغتيال الرئيس الحريري لدى فرنسا، خصوصاً الرئيس جاك شيراك". ويبدو هذا التعاون الوثيق بين باريس وواشنطن، في إيفاد الرئيس الفرنسي مستشاره للأمن القومي موريس غوردو مونتاني الى العاصمة الأميركية واجتماعه مع وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس لإنجاز مزيد من التنسيق والتعاون قبل قِمة الأمم المتحدة المقبلة بشأن الملف اللبناني، بحيث يظهر هذا التعاون ونتائجه كاملاً أمام أعلى اجتماع دولي في الأمم المتحدة!
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.