23 آب 2019 | 00:00

كتب بول شاوول

زمن المنجّمين!

زمن المنجّمين!

 



قبل أن يتوجّه الرئيس الحريري إلى الولايات المتّحدة راح العديد من المنجّمين والمتنبّئين يعلّقون على مضمون الزيارة مع كبار المسؤولين الأميركيين.. ماذا سيقول الحريري لهم وبما سيجيبونه. كيف سيتصرف أثناء الحوار كيف سيتصرف مثلاً بومبيو. بل بل استلحق بعض هؤلاء العباقرة توقعاته المبنية على المعلومات والمعطيات المتعلقة بنتائج اللقاءات، وكيف أن الحريري لن يحقق أي نجاح بل عمدوا إلى القول: إن الحريري سيخضع لإملاءات أميركا.


 



هذا كله ولمّا يزل الحريري في لبنان وقبل أن يستقل طائرة الذهاب. رائعةٌ هذه المستويات السياسية والصحفية عند هؤلاء. والأروع أنها استكملت وظيفتها أثناء اجتماعات الحريري مع المسؤولين الأميركيين وراحت تُحلل الحوارات والنقاشات التي تمت بين الفريقين حتى قبل نهاية الاجتماعات. أي قبل إعلان أو تسرُّب أي معلوماتٍ عنها، أي قبل أن يعلن مثلاً بومبيو والحريري في ختام جلستهما ما اتفقا عليه أو اختلفا حوله، وكله جاء مناقضاً لتمنيات وهلوسات هؤلاء العباقرة الذين يمارسون بمهنية عالية الصحافة والسياسة.


لكن جاءت بعد ذلك مرحلة الاستنتاجات، والاستقراءات، والاستخلاصات المنطقية التحليلية الاقتصادية وحتى الوطنية.. فمن خلال كل المصادر والمعلومات التي أكدت نجاح الحريري وتفسير أسباب نجاحه، هاهي الوسائل الإعلامية والسياسية بفطاحلها تستقبله وكأنه ذهب إلى أميركا وعاد من دون أن يُحقق شيئاً، وإذا حقق شيئاً ما، فهو الخضوع لمواقف الأميركان ضد مصلحة لبنان وضد ترسيم الحدود وضد منع تطبيق العقوبات على حزب القديسين والأولياء.


أكثر، راح هؤلاء يتحدثون عن حوارٍ تحت الطاولة مع الأميركيين وخلف الكواليس واتفاقاتٍ سرّية توافق طبعاً عليها اسرائيل. فإسرائيل شمّاعة يعلّقون عليها كل موبقاتهم وعمالتهم. إذاً، دخلنا في مرحلة الفضائح، بل ربما إهدار مصلحة الوطن والحدود والسيادة... والحملة تتصاعد ليُدركوا هؤلاء الاستراتيجية الدفاعية باعتبار أن الحريري ناقشها وكأنها مؤامرة على حزب إيران. ولا ننسى أن هؤلاء الذين ارتضعوا الحرية من أفواه أعدائها هللوا لخطب أمينهم العام بمحور المقاومة والممانعة وسموهم "سوريا الأسد" التي تخضع لخمسة احتلالات أجنبية إسرائيلية إيرانية (وما أجمل الاحتلال الإيراني)، وروسيا تركيا وأميركية واحتلال سادس يتجسد بما تبقى من نظام الأسد الذي بات احتلالاً لسوريا.


إذاً، من قبر شمون إلى الولايات المتحدة فإلى اجتماعات الحكومة بعد تعطيلها عدة أشهر. حلقات واحدة وانتهاك واحد للدولة، والقضاء والقانون.


عاد الحريري، وعندما يعود، يتنسم الناس أن جزءاً من الدولة عاد معه، وأن جزءاً من الحياة السياسية عاد معه، بل وأن بصيصاً من الأمل عاد معه...




 


يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

23 آب 2019 00:00