8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

التعاون الأمني في العراق وكسر التحالف السوري ـ الايراني وحماية استقلال لبنان هدف واشنطن من المباحثات مع دمشق

ماذا سيعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما من على منصة الأمم المتحدة في 24 أيلول، بما يتعلق بمستقبل العلاقات مع الجمهورية الاسلامية في ايران وسوريا؟. الخيار ليس بين الحرب والسلام. خيار أوباما محصور بين الحوار المفتوح وتنفيذ سياسة الاحتواء الفعلي والمشدد.
سياسة بوش الفاشلة
بالمبدأ، أوباما مصمم على سياسة الحوار، لأن سياسة العزل البوشية فشلت. الادارة الأوبامية ومعها الحكومات الأوروبية تعرف جيداً انه لا يكفي الاعلان عن الحوار منهجاً للعلاقات حتى ينطلق القطار. المطلوب والملحّ معاً، أن يكون الطرف المواجه مستعداً للصعود في العربة نفسها. دمشق بدأت بالحوار وهي تستقبل الوفود الأميركية العسكرية والأمنية معاً.
المشكلة حالياً مع طهران. السؤال الكبير كيف ستردّ على قرع الادارة الأوبامية على بابها قبل 24 أيلول وليس بعده.
ثانياً، ان الوقت ليس مفتوحاً أمام الجميع. اللعب على الوقت ليس مسموحاً ولا ممكناً. أمام أوباما أجندة لا يمكنه الخروج منها ولا التعامل خارجها. اي تردد من جانبه، يضعفه داخلياً وخارجياً معاً.
فوز أحمدي نجاد بالرئاسة بالطريقة التي فاز بها أضفى مزيداً من التعقيد على خيارات أوباما. لذلك فإن أوباما، المصمم على الحوار آلية لإدارته، يبدو خياراً صعباً عليه فرض منهج الاحتواء بما يشبه السياسة نفسها التي اعتمدتها الولايات المتحدة الأميركية ضد الاتحاد السوفياتي.
التحدي أمام أوباما، كما يقول أبرز الخبراء في مؤسسة راند، ان سياسة الاحتواء تحظى بدعم مزدوج من الجمهوريين والديموقراطيين في الكونغرس.
يعترف الخبراء أنفسهم ان النفوذ الايراني تصاعد كثيراً في المنطقة بعد سقوط نظام الرئيس صدام حسين. ورغم ان هذا يثير مخاوف الكثير من الدول العربية، إلا ان اقامة جبهة عربية واسعة ضد ايران قد فشلت حتى الآن. أمام هذا فإن الانخراط في محادثات ثنائية مباشرة يجب أن تتم حول عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وهي تبدأ في العراق وأفغانستان وتنتهي ببناء الثقة في المجال البحري (مضيق هرمز) مروراً بمواجهة التطرف الاسلامي والاتجار بالمخدرات واللاجئين.
مشكلة كبيرة تواجه نهج الحوار بين واشنطن وطهران وهي بناء جسور الثقة بينهما. من الصعب جداً الجلوس الى طاولة المفاوضات والثقة المتبادلة مفقودة. هذه العملية معقدة جداً خصوصاً وأن الطرف الايراني يشك بالمطلق بالنوايا الأميركية نحوه.
ومن المبادرات المطروحة بهذا الخصوص التسريع في التعاون بمجالات الأمن القومي، ولذلك يمكن أن يعقد مؤتمر اقليمي يضم الدول الرئيسية في المنطقة أي أعضاء مجلس التعاون الخليجي ومصر وإيران والعراق والأردن ولبنان وسوريا والدول المؤثرة مثل الصين والاتحاد الأوروبي وروسيا وتركيا.
من الواضح ان واشنطن تقدم الكثير من المغريات لطهران لكي لا تخوض حرب باردة اقليمية، خصوصاً هذا القلق جدي، لكن واشنطن وهي تستعرض كل ذلك، تريد أن تعمل على وضع منظور يقوم على صياغة هيكل جديد للأمن الاقليمي، الهدف منه المحافظة على استمرار دعم وتعزيز قدرات الردع للقوى الاقليمية المعتدلة.
هذا التصور يستبعد قياسه على منظمات الأمن الجماعي مثل الحلف الأطلسي، وانما يكون على غرار مؤسسات مثل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، أو المنتدى الاقليمي لتجمع دول جنوب شرق آسيا (آسيان).
كل قطعة بثمنها
درس الخيارات بكل ما يتعلق بإيران، يفرض مباشرة ملاحقة الخيارات مع دمشق. باراك أوباما أدرك، حسب الخبراء الأميركيين، فشل سياسة جورج بوش تجاه سوريا فتغيرت مقاربتها من العزلة والعقوبات الى التقارب واستخدام الديبلوماسية للتنسيق والتعاون.
كيفية كسر التحالف السوري الإيراني وبالتالي إضعاف موقف طهران في أي مفاوضات قد تتم معها خصوصاً الملف النووي، هدف واشنطن ، في حين أن هدف دمشق من المفاوضات: تخفيض الضغوط عليها وإلغاء العقوبات وكسر العزلة الإقليمية عنها.
يبقى أن الملفات المشتركة تتناول:
[ الوضع الأمني في العراق، وكيفية السيطرة على الحدود السورية العراقية، وقيام عراق آمن ومستقر، هو الملف الأول في المفاوضات الأميركية - السورية. دمشق لن تقدم الهدايا لواشنطن في هذا الملف الغني والواعد لها. لذلك قد تبدو أن المفاوضات تجري بالنار. كل كلمة تساوي لغماً أو نزعاً للغم موجود. تفجيرات بغداد الدموية التي وقعت والوفد الأميركي العسكري والأمني بالكاد غادر دمشق، أثار ألف سؤال وسؤال. الاتهامات العراقية الرسمية لدمشق بتغطيتها للمجموعة الإرهابية التي قامت بهذه الجريمة، أكدت حجم تعقيد المفاوضات، ذلك التساؤل عن موقف بغداد منها ومدى انزعاجها بالتفاوض حولها وهي غائبة عن طاولة المفاوضات، خصوصاً أن العراق ليس لبنان لكي يجري التعامل معه بهذه الخفة الأميركية السورية.
[ لبنان. القرار الأميركي، حسب الخبراء أنفسهم (نشرت Taqrir دراسة موجزة حول ذلك)، ما زال بإبعاد سوريا خارج الساحة اللبنانية والحفاظ على سيادة واستقلال الدولة اللبنانية. واشنطن ومعها باريس تتابعان السلوك السوري في لبنان بحيث لا ينحرف عن مسار الاتفاقات حول كل ذلك.
[ المسار السوري الإسرائيلي لعقد اتفاق سلام. الإدارة الأوبامية لم تعد توافق على بقاء هذا المسار منفصلاً عن باقي المسارات المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية تتقدم أولويات الأجندة الأميركية في الشرق الأوسط وذلك في إطار تحقيق سلام شامل بين إسرائيل ودول المنطقة.
لا شك أن واشنطن تريد انطلاق مرحلة جديدة من العلاقات مع طهران ودمشق. لكن من المبكر جداً التنبؤ بنتائج الحوارات، وما ستؤول اليه العلاقات بين واشنطن ودمشق وطهران. علماً ان التحالفات الإقليمية والوضع في لبنان وما سيجعل لعملية السلام العربية الإسرائيلية يمكن كلها أن تشكل حواجز من الصعب جداً تجاوزها.
واشنطن ترى أن الكرة الآن في الملعب الإيراني والسوري. على الجواب الإيراني على اليد الأميركية الممدودة اليها تقف الخيارات الأميركية المحدودة. في حين أن النتائج في المباحثات الأمنية والعسكرية مع دمشق تقف أمام إدراك الأخيرة أن المفاوضات لن تستمر من أجل المفاوضات لأن اللعب على الوقت انتهى من جهة، وأن شراهتها لأخذ مزيد من المكاسب والجوائز يجب أن تكون محدودة. واشنطن تعلمت أيضاً من حسابها، أن التاجر الدمشقي يعمل على الكسب من كيس غيره، لذلك فإن واشنطن تطبق حالياً سياسة كل قطعة بثمنها.
من الآن وحتى 24 أيلول، الضغوط المتبادلة ستستمر. العراق سيبقى المركز في المفاوضات بالتيار، لبنان ليس في معرض التفجير، لكنه سيبقى تحت واقع الضغوط المتبادلة المنتجة لمزيد من التجميد السياسي حتى 24 ايلول. بعد ذلك، إما الحوار أو الحرب الباردة المفتوحة على كل الاحتمالات.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00