8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

"جند الشام" تعود مع المنظمات الاسلامية لتشعل النار في "عين الحلوة" ضد الفلسطينيين وصيدا والمقاومة

الاشتباك المسلح المحدود في مخيم "عين الحلوة" الجمعة الماضي، انذار خطير للوضع داخل المخيم، وصلت أصداؤه وتردداته وتاليا ردود الفعل عليه وحوله الى موسكو.
هذا الاشتباك "رسالة بالنار"، لم تكتب نهايتها برغم كل بلاغات التهدئة ودوريات "الكفاح المسلح" الفلسطيني. هذه "الرسالة" تعني لبنان مباشرة، لكنها تعني أيضاً المنطقة كلها، لأن فتح الملف الفلسطيني بهذه الطريقة وبهذه الوسائل ومع هذه الأطراف التي أقدامها في المخيم ورؤوسها ممتدة بين دمشق وغزة وصولاً الى "مغارة القاعدة"، يعني أن لا أحد سيخرج من هذا "المغطس" كما هو واضح دون أن يتبلل بالدماء لا بالماء.
منذ انفجار الصراع بين حركة "فتح" والسلطة الفلسطينية من جهة و"حركة حماس" ومن لفّ لفّها من الحركات والمنظمات والتيارات الاسلامية في غزة، والنار كامنة تحت الرَّماد في مخيمات الشتات على الأرض اللبنانية. التحذيرات الكثيرة ومعها التطمينات المنثورة يومياً بأنه يجري تحصين هذه المخيمات ضد انتقال عدوى غزة اليه، طمأنت الكثيرين لكنها لم تنزع الحذر المتبادل. وكانت أحداث "نهر البارد" "كرة النار" التي أحرقت المخيم لكنها في الوقت نفسه اجتاحت أيضاً مجموع المخيمات متحوّلة الى "شبح" لا يريد أحد تكراره. اذ لا رحمة ولا شفقة ولا انقسامَ لبنانيا أمام هذا الخطر الذي تجسد في "فتح الاسلام" وكل متفرعاتها سواء بأسماء حقيقية أو وهمية.
شبح "نهر البارد"
خطورة ما حصل في "عين الحلوة"، ان الاشتباك المحدود كشف عن تحالفات طارئة بعضها مفاجئ. ولعل أخطر ما فيه وحده السلاح التي انكشف بين أدعياء تحرير فلسطين باسم الاسلام. ومن ذلك ان "جند الشام" الذين حسم أمرهم ولم يعودوا موجودين وإذ بهم يظهرون، ويتبين انهم كانوا لاجئين تحت عباءة "عصبة الأنصار"، ينتظرون عودتهم بالاتفاق مع منظمات سارعت فعلاً لمؤازرتهم ومنها "الحركة الاسلامية" التي يتزعمها جمال خطاب شقيق حسين خطاب الهارب من العدالة لاتهامه بالمشاركة في اغتيال الشقيقين في حركة "الجهاد" محمود ونضال المجذوب".
جديد كل هذه "الخريطة" من المنظمات المتحالفة ان سبب الاشتباك يُعزى الى اعتقال "حركة فتح" الهارب من العدالة حسام معروف المسؤول البارز في "جند الشام" والعضو السابق في الجبهة الشعبية ­ القيادة العامة، والأهم من كل ذلك ان شقيقه ليس الا جهاد معروف مسؤول تنظيم القيادة العامة في مخيم عين الحلوة. هذا جزء من معالم خريطة هذه التحالفات، ولا شك في ان الأيام المقبلة ستتكفل وتكشف مزيداً منها.
تسليم حسام معروف الى الجيش اللبناني، أثار الخوف لدى هذه المنظمات والحركات التي تتحرك من أجل كل شيء الا تحرير فلسطين وحماية الشعب الفلسطيني داخل المخيمات. ولذا فإن القلق من عمليات أخرى أثار تضامن وتكافل هذه المنظمات ضد "حركة فتح". بالمبدأ هذا صحيح لكن في الواقع فإن هذا ليس الا "عباءة" "لإخفاء بشاعة أهدافها.
لا أحد يريد أن يتحول مخيم "عين الحلوة" الى "نهر بارد" آخر. أولاً لأن الشعب الفلسطيني في المخيم لا يستحق هذه المأساة، وثانياً لأن ذلك يفتح "نهراً من النار" في المنطقة. فالمخيم هو اكثف السكان تعداداً (نحو ستين ألف نسمة) وهو متداخل مع صيدا جغرافياً وسكانياً، ومعنى ذلك ان النار ستكون في قلب صيدا وليس على أطرافها كما حصل في الشَمَال. الأخطر ان معركة واسعة بالأسلحة المختلفة، تعرض التنقل من وإلى الجنوب لاخطار كبيرة، تطال حكماً تحركات المقاومة شمال الليطاني على الأقل. وبذلك فان مثل هذا الاشتباك يعني "حزب الله" حكماً، فمن يريد من هذه "المنظمات الإسلامية" ـ كما تعني اسماءها ـ جر المقاومة والحزب إلى مأزِق كهذا، الصمت عليه مشكلة ومواجهته مشكلة أكبر وأخطر وأعقد خصوصاً إذا ما جرى ذلك كله على وقع تصعيد "العرقنة" المذهبية؟
موسكو وتطبيق القرار 1701
الحذر إذن واجب، ليس خوفاً من النار الكامنة تحت الرماد ولكن الأهم من خطر هذا المزيج بين فلسطين ولبنان والمقاومة والمذهبية. ولذا يجب التعامل مع حوادث "عين الحلوة" بكثير من الدقّة في الحسابات لأنه لو بلغت نسبة الخطأ واحدا في المليون فإن الكارثة ستتجاوز بأضرارها الملايين.
المفاجئ في كل ما حصل حتى الآن أن موسكو كانت الطرف الخارجي الذي سارع فوراً للتحذير من عواقب حوادث "عين الحلوة".
والمفاجأة الأكبر في الموقف الروسي انه جاء رسمياً لا يمكن المناورة على مضمونه، ذلك أن الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية ميخائيل كامينين هو الذي أعلن موقف بلاده رابطاً الحدث نفسه والأزمة اللبنانية بكل أبعادها ومن ذلك.
* "أن حركة التمرد في نهر البارد ما زالت عالقة في الذاكرة.
* أن صدامات عين الحلوة تزيد الوضع تعقيداً في ظل الأزمة السياسية المتواصلة في لبنان".
* التحذير من ان هذه الحوادث "قد تؤدي إلى نزاع مفتوح يصعب التكهن بتداعياته على لبنان والمنطقة".
* أن موسكو تدعو بحزم إلى التطبيق الإلتزامي لبنود القرار الدولي 1701 وقرارات مجلس الأمن الاخرى التي تحظر تزويد المنظمات غير النظامية فوق الأراضي اللبنانية بالأسلحة".
* ان موسكو دعمت وتدعم النظام الدستوري في لبنان ومؤسساته الشرعية وسيادة هذا البلد الصديق واستقلاله".
مجرد قراءة بنود هذا التصريح الذي يأتي أيضاً على أبواب انعقاد القمة العربية في دمشق، لا بد أن يجد فيه "رسالة" واضحة العنوان والمضمون تعني دمشق نفسها. وبدون أي مبالغة تشكل تحولاً جذرياً في الموقف الروسي خصوصاً التشديد على التطبيق الحرفي للقرار 1701 وبنده المتعلق بتزويد المنظمات بالسلاح. وفي هذا كله عودة إلى مستقبل ملف السلاح الفلسطيني في لبنان داخل المخيمات وخارجها والحلول المطروحة حوله.
الخطر الكامن في "عين الحلوة" أكثر من جدي. وهو من دون تردد يطرح عدة ملفات في ملف واحد هو مَنْ سيهيمن على القرار في هذا المخيم الضخم، في زمن الصراع المفتوح بين "فتح و"حماس" وبين رام الله وغزّة؟
"عين الحلوة" حمراء. النار انِ اشتعلت في المخيم فلن يتم حصرها كما حصل في "نهر البارد". فهل يسمح الفلسطينيون وتحديداً حركتي "فتح" و"حماس" للآخرين بنحرهم وتحويلهم إلى "كبش فداء" في "سوق المقايضات"؟.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00