8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

الاتحاد الأوروبي يرى أن الأزمة طويلة وهو يتباحث مع دمشق لتسهيل ولادة الحكومة اللبنانية

لبنان لن يتحوّل إلى عراق جديد. الحواجز الثابتة والطيّارة لن تغزو شوارع بيروت وتفرزها بين آمنة وحذرة أو خطرة، والسيارات المفخخة لن تعود وتحوّل كل مواطن لبناني إلى ساعات توقيت تهدده في كل لحظة. لكن أيضاً لن تشكل حكومة جديدة، والأزمة طويلة، تحت سقف واقعي يضبط الوضع على درجة الهدوء الحذر.
بيت العنكبوت العراقي
من البداية ظهر طغيان العامل الخارجي على العوامل الداخلية. لا يمكن أن يكون جرّ لبنان كله إلى حافة الهاوية وتهديده بـحصول تدهور سياسي خطير على ذمّة جريدة الوطن السورية، لأن شخصية سياسية استثنائية في تاريخ لبنان لم تحصل على وزارة معينة. حتى لو بلغ الفرز الشعبي إلى درجة تحوّل اللبنانيين إلى شعوب مكعبة لا تعرف الزوايا ولا لغة تدويرها، فإنهم أذكى وأوعى من أن يصدقوا ذلك.
اللعبة اقليمية بلا شك، وهي متداخلة مع كباش دولي بشكل مؤكد. من الطبيعي أن طرفاً واحداً لا يتحمل كامل المسؤولية. لكن مشكلة دمشق انها تبقى في الواجهة. مهما حارت ودارت فإن كرة النار تعود طبيعياً إلى خانتها. الدليل ان وزير خارجية السويد كارل بيلدت الذي ترأس بلاده الاتحاد الأوروبي، يقول: ان الاتحاد الأوروبي يجري حواراً مع السوريين بخصوص تشكيل الحكومة اللبنانية لتسهيل ولادتها. ويكمل وزير خارجية بريطانيا دايفيد ميليباند رسم الوضع من حيث انتهى الوزير السويدي الذي تعتبر بلاده شبه حيادية مع دمشق فيقول: نحن نشعر بالأزمة التي يتخبط بها لبنان.. ونعلم انه ليس قادراً على الخروج من هذا المأزق المعقد.. ويجب أن تتضافر جهود جميع الدول لمساعدته.
دمشق مشغولة أكثر بالعراق، وهي تريد الخروج من بيت العنكبوت الذي دفعها نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي إليه دون الأخذ بعين الاعتبار الحسابات الاقليمية والأميركية، فتورط وورط معه الجميع. مهما بلغت اتهاماته السابقة والحالية من مصداقية وواقعية. لكن هذا الانشغال لن يمنعها مطلقاً من الانتباه إلى ما يجري في لبنان، وهي قادرة بالاعتماد على حلفائها أساساً وعلى مَن يعتقدون انهم مستقلون في حين ان كل مساراتهم تصب في طاحونة دمشق.
كل شيء بوقته
هذا جزء من الصورة. الواقع يؤشر الى ان خطورة الاستحقاقات القادمة خلال الأيام المتبقية من شهر أيلول، تجبر الدول الصديقة والدول التي لها مصالح سياسية مباشرة أو غير مباشرة في لبنان، على التريث في العمل من أجل حل الأزمة اللبنانية. لا توجد دولة لها علاقة بمنطقة الشرق الأوسط سواء كانت منها او من خارجها بما فيها دمشق مستعدة لتقديم أي تنازل أو فتح أي باب للحل في لبنان أو باقي الملفات خلال هذه الفترة القصيرة.
كل دولة لها حساباتها وأولوياتها. واشنطن تنتظر الردّ الإيراني على عرضها للحوار والتفاوض. ساعة الحسم دقت. الخيارات محدودة، بين الاعتدال والتطرف، بين الحوار والمقاطعة. طهران أيضاً تنتظر الرد الأميركي على عرضها الذي رفعته لها أخيراًً. الأعصاب مشدودة. واشنطن تريد الانتهاء من الملف النووي الايراني، وطهران تريد البحث معها في مشاكل العالم أي باختصار موقعها ودورها اقليمياً. لذلك كله، فإن طهران المشغولة جداّ بأزمتها الداخلية المعقدة والتي تتعقد أكثر يوماً بعد يوم، تتابع وتلاحق الأزمة اللبنانية، لكنها لم تقرر بعد وجهة تعاملها مع هذه الأزمة. كل شيء بوقته.
مصر والسعودية تلاحقان الأزمة اللبنانية وتعملان من أجل الحل، لكن من حقهما وواجبهما ملاحقة ملفات ساخنة جداً في العراق وفلسطين واليمن، وبطبيعة الحال تطورات الحالة الايرانية بجميع جوانبها خصوصاً بما يتعلق بالملف النووي ومستقبل العلاقة بواشنطن.
معادلة معقدة تنتج عن هذا الواقع. الأزمة الداخلية في لبنان مطلوب حلها. الجميع يريد المساهمة في هذا الحل لكن حسب توقيته، وليس حسب التوقيت اللبناني، لأن كل طرف مُعقِّد يظهر ساعته وهي تعمل حسب التوقيت المحلي اللبناني في حين يعمل هو حسب التوقيت الاقليمي والدولي المناسب له.
أمام لبنان والعراق وحتى الولايات المتحدة الأميركية ودمشق وطهران عشرة أيام صعبة من الانتظار. المأساة في هذا كله ان كل العواصم تملك قرارها وبالتالي فإنها ستكون مستعدة لتحمل تبعات ونتائج هذه القرارات. إلا العراقيون واللبنانيون مهما كانت النسب متفاوتة بينهم فإنهم لا يستطيعون ذلك، وبالتالي فإنهم حكماً مضطرون الى مواجهة كل الاحتمالات وكل النتائج بصدور مفتوحة، تحت شعار خالد الحق ع الطليان.
لكن ماذا عنّا، وعن الذين يعرفون ويعملون على أساس ان المواجهة مع إسرائيل قائمة اليوم وغداً، وأن أول شرط للصمود أولاً وللانتصار لاحقاً هو وجود جبهة داخلية موحّدة ولو بالحدّ الأدنى من مظاهر وأسس هذه الوحدة، علماً ان لبنان كله قائم على خط زلازل طائفي ومذهبي دائم؟.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00