8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

باريس: لا اتفاق ولا تطبيع مع دمشق قبل انتخاب الرئيس والتفويض الأميركي حتى 24 الجاري

"المحاسبة". هذه هي كلمة السر الفرنسية اذا لم يتم انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان عشية الرابع والعشرين من هذا الشهر وهو الموعد الأخير للاستحقاق الرئاسي حسب نص الدستور. و"المحاسبة" ستطال الفرقاء الذين سيعطلون الاستحقاق، وهي لن تكون فرنسية فقط وإنما دولية.
هذا هو موقف باريس الرسمي، كما يؤكد مصدر ديبلوماسي فرنسي مهم. ويضيف المصدر: اذا انتهى يوم الجمعة ولم يتم انتخاب رئيس للجمهورية، فإنه سيتم طرح الأسئلة، وسيتم كشف أي طرف ساهم أو عرقل أو تمنع لإنجاز هذا الاستحقاق. ورغم كل التحفظات الديبلوماسية فإن المصدر نفسه يقول: اذا قاطع الرئيس نبيه بري والجنرال عون وحزب الله جلسة الجمعة فإنهم سيتحملون المسؤولية.
مبادرة بعلبك
ويستدرك المصدر الموقف ويقول: طالما أن الرئيس نبيه بري يتابع تحركه فإنه يبقى طرفاً لا يمكن تجاوزه. ويتابع المصدر الفرنسي نفسه ان الرئيس بري لم يعد حتى الآن بفتح أبواب البرلمان لعقد جلسة الانتخابات الرئاسية دون شروط. ولذلك اذا لم تنجح سنقول كل شيء.
وتستغرب باريس العودة إلى وضع العربة أمام الحصان في مسألة الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية. ويقول المصدر الفرنسي، انهم يطرحون الآن مسألة الاتفاق على جملة قضايا وملفات قبل انتخاب رئيس للجمهورية ومن ذلك طبيعة الحكومة والتعيينات في المناصب المهمة والحساسة، علماً ان الرئيس نبيه بري هو الذي طلب حصر المسألة في ملف واحد هو إتمام الاستحقاق الرئاسي عندما طرح مبادرته في بعلبك. ويضيف المصدر بعد الانتخابات الرئاسية يمكن تشكيل حكومة اتحاد وطني والاهتمام بباقي الملفات علماً ان القرار 1701 قابل للتنفيذ، وأن المحكمة الدولية ليست قضية لبنانية داخلية، فالمحكمة أصبحت منذ إقرارها ملفاً دولياً تعني المجتمع الدولي.
يجب أن يستيقظ اللبنانيون صباح السبت في 24 من الشهر ولديهم رئيس للجمهورية. ولذلك فإن باريس التي وضعت لنفسها هذا الهدف اطاراً لمهمتها في لبنان تعمل على ممارسة ضغوط غير مسبوقة على مختلف الأطراف اللبنانية ودمشق لإنجاح المهمة وتحقيق الهدف. وبطبيعة الحال فإن هذه الضغوط ليست فرنسية فقط وإنما هي دولية، تجمع بين أوروبا مجسدة بالدول السبع والعشرين اعضاء الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية معاً.
وهذا الإصرار الفرنسي ـ الدولي على انجاح الاستحقاق إنما يعود لأن سيناريو الفراغ الدستوري مرفوض جملة وتفصيلاً. وهذا السيناريو كما يرى الديبلوماسي الفرنسي لا يمكن التعايش معه، وهو ليس خياراً بالمطلق لأنه سيقود إلى حرب أهلية جديدة لا يعرف أحد كيف ومتى ستنتهي.
وماذا اذا لم يتم انتخاب رئيس للجمهورية؟.
باريس ترى ان على الرئيس اميل لحود المنتهية ولايته رسمياً يوم 24 الجاري "وضع السلطة لدى الرئيس فؤاد السنيورة لأن هذه هي القراءة الوحيدة للدستور اللبناني". ويضيف المصدر الديبلوماسي الفرنسي: "قد تكون هناك اعتراضات سياسية على الشرعية التي يمثلها الرئيس السنيورة لكنه دستورياً شرعي مئة بالمئة".
أسئلة ومخاوف
اصرار باريس على انجاح الاستحقاق الرئاسي في لبنان لا يحول دون طرح جملة من الأسئلة بعضها نابع من خوف حقيقي على مستقبل الاستقلال والسيادة في لبنان. ومن هذه الاسئلة ما هي الصفقة التي عقدتها أو تريد أن تعقدها باريس مع دمشق لضمان مشاركة الأخيرة بإيجابية في إتمام الاستحقاق الرئاسي اللبناني؟ ولماذا أوفد الرئيس نيكولا ساركوزي أمين عام الرئاسة أو "الرجل الظل" كلود غيان والمستشار جان دافيد لافييت إلى دمشق؟ ولماذا استعجل برنار كوشنير وزير الخارجية المجيء إلى بيروت واستدعاء السفير جان كلود كوسران لموافاته بدلاً من التوجه إلى طهران؟.
تكاد باريس تحلف بالطلاق ثلاثاً بأنها لم ولن تعقد أي صفقة مع دمشق حول لبنان ولا حتى ما يتعلق بالتطبيع الشامل بينهما. ويضيف المصدر الديبلوماسي: ان الرئيس ساركوزي وضع كل وزنه وقوته في ميزان المفاوضات عندما أوفد غييان وليفيت إلى دمشق، وذلك لإنجاز هدف واحد وهو التأكد بأن السوريين ما زالوا عند الآلية المتفق عليها لإنجاح الانتخابات الرئاسية والتي تقوم على تقديم اسمين أو حتى اسم واحد إلى جلسة الانتخابات الرئاسية، حتى انهم لم يرفضوا مسألة الاتفاق على اسم واحد. ونحن قلنا لدمشق وكررنا مراراً يجب إتمام الاستحقاق الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية في لبنان قبل تحديد مستقبل العلاقات بيننا وبينكم، وهم قبلوا بذلك، ان الرئيس ساركوزي أراد فقط التأكد من الموقف السوري وأنه لم يتغير.
الخلافات التكتيكية
أما عن مجيء كوشنير إلى لبنان، فإنه عائد إلى ما تبلغه من الموفد كوسران بأن الرئيس نبيه بري والنائب سعد الحريري لم يتوصلا إلى اتفاق يتم من خلاله وضع لائحة باسمين أو حتى ثلاثة مرشحين توافقيين، لطرحها في جلسة الانتخابات.
ماذا عن الولايات المتحدة الأميركية وإلى أي مدى توافق على التحرك الفرنسي وأين تتفق وتختلف معه؟.
يكشف المصدر الديبلوماسي الفرنسي بصراحة طبيعة الموقفين الفرنسي والأميركي حول لبنان فيقول: لقد كان لنا خلافات تكتيكية مع الولايات المتحدة الأميركية، وعندما كنا نتحدث عن انتخاب رئيس توافقي في لبنان، كانوا يرفضون هذه الفكرة. لكن واشنطن (على الأرجح بعد القمة التي عقدها الرئيس جورج بوش مع نظيره الرئيس نيكولا ساركوزي) قبلت ان تعمل بهذا الخيار اي انتخاب رئيس توافقي حتى الثالث والعشرين من هذا الشهر. بعد هذا التاريخ وفي حال عدم نجاحنا فإنه ستتم العودة إلى الخيار التقليدي اي دعم قوى 14 آذار وخياراتها.
تبقى طهران وحقيقة موقفها ويلخص المصدر الديبلوماسي موقفه بقوله: "لا مصلحة لايران في زعزعة استقرار لبنان، لكن أيضاً لا مصلحة لها اذا كان حزب الله بدون سلاح"، وفي هذا التوصيف تكمن مهمة باريس وهي كيفية التوفيق بين الحاجتين الايرانيتين، علماً ان باريس ترى أن لديها ورقة قوية وهي ان طهران اذا كانت تريد بقاء لبنان ورقة استراتيجية بيدها فإن ذلك لا يمكن أن يحصل بدون استقرار لبنان. وعلى طبيعة هذا الاستقرار وضرورته يمكن الضغط على طهران.
هذه هي خلاصة الموقف الفرنسي قبل 36 ساعة من موعد جلسة الاستحقاق الرئاسية، بعدها فإن النتيجة الأولى للفشل تحول لبنان إلى لبنانان وربما أكثر.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00