8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

مليون 14 شباط وجّه "رسالة" تفرض على المجتمع الدولي استمرار دعمه لاستقلال و"دمقرطة" لبنان

لم تتغيّر أجندة 14 آذار. جماهير 14 شباط "المليونية" أعادت في ساحة الحرية إحياء عصب انتفاضة 14 آذار، وعملت على رسم "خريطة طريق" لتنفيذ هذه الأجندة، بعد أن تعذّر تنفيذها طوال سنة تقريباً، لأنه لم يقم "الوفاق الراسخ" المطلوب بفعل "استمرار المؤامرة الخارجية وتضارب المصالح الداخلية".
هذا التأخير في التنفيذ أقلق جماهير 14 آذار، ودفع نحو التصور بأنها أصيبت بالوهن والتراجع خاصة مع تواصلية عمل آلة القتل . لكنه وكما أثبتوا في الانتفاضة الثانية لم ييأسوا ولم يحبطوا فما جرى كان كما قال النائب سعد الحريري "محاولة اغتيال لنظام لبنان الجديد". ولذلك عندما "هطلوا" على ساحة الحرية كما المطر، وجهوا "رسالة" الى المجتمع الدولي واضحة ولا لِبس فيها، بأنهم ما زالوا مصرّين على الصيغة التي يريدونها للبنان الجديد، وبهذه "الرسالة" كما تقول مصادر فاعلة من قوى 14 آذار، دعم المجتمع الدولي للبنان أعطوا زخماً جديداً لن يتراجع بسبب استحقاقات داخلية لهذه الدولة أو تلك، لأنه لا يمكن لمجتمع دولي يريد دعم "دمقرطة" لبنان المستقل والسيّد الحرّ، التراجع أو التراضي أمام ارادة هذا "البحر الأزرق" المتجدد في ساحة الحرية.
أجندة متجددة لـ14 آذار
وأجندة 14 آذار واضحة ومحددة، وقد جددت وطلبت وتأكدت في انتفاضة 14 شباط، وهي تضم: الانتهاء من زمن "الوديعة" من خلال "تحرير مزرعة بعبدا". واذا كان "المأزق الدستوري" ما زال يشكل "السور" الذي يحول دون ذلك، لأن النص الدستوري واضح بطلب الثلثين من أعضاء مجلس النواب لإقالة رئيس الجمهورية وفي حالات محددة فإن ذلك لا يمنع من العمل، على مشروع توافقي ينتج هذه الأغلبية المطلوبة عبر ايجاد آلية دستورية تسمح بذلك. ولأنه كما تقول مصادر من قوى 14 آذار لا يمكن حصر كل الجهود في سيناريو واحد، فإن العمل سيجري وبالاستناد الى المجتمع الدولي، لصياغة سيناريو لا يمكن التلاعب معه".
واستناداً الى مصادر مطلعة في واشنطن وباريس فإن صيغة هذا السيناريو تقوم على أساس: "أن التمديد للرئيس اميل لحود كان عملاً غير قانوني حصل بممارسة ضغوط مكشوفة وواضحة وثابتة من دمشق والجهاز الأمني ­ السياسي التابع لها في بيروت على النواب، لكي يقبلوا بهذا التعديل الذي نشأ عنه تمديد ولاية الرئيس لحود".
ويضيف هذا السيناريو الدولي: "انه يجب تصحيح هذا الوضع ليصبح متطابقاً مع القرار 1559 الذي نص بشكل واضح على: إذ يضع في اعتباره الانتخابات الرئاسية القادمة ويؤكد أهمية اقامة انتخابات حرة و عادلة وفقاً للدستورية اللبنانية من دون تدخل أو تأثير خارجي" كما يشدد القرار في معرض تعداد نقاط هذا النص على "اعلان دعمه لإجراء عملية انتخابية حرة وعادلة في الانتخابات الرئاسية اللبنانية القادمة وفقاً للقواعد الدستورية اللبنانية من دون تدخل أو تأثير خارجي".
وضوح القرار 1559
وأمام هذا النص الواضح، فإن المجتمع الدولي وعبر مجلس الأمن بإمكانه استصدار قرار جديد يؤكد "عدم شرعية رئاسة رئيس الجمهورية في لبنان" مما يؤدي الى إلغاء التعامل معه حكماً. وهنا كما تضيف مصادر لبنانية مطلعة فإن من مصلحة الجميع وخاصة الوسط المسيحي دعوة الرئيس اميل لحود الى استباق الموقف الدولي من اجل صيانة مقام الرئاسة الأولى، وعدم تعريضها لمخاطر المساءلة الدولية، وذلك لتقديم الرئيس إميل لحود استقالته والانسحاب بهدوء من قصر بعبدا تاركاً للبنانيين وقوى التغيير فرصة انتخاب رئيس جديد بعيداً عن كل زمن الوصاية.
العلاقات اللبنانية ­ السورية، ويبدو ان اجماع قوى وجماهير 14 آذار، على انتهاء "عهد الوصاية، يريد اقامة علاقات واضحة ومؤطّرة وكما يصفها مصدر فاعل من هذه القوى، "بأنه انتهى عهد الزواج وكذلك أي محاولة لإنجاز زواج متعة مستقبلياً". ما يريده اللبنانيون هو اقامة علاقات أخوّة متكافئة ومميّزة". ويبدو هنا ان "قطار" هذه العلاقات ما زال متوقفاً في أول الخط، وانه لن يتحرك قريباً، خاصة وان "المبادرة العربية" قد دخلت في "الثلاجة" كما يقول مصدر مطلع بسبب عدم رد دمشق على الرد اللبناني الذي تسلّمته المملكة العربية السعودية، من جهة وانشغال القاهرة بمستجدات الملف الفلسطيني بعد فوز حركة "حماس" بالانتخابات التشريعية، كما ان المعلومات التي تسربت بعد لقاء الرئيس حسني مبارك مع ديك تشيني نائب الرئيس الأميركي في القاهرة، تؤشر إلى ان واشنطن تعيد دراسة الموقف من دمشق على ضوء تطورات تحالفها القائم مع طهرن، من جهة وعلى ضوء قرارها بكيفية معالجة الوضع مع ايران من جهة أخرى سيتم التعامل النهائي مع دمشق سواء في التركيز عليه عن طريق التغيير أو الالتفات الى الحلقة القوية في هذا الحلف وهي طهران بفرض ما تريده واشنطن مستقبلاً، علماً ان تشيني "صقر الصقور" في الإدارة الأميركية ما زال مصراً على عدم الخوف من التغيير في دمشق، مهما كانت المخاطر.
التحقيق الدولي الخاص بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، ويبدو ان سياسة الصمت التي يتبعها القاضي البلجيكي سيرج براميرتس خليفة ديتليف ميليس، تجعله يتحرك بثقة وفي جميع الاتجاهات وتحت بند واضح ان الحقيقة يجب أن تظهر وأن يعاقب المنفذون والمحرضون والمخططون.
معالجة الممانعة السورية
ومحور مهمة براميرتس حالياً، كما تشدد المصادر المتابعة للتحقيق في باريس هو "كيفية معالجة الممانعة السورية مع لجنة التحقيق". وفي هذا المجال بدا لافتاً ما أعلنه الناطق الرسمي باسم الخارجية الفرنسية جان باتيست مايتي تعليقاً على تظاهرة 14 شباط: "ان لا عناصر جديدة في شأن التعاون السوري مع لجنة التحقيق في انتظار الاتصالات والتحقيقات التي يجريها رئيس اللجنة سيرج براميرتس الذي يعود إليه أمر تقدير هذا التعاون وابلاغ مجلس الأمن بذلك". ولا تستبعد المصادر نفسها في باريس ان يصدر عن لجنة التحقيق قريباً جداً اعلاناً يحسم الموقف من هذه القضية المعلقة، بما يفتح الباب على مصراعيه للبناء دولياً من دمشق على هذا الاعلان.
وقف آلة القتل والدمار في بيروت نهائياً، وهي وإن توقفت منذ جريمة اغتيال جبران تويني، فإن ذلك لا يعني تفكيكها وخاصة في ظل مفاجأة الانتفاضة الثانية في 14 شباط. ولذلك تعمل قوى داعمة للبنان في واشنطن على دفع المجتمع الدولي باتجاه استخدام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة المتعلق بالإرهاب في مواجهة أي تصعيد جديد يقع في المستقبل، مع ما يعني ذلك من اصدار قرار دولي جديد يكون إحدى أبرز نقاطه اقرار مقاطعة اقتصادية تأخذ في الاعتبار التجارب الدولية السابقة خاصة في العراق وأن تكون هذه المقاطعة ضد أقطاب وأفراد محدّدين من النظام وليس ضد الشعب السوري.
سلاح الشرعية
سلاح المقاومة، ورغم رفع النائب وليد جنبلاط لسقف الموقف من هذا السلاح تحت صيغة التطبيق الكامل للقرارات الدولية، أو كما شدد العديد من قوى 14 آذار بأن لا شرعية إلا سلاح الشرعية، فإن هذه القضية تبقى مشكلة داخلية خاضعة لشروط الحوار الوطني المتحرر من المقدسات، كما تقول مصادر مطلعة من قوى 14 آذار.
أما ما يتعلق بالسلاح الفلسطيني خارج المخيمات فإن إجماعاً لبنانياً واضحاً بوجوب نزعه وتنفيذ هذه المهمة بمشاركة سوريا وبدعم عربي ضروري كخطوة أولى على طريق إعادة بناء جسور الثقة المقطوعة حالياً. أما ما يتعلق بسلاح المخيمات، فإن معالجة هذا الملف تنتظر حسم الفلسطينيين لمسألة السلطة وتركيبتها بعد فوز حركة حماس، لأن هذا الحسم ضروري لمعرفة تركيبة الوفد الفلسطيني المحاور واتجاهاته ومواقفه من كامل القضايا والنقاط المطروحة والواقعة تحت بند ان الحل يجب أن يكون شاملاً فيتناول العلاقات السياسية والمعيشية والقانونية والأمنية.
لبنان على موعد جديد في 14 آذار، ولذلك فإن كل يوم سيمر خلال هذا الشهر سيشكل امتحاناً جديداً للبنانيين الذين يريدون لبنان وطناً وليس ساحة مفتوحة على الخلافات والمخاطر والأيدي الخارجية، وارادتهم المتكاتفة هي التي أيضاً ستصنع لبنان الجديد!.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00