8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

حركة فتح الموحدة والقوية والمعتدلة تثبّت السلم الأهلي الفلسطيني واللبناني

بيت فتح لم يعد منقسماً على نفسه، المؤتمر السادس للحركة فوق أرض فلسطين، استثنائي فلسطينياً بجميع المقاييس. ليس سهلاً أن ينعقد المؤتمر بعد عشرين عاماً من الانقطاع وفي ظل غياب قيادته التاريخية باسم عرفات، وينجح، وأيضاً أن العقدين الماضيين شهدا محطات مفصلية في تاريخ القضية الفلسطينية أبرزها: اتفاقات أوسلو وعودة الشهيد أبو عمار الى الداخل وزرعه العلم الفلسطيني على طريق قيام الدولة الفلسطينية فوق أرض فلسطين، مهما كان الأمر قاسياً أن تبقى السيادة على الأرض منقوصة وفي ظل الاحتلال الاسرائيلي.
فشلت كل الرهانات على انتهاء حركة فتح وتحولها الى قبائل فتحاوية، بذلك خسر المراهنون على سقوط فتح سواء لأنهم يرفضونها تاريخياً أو لأنهم يريدون وراثتها فاستعجلوا كل شيء، ولم يحصلوا على شيء. لم يكن المؤتمر مثالياً ولا حتى بريئاً في طريقة الإعداد له. لكن المؤتمرين الذين اجتمعوا تفوقوا على أنفسهم في كثير من القضايا فتجاوزوا العديد من القنابل الموقوتة التي كانت مزروعة أمامهم.
انتهاء الحرس القديم، سواء بإرادته أو بالانتخابات، رغم تاريخية بعضهم وأبرزهم هاني الحسن وصخر حبش، بدا ضرورياً لكي تدخل حركة فتح عصراً جديداً يجمع بين التزامات اتفاقات أوسلو والنضال من أجل قيام الدولة الفلسطينية. كما ان القيادة الشابة الجديدة التي أخذت المسؤولية عملياً لم تأتِ من الفراغ: معظم أعضاء هذه القيادة هم من أبناء الداخل أو الذين امتزجوا بأرض الداخل منذ عودتهم مع الختيار. ايضاً جميعهم صهروا في مصهر المسؤوليات السياسية والعسكرية والأمنية. هذه الخبرات ضرورية للمرحلة المقبلة.
بهذا المؤتمر وبهذه القيادة الجديدة دون الدخول حالياً في تفاصيلها، جرت عملية اعادة بلورة تيار مركزي، مهما كان يحمل الكثير من المتناقضات خصوصاً على صعيد الطموحات المتنافسة، يدعم سياسة متكاملة تجمع بين التفاوض والمقاومة بكل أشكالها، مما يعني عملياً عدم استثناء الكفاح المسلح الذي مهما بدا تنفيذه صعباً الا ان بقاءه شعاراً يشكل مبادرة وفاء للختيار الشهيد ياسر عرفات و كل رفاقه واخوته من أبو جهاد الى أبو اياد مروراً بباقي كل القادة الشهداء.
المهم ان للمقاومة ألف طريق وطريق، والشعب الفلسطيني قادر دائماً على استنباط الطريقة التي تبقيه على طريق تحرير فلسطين.
حزب السلطة وجبهة التحرير الجزائرية
وحدة حركة فتح تعيد فتح الى واجهة العمل الفلسطيني وقيادته مع الأخذ الواقعي وغير المتردد لكل دروس المرحلة الماضية على جميع الأصعدة وجميع التوجهات والجهود السياسية والتنظيمية. بين أولى الدروس التي يجب العمل بها بعد اعادة بناء حركة فتح من جديد، العمل المتوازي في اعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس جديدة تأخذ بالاعتبار كل التطورات التي حصلت في العقدين الماضيين وبشفافية كاملة.
استعادة فتح لعافيتها بدأت بخطوة ناجحة على طريق الألف ميل. أمام القيادة الجديدة الكثير من العمل والجهد لإعادة بناء الساحة الفلسطينية. هذا المؤتمر وجّه رسائل جادة وحادة وقوية:
[ الأولى الى اسرائيل، بأنه ليس صحيحاً انه لا توجد قيادة للفلسطينيين ليتم التفاوض معها. الكرة الآن في الملعب الاسرائيلي. أيضاً اسرائيل أمام تحدّ حقيقي: هل تريد التعامل مع قيادة معتدلة لا تطلب المستحيل، أم أنها تريد تشجيع التطرف لأنها متطرفة لتشرّع بذلك رفضها للسلام والاعتراف بالشعب الفلسطيني؟.
[ الثانية هي للرئيس الأميركي باراك أوباما. تقول بأن القيادة الجديدة لـفتح مستعدة للتعامل مع أي مبادرة حقيقية وجدية لتحقيق السلام على أساس قيام الدولة الفلسطينية الى جانب اسرائيل. بهذا أصبحت الكرة أيضاً في ملعب الادارة الأميركية.
[ الثالثة في مواجهة حركة حماس. لقد فشلت حماس في نسف هذا المؤتمر، وفي الابقاء على تشتيت فتح بين الضفة وغزة التي تحكمها، بكل التطرف الحمساوي الى درجة العمل على طلبنة المجتمع الفلسطيني والعمل لإقرار صيغة جدية أيضاً للتعامل مع حركة فتح المتجددة.
[ الرابعة موجهة بطريقة غير مباشرة الى طهران ودمشق، بأن عليهما أن يتخذا بعين الاعتبار حركة فتح في كل حساباتهما. حماس والجهاد وبعض المنظمات الأخرى، من الممكن التعامل معها والتحالف معها، لكن لا يمكن بناء علاقة صحية مع الشعب الفلسطيني دون التعامل مع فتح مباشرة، خصوصاً وانها تنحو ـ نحو أخذ المسار الذي أخذته جبهة التحرير الجزائرية في الجزائر التي تحولت من جبهة للتحرير الى حزب للسلطة، مع أخذ خصوصيات الحالتين الجزائرية والفلسطينية بعين الاعتبار.
لا شك ان لبنان هو المستفيد الأول من هذا التحوّل. ضعف حركة فتح طوال العقدين الماضيين داخل مخيمات الشتات المنتشرة في لبنان، سمح للتطرف تحت مختلف التسميات التمدد وتهديد السلم الأهلي الفلسطيني واللبناني. القيادة المنتخبة لحركة فتح الجديدة قادرة على الامساك بقوة بأرض المخيمات. كلما نجحت في ذلك ساعدت الشعب الفلسطيني من جهة والشعب اللبناني من جهة أخرى.
لبنان بدوره مدعو للأخذ بعين الاعتبار هذا التحول، والتعامل معه بجدية وشفافية. الخطوة الأساسية في كل ذلك اعطاء الفلسطينيين ما لهم من حقوق خصوصاً على الصعيد المدني، ليقدموا مقابل ذلك ما هو مطلوب منهم أي ازالة السلاح خارج المخيمات، وإعادة تنظيم السلاح الفلسطيني داخل المخيمات.
() مع نجاح هذا المؤتمر، تحية الى الشهيد كمال ناجي.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00