8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

ستّون عاماً من الحروب والزلازل

مبروك للبنان وللبنانيين بالعيدين، عيد التحرير، وعيد انتهاء الفراغ وانتخاب رئيس للجمهورية هو العماد ميشال سليمان. التحرير أعاد الجزء الأساسي والكبير من الأرض المحتلة، انتخاب الرئيس، أخرج لبنان من قلب دائرة نار الحرب الأهلية.
اللبنانيون بجميع انتماءاتهم وشرائحهم وطوائفهم، يرحبون ويدعمون هذه الهدنة التي فرضها "صلح الدوحة"، ويتمنون أن تكون طويلة وطويلة حتى يأتي الحل الشامل. هذا الحل الذي لا بد أن تكون "مرساته" في فلسطين أم "كل الصراعات والنزاعات في منطقة الشرق الأوسط" أساساً وعلى طول "قوس الأزمات" الإسلامي.
الحل الذي جرى التوافق عليه لبنانياً تحت المظلة العربية والاقليمية والدولية "يجدد الأمل" لدى اللبنانيين، لكنه لا يطمئن الى مستقبل يخرج لبنان كله عن "خط الزلازل" الذي يضربه كل فترة، والذي "أضاع" الكثير من أعمار اللبنانيين سواء كانوا في قلب النار أو على أطرافها، يعزف القلق يومياً على أوتار أعصابهم. جردة بسيطة تؤكد كم ضاع من عمر كل الأجيال التي ولدت مع الاستقلال وباقي الأجيال التي لم يفتها الصعود في "القطار".
* عام 1948 وقعت النكبة في فلسطين، فأسست لكل الصراعات والنزاعات.
* 1958 لم يكد الجيل الذي ولد مع الاستقلال، يفتح عينيه على الحياة حتى عرفها على وقع الرصاص والقنابل في ثورة 58، التي انتهت بانتخاب الرئيس فؤاد شهاب بتوافق مصري ­ أميركي.
* 1989 وقع الاعتداء الإسرائيلي على مطار بيروت المدني، فشكل صفحة أخلّت بتوازن جيل كامل يستعد للدخول الى الحياة، فأطلق شرارة كل النقاشات السياسية التي انتجت نشوء أحزاب يسارية معروفة، والأهم الى طرح مسألة اللجوء الى البندقية بمواجهة هذه الغطرسة الإسرائيلية، فكان ذلك بوابة للعبور الأولى نحو المقاومة التي كانت قد تشكلت مع إرهاصات المقاومة الفلسطينية الوافدة الى بيروت والجنوب.
* 1969 وقعت مظاهرة 23 نيسان وصدامها الكبير في ساحة مستشفى البربير، كما كانت تعرف، فسقط شهداء وفتحوا بدمائهم الطريق نحو اتفاق القاهرة وإقامة "فتح لاند" وما أدى ذلك الى نشوء "دولة" فلسطينية ضمن الدولة اللبنانية، وكانت إشارة نارية لبدء حركة رفض من أطراف لبنانية سرعان ما ترجمت رفضها في تشكيل قوى مسلحة، تعارض هذا الوجود الفلسطيني المسلح.
* 1970 توفي جمال عبد الناصر، فتغيرت معادلات كثيرة في المنطقة كان قادراً على ضبطها والتعامل معها من خلال مصر صاحبة الدور وحاملة راية القومية العربية.
* 1970 ­ 1973 بداية المناوشات فالاشتباكات بين الفلسطينيين والجيش اللبناني، ما أنتج تشكل بؤر داخل الجيش بين مؤيد ومعارض سرعان ما التحم وتداخل مع مواقف القوى والأحزاب التي فرزت نفسها على جبهتين.
* 1975 وقعت حادثة بوسطة عين الرمانة في 13 نيسان فكانت الجولة الأولى من الحرب الأهلية التي تعددت جولاتها فأغرقت اللبنانيين في بحار من المآسي والمجازر والخطف والخطف المضاد.
* 1976 انتشار قوات الردع العربية والتمهيد لانفراد القوات السورية بالمهمة والتأسيس للنظام الأمني والسياسي الذي سقط عام 2005.
* 1978 وقع الاجتياح الإسرائيلي الكبير الذي فرض إقامة الشريط الحدودي ودولة الجنرال لحد. وشكل ذلك كله تعزيزاً لبناء المقاومة الوطنية التي كان الحزب الشيوعي اللبناني قد أطلق شرارتها تحت اسم الأنصار بين عامي 1969 و1971.
* 1977 اتفاق كامب دايفيد بين مصر وإسرائيل الذي أخرج مصر من معادلة الحرب تاركة للغرب همّ التحرير والاستسلام للتهدئة.
* 1979 وقعت الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني والتي أحدثت "زلزالاً" ما زالت "زلازله" الارتدادية مستمرة في المنطقة.
* 1980 اشتعال الحرب الإيرانية ­ العراقية التي أدخلت المنطقة كلها في نفق ما زال مسدوداً حتى الآن، لأن استتباعاته لم تنته.
* 1982 اجتياح إسرائيل لبنان وبيروت وما خلفه من شعور بالمهانة والضعف خصوصاً وأنه ترافق مع عجز عربي كامل، ما أعطى زخماً للمقاومة المؤسسة وبذلك أصبحت هي الحل الوحيد خصوصاً في ظل تجربة المقاومة العظيمة في بيروت.
ويمكن الحديث كثيراً عن كل أحداث السنوات الصعبة وحتى الكابوسية على كل اللبنانيين والفلسطينيين خصوصاً مع مجزرة صبرا وشاتيلا و"حرب المخيمات" وموجات الخطف الواسعة و"حرب العلمين" و6 شباط و"حرب التحرير" إلخ..
* 1990 غزا العراق الكويت في 2 آب. فوقعت الكارثة الكبرى التي ما زال العرب وخصوصاً العراق يدفعون ثمنها حتى الآن وربما لأجيال قادمة.
* 1991 "عاصفة الصحراء" التي اجتمع فيها العالم كله لتحرير الكويت. وكان أن أخذت دمشق ثمناً لمشاركتها تثبيت وجودها العسكري والأمني في لبنان.
* 1996 الهجوم الإسرائيلي على الجنوب ووقوع مجزرة قانا التي فرض لبنان على اثرها وبجهود ضخمة من الرئيس الشهيد رفيق الحريري اتفاق نيسان الذي شرّع المقاومة دولياً.
* 2000 ­ 25 أيار وقع التحرير بعد مقاومة بطولية وشرسة وتضحيات جمّة بذلها اللبنانيون بعد أن توحدت المقاومة على يد "حزب الله".
* 2001 ­ 11 أيلول وأحداث نيويورك التي أشعلت الحرب العالمية الثالثة.
* 2003 الغزو الأميركي للعراق وإسقاط نظام الرئيس صدام حسين ومن ثم إعدامه، ومن ثم سقوط العراق كلها في مستنقع دموي موزع بين المقاومة والإرهاب وانزلاق الولايات المتحدة الأميركية إلى هذا المستنقع الذي تحاول جاهدة للخروج منه.
* 2005 ­ 14 شباط "زلزال" اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وباقي الشهداء الذين اغتيلوا في مسلسل طويل بعد الانسحاب السوري من لبنان وانتهاء النظام الأمني والسياسي السوري ـ اللبناني.
* 2006 ­ حرب تموز، العام الذي صمدت خلالها المقاومة 33 يوماً، مسجلة صفحات من البطولة أفرزت معادلات جديدة في المنطقة.
* 2007 الانزلاق نحو الداخل وإقامة "مخيم" رياض الصلح ونشوء الفراغ في الرئاسة مما وضع لبنان كله على حافة الحرب الأهلية الدامية.
* 2008 التقدم نصف خطوة نحو الحرب الأهلية بعد الهجوم المسلح على بيروت والجبل تحت "غطاء" القرارين الوزاريين المتعلقين بشبكة الاتصالات والعميد وفيق شقير.
هذا هو شريط كل لبناني ولد منذ الاستقلال حتى اليوم، وطبعاً وبتفاوت حسب يوم الولادة لكل الأجيال التي ولدت على توقيت شبه ثابت، وكل عشر سنوات حرب جديدة أو زلزال كبير وبعده "زلازل ارتدادية" لا ترحم، هذا من دون الدخول في تفاصيل أحداث عربية وعالمية مثل ثورة الجزائر وحرب فيتنام وغيرهما.
أما آن للبناني أن يرتاح ويعيش قليلاً فلا يخوّن إذا طالب بذلك؟

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00