8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

واشنطن تغيّر استراتيجيتها في افغانستان وباكستان لمنع اجتياح الطالبان إسلام آباد

ستبقى أعين الرئيس الأميركي باراك اوباما وإدارته مفتوحة على تطورات الوضع الميداني والسياسي في افغانستان وباكستان، حتى وهو يستقبل بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي في البيت الأبيض. الشرق الأوسط مهم جداً. حل النزاع العربي ـ الإسرائيلي مهم جداً من أجل استتباب الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة والعالم. حالياً، لا يتقدم على الوضع في افغانستان وباكستان أي ملف أو تطور آخر، بالنسبة لواشنطن والغرب عامة.
القنابل الموقوتة والمتفجرة
النزاع العربي ـ الإسرائيلي يبقى قنبلة موقوتة، لا يعرف أحد ساعة توقيتها. لكن حالياً لا توجد حرب، ولا في الأفق امكانية وقوع حرب سواء شاملة أو محدودة، في حين ان باكستان أرض تشتعل مليئة بالقنابل النووية، التي لا يعرف أحد بالتحديد امكانية تجنب وقوع مفاتيحها أو بعضها بيد مجانين الطالبان وحلفائهم من القاعدة. لذلك الحرب في افغانستان هي حرب دولية. وتطورات الوضع في باكستان همّ دولي، لأنها تحمل في طياتها أخطاراً وجودية وليس مجرد أخطار دامية موقتة.
أمام ذلك كله، سقطت كل الخطوط الحمر لمعالجة هذا الملف الخطر والخطير جداً. واشنطن التي لم يتم استبعاد قائد جبهة فيها منذ حالة الجنرال ماك ارثر في الحرب العالمية الثانية، قامت به أمام تدهور الوضع في افغانستان الذي أنتج تراجعاً عسكرياً للقوات الاميركية وحلفائها وتقدم الطالبان وضمناً القاعدة معهم. تغيير الجنرال دايفيد ماكريتان بالجنرال ستاني ماكريستال القائد السابق لقوات النخبة، التي اختصاصها العمليات الخاصة، يعني تغييراً في الاستراتيجية العسكرية في مواجهة الطالبان. ما حصل ليس أمراً عادياً. تغيير الاستراتيجية والقائد في أثناء المعركة هو تغيير استثنائي لأنه مثل ابعاد قبطان سفينة في أعالي البحار. رغم ذلك، فعلها اوباما.
خريطة طريق جديدة
هذا التغيير في القمة العسكرية ومؤشراته على الاستراتيجية، يعني كسر باقي الخطوط الحمر، خصوصاً السياسية منها. من أولى مظاهر هذا كله،ان واشنطن تعيد رسم خريطة طريق سياسية للتعامل مع هذه الأخطار. الحرب في مواجهة الطالبان والقاعدة، ليست عسكرية فقط. المهمة الاولى هي منع انهيار باكستان أمام الطالبان الباكستانيين والقاعدة. أبرز معالم خريطة الطريق، الاعتراف بضرورة التعاون الكامل مع دول الجوار والمعنية بالأوضاع في افغانستان وباكستان، أي التعاون الوثيق مع: روسيا والصين والهند وايران ودول الخليج العربي والاتحاد الأوروبي.
ما يدفع إلى هذا التحول العميق ان ما يمكن بناؤه في افغانستان في أشهر، قابل للدمار في لحظات في باكستان. مركز الخطر في باكستان، لأن الوقت لا يلعب لصالح الجيش الباكستاني، خصوصاً وان جزءاً منه خاصة المخابرات العسكرية مخترق من الطالبان. لا بل ان هذا الاختراق يصل إلى درجة التعاون الحقيقي والوثيق. الخطة الأساسية الآن هي في تخفيف قوة طالبان افغانستان من خلال الحؤول دون استخدامهم للعمق البشتوني، انطلاقاً من وادي سوات (البشتون الأفغان أكثر من خمسين بالمئة، و15 بالمئة من الباكستانيين بشتون).
الجديد ليس في تعاون واشنطن مع الهند وموسكو وبكين ودول الاتحاد الأوروبي، الجديد هو الكلام الجدي والحقيقي عن التعاون مع طهران. حالياً تعترف واشنطن ـ اوباما بأن الجيش الاميركي تعاون تعاوناً وثيقاً مع الايرانيين عام 2001، عندما أسقط الأميركيون الطالبان حتى لا يشكل هذا التعاون الجديد انقلاباً يصدم الأميركيين. من الطبيعي إذاً ان يجري التعاون مع طهران حالياً لتحقيق الهدف المشترك لهما وهو إلحاق الهزيمة من جديد بـالطالبان، خصوصاً وأن ضبط خطر الطالبان الافغاني بالنسبة للايرانيين ممكن، لكن إذا تمدد هذا الخطر واجتاح باكستان، فإن دول المنطقة وأولها إيران تصبح في خطر. باكستان دولة حقيقية، وليست مجرد ضاحية جغرافية وسياسية لايران. طهران تعرف ان أقلية بشتونية ايرانية على الحدود مع باكستان، تصبح رأس حربة ضدها سواء ضمن مشروع بلوشستان الكبرى أو ضمن المخطط الاميركي القديم والممكن تجديده والعروف بـالحرب الناعمة.
الحاجات المتبادلة
هذه الحاجة الاميركية المبنية أيضاً على حاجة ايرانية، تعزز انفتاح واشنطن على طهران. قاعدة هذا الانفتاح والتفاهم،كما يرى السيناتور جون كيري الأقرب إلى أوباما:
وضع ترتيبات أمنية ضد انتشار الطالبانية.
وضع ترتيبات أمنية ضد تصدير المخدرات، علماً ان افغانستان تنتج وتصدر تسعين بالمئة من الهيرويين المصنع من الافيون من الانتاج العالمي.
العمل لتحقيق الاستقرار الاقليمي.
البند الثالث هو الأهم، لأنه يحكى عن ترتيبات أمنية اقليمية ستكون طهران شريكة مباشرة فيها. وهذه الشراكة الموعودة تأتي بعد التزام اوباما علناً بعدم العمل لإسقاط النظام في طهران الذي طالما عملت واشنطن من أجل تحقيقه طوال ثلاثة عقود.
إلى جانب كل ذلك، فإن جون كيري يعمل على دغدغة ايران، من خلال الملف النووي العزيز على قلبها، والذي بلا شك انه ملف قومي يعني الايرانيين كلهم. ولذلك فإنّ كيري يعلن ضمناً استعداد واشنطن لقبول مبدأ حق ايران بالتخصيب، أي تشريع مطالبتها بهذا الحق من خلال اجراء ترتيبات آمنة تقوم على فهم واضح حول كيفية المضي إلى الأمام لتطوير التنمية النووية مع التزام احترامها بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.
هل يعني ذلك التوصل إلى صفقة أميركية ـ إيرانية؟
يقول الرئيس التركي عبدالله غول ان الكثير يجب عمله قبل الوصول إلى هذه الصفقة التي لا بد أن تشكل تحولاً استراتيجياً عميقاً في منطقة الشرق الأوسط وجوارها. بانتظار ما سيحصل، يجب المتابعة والملاحقة بهدوء وتصميم، خصوصاً انه متى وقعت الصفقة فإنه ستتم معرفة طبيعة الوكالات التي ستأخذها طهران، هل هي وكالات عامة وأين؟ ومحدودة وأين؟ ومشروطة وأين؟ وخاصة وأين؟
يبقى أين نحن من كل ذلك؟.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00