"أم العروس" في مؤتمر باريس ـ 3 كان بالاجماع الرئيس جاك شيراك.
من أجل انجاح المؤتمر لخدمة لبنان عمل شيراك على جمع العالم لدعم لبنان المنقسم على نفسه. وضع كل خبرته وحنكته التي اكتسبها في عقود طويلة من العمل السياسي على أعلى المستويات وفي كل المنابر والمؤتمرات ثم زاد من "ملح" عاطفته للبنان لإنجاح لبنان..
وفي ساعات قليلة من ادارة مؤتمر لا يعني فرنسا داخلياً، سوى في هذه العلاقة التاريخية والثقافية، أضاف لأسمائه وصفاته وصفاً جديداً بعد "البلدوزر" و"النملة"، وصف "المحاسبجي"، ذلك أن شيراك وهو رئيس فرنسا لم يتراجع ولم يتأخر عن الامساك بآلة حاسبة لجمع وطرح أرقام المساعدات والمنح والهبات التي توالى رؤساء الوفود على وضعها بين يديه. وعندما انتهت الجلسة الأولى بعد تأخير للغداء، قال شيراك بفرح: "لقد جمعنا 7600 مليون دولار، وسنعود بعد الغداء لمتابعة الخطابات والتقديمات".
وخلال الجلسة التي افتتحها بكلمة له (نصها في الصفحة)، تدخل شيراك قبل وبعد كل كلمة لمندوب، مضيفاً من لطفه جواً محبباً، لم يتوان خلاله عن "قرص" هذه المندوب أو ذاك من دون ان يصل في ذلك الى حد الخلاف، وكل هذا التوجه كان لخدمة لبنان، ودائماً كانت المقدمة الطبيعية لتدخّله قوله "أعبر عن امتناني وعن مشاعر الاعتراف لرئيس الوفد الذي كان القى كلمته".
وفي "رسالة" دعم وتشجيع لكل رؤساء الوفود لتقديم مساعداتهم بجميع أشكالها، ألقى شيراك شهادة نادرة حول لبنان فقال: "لبنان يسدد دائماً ديونه، ومن النادر جداً أن لا يفي بديونه، هذه مسألة ثقافية لذا بقي موحداً بالرغم مما عاناه".
وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل الذي فاجأ المؤتمر بإلقاء الجزء الأول من كلمته باللغة الفرنسية، وقف شيراك ليقول له بعد انتهائه: "أهنئك على لغتك الفرنسية الرفيعة". وعندها تشجع الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى فخصص جزءاً من كلمته أيضاً بالفرنسية فسارع شيراك قائلاً: "ندعم جهود جامعة الدول العربية".
وبقدر ما كان شيراك ودوداً مع الذين أبدوا كرماً واضحاً في مساعداتهم، خصوصاً السعودية التي وجه لخادم الحرمين الشريفين تحياته وشكره، كان قاسياً مع الذين ترددوا أو أمسكوا يدهم، وقد قال بعد أن نادى رئيس الوفد البرتغالي ولم يأت لإلقاء كلمته "أين هو؟.. لقد اختفى. أرجو أن يعود بعد الغداء" مما أثار عاصفة من الضحك.
أما وزير خارجية اليابان الذي طلب تقديم كلمته قبل موعدها لاضطراره للسفر الى بلاده، فإنه تلقى "توبيخاً ديبلوماسياً نادراً" من شيراك لأنه لم يقدم أي مساعدة، فقد قال له: "يبدو لي أن تقوم اليابان بجهود نوعية مثل الدول المشاركة بإعادة اعمار لبنان".
وأما رئيس الوفد الهولندي فقد سمع كلاماً قارصاً فقد قال له شيراك: "بلدكم بلد كريم، فلماذا هذا الموقف". وقد اجابه الوزير الهولندي: "تعرف سيدي الرئيس ان حكومتي مستقيلة ولا أستطيع أن أتقدم حالياً بشيء".
وقد اكتفى شيراك بالقول لسلطانوف الممثل الشخصي للرئيس بوتين بالقول باللغة الروسية التي يجيدها: "باسيبا" أي شكراً، في حين قال لوزير خارجية كندا التي تبرعت بمبلغ 45 مليون دولار متسائلاً "المبلغ بالدولار الأميركي ام الكندي؟"، فردت: "أي حوالي 30 مليون دولار أميركي".
وفي كل مرة كان رئيس وفد يطرق الباب ردّ عليه شيراك بالطريقة نفسها، فعندما استشهد وولفوفيتز رئيس البنك الدولي بالقرآن الكريم فقال الآية: وخلقناكم أمما وقبائل لتتعارفوا"، ردّ شيراك: "ليكن سلام الله على الأرض".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.