8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

الرد على اغتيال مغنية يحشر "حزب الله" ودمشق وطهران لأنه قد يُشعل حرباً غير مطلوبة

اغتيال عماد مغنية، حشر "حزب الله" وطهران ودمشق في "خانة اليك". "الحزب" لأنه خسر "قائداً" لن يستطيع تعويضه ولا ملء الفراغ الذي تركه، حتى لو أن "خليفته" قد تسلم المسؤولية قبل أن تشرق الشمس على تشييعه.
خصوصية مسار "الحاج رضوان"، و"الشرعية" التي اكتسبها وثبّتها على مدار ربع قرن من الزمن، لا يمكن "نسخها". هذا وجه للعقدة التي يعيشها "الحزب"، الوجه الآخر لهذه العقدة وهي تتعلق بالمستقبل، وهو كيف سيرد على هذا الاغتيال ومتى وأين؟.
"الحزب" لا يمكنه مطلقاً السير الى الأمام دون مواجهة حقيقية أو بلغة أبسط دون "الثأر". أولاً لأن ذلك من واجبه ومن عاداته. وثانياً لأنه اذا لم يرد، يتحوّل من الاستثنائية الى مسار يراكم فيه الخسارة تلو الخسارة. مشكلة "الحزب" أن التنفيذ خاضع لقدراته وقراره. لكن اتخاذ القرار بالتنفيذ ليس احادياً. طهران ودمشق معنيتان به مباشرة.
الخسارة المشتركة
هذه العلاقة، ليست بسبب الالتزام والتحالف فقط. في هذه الحالة طهران خسرت مع غياب عماد مغنية بقدر ما خسر "الحزب" وربما أكثر. دمشق أيضاً معنية، لأن الاغتيال يتجاوز روابط التحالف.العملية وقعت في قلب دمشق، وفي مربع أمني معروف يجعل مسألة الاختراق الأمني وعلى أعلى المستويات أمراً قائماً لا يمكن استبعاده مهما بلغ عمق العلاقة بين النافي المتعاطف ودمشق، هذا دون استمرار التساؤل العلني المفتوح حول وجود صفقة مستقبلية أم لا.
هذا الواقع الصعب والدقيق، يشكل ممراً اجبارياً للتعاون والتفاهم بين القوى الثلاث قبل أي عمل عسكري، دقة الوضع الذي تمر به المنطقة كلها ترفع الحاجة أيضاً الى قراءة مشتركة لهذه الأطراف حول أي عملية مستقبلية لـ"حزب الله".
السيد حسن نصرالله وضع "إن" شرطية قبل اعلان "الحرب المفتوحة" ضد اسرائيل، لا يمكنه أمام واجب الرد على اغتيال عماد مغنية، سوى الذَهاب في تقديراته لرد الفعل الاسرائيلي والأميركي معاً الى حد البحث في مخاطر اندلاع مواجهة شاملة. واذا كانت المقاومة جاهزة لمواجهة هذا الرد فإن السؤال الكبير هو هل الجبهة الداخلية اللبنانية قادرة على مواجهة هذا الاحتمال، وخصوصاً أن "جراح" حرب 2006 ما زالت مستمرة على البشر والحجر معاً.
ثمن رفض الحرب الأهلية
الأخطر من ذلك، هل يمكن مواجهة العدو الاسرائيلي في وقت واحد مع الانهيار اليومي للجبهة الداخلية الى درجة الوقوف يومياً أمام "مهوار" الحرب الأهلية؟ لا يمكن لبندقية المقاومة ان تواجه العدو الاسرائيلي وظهرها مكشوف داخلياً. فرق كبير ان تكون هذه الجبهة مختلفة حول الحرب كما كانت في العام 2006، ثم تكاتفت، واليوم حيث مواجهات "الجامعة العربية" ومستديرة كنيسة مار مخائيل ورأس النبع تضع ألف سؤال وسؤال حول رد الفعل ودرجة التعاطف وصلابة الالتفاف اذا ما وقعت مثل هذه الحرب الشاملة؟.
طهران لا تريد بأي صورة من الصور، حرباً أهلية في لبنان، حرباً شاملة مع الولايات المتحدة الأميركية وبالتالي فإن أي مواجهة تضعها في مواجهة رد اسرائيلي أو أميركي يحرجها. طهران تعرف جيداً أن اسرائيل ترى فيها خطراً على وجودها، وهي تسعى وتعمل لكي تأخذ واشنطن قرار الضربة لتشارك بها أو حتى تنفذها لتجر فيما بعد الآخرين اليها. المطلوب توافر الشروط اللازمة وتهيئة الرأي العام الأميركي على أساس ان الأمن القومي الأميركي في خطر مباشر. لذلك لا بد لطهران من ان تحيط بكل "خريطة الطريق" لأي عملية تحصل لِئلا تقع مفاجأة جديدة لا تضطر للتعامل معها من موقع الالتزام كما حصل في حرب 12 تموز التي لم تكن ترغب في حصولها كما حصلت واتسعت.
"كيس" الآخرين
دمشق اعتادت المقايضة والقتال من "كيس" غيرها. لذلك اشتعلت الجبهات والساحات وظل الجَوْلان ساكناً. هذا السلوك لا يمكن تغييره بين ليلة وضحاها. المشاركة بالحرب تتطلب احداث تغيير حقيقي في بنية المجتمع قبل الجيوش. و هذا ما لم يحصل حتى اشعار آخر، ولذلك فإن دمشق تريد تبرئة نفسها أولاً، واستيعاب الخرق الذي حصل ثانياً. مشكلة دمشق انها لأول مرة غير قادرة على التهرب من المواجهة، وخصوصاً أنها تكاد تعزل عربياً ودولياً. ربما تكون الحرب منفذاً لدمشق للخروج من هذه العزلة التي تهددها بحصار حقيقي. لكن هذه المرة، ستدفع من "كيسها"، فهل هي مستعدة لذلك وهل تملك الجاهزية. وهل يمكنها فعلاً ضبط ايقاع طهران و"حزب الله" على ايقاعها في هذه الحالة؟
وجود "حزب الله" نابع من حالة الاشتباك الدائمة له مع اسرائيل لأنه زاوج بين العقيدة والدور. "حزب الله" رأس حربة في منظومة واسعة، لا يمكنه الا أن يأخذ في الاعتبار مواقع وحالة واستعداد أطراف هذه المنظومة، ولأن سيناريو رده مفتوح على كل الاحتمالات، فإن مسؤوليته كبيرة أكثر من أي مرة سابقة. مسؤولية "حزب الله" مصيرية أمام ومع طهران ودمشق. ووجودية أمام اللبنانيين.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00