8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

إعادة بناء فتح في لبنان لأن أهميته وأمنه مساويان للضفة وغزة

دقة وضع حركة فتح تنظيميا وسياسيا، دفع اللجنة المركزية للحركة فور انتخابها الى عقد جلسات وضعت كل الملفات على الطاولة. تجديد دماء اللجنة المركزية بانتخاب جيل جديد يتولى عمليا القيادة الى جانب بعض الحرس القديم، لا يكفي كما اجمع اعضاء اللجنة خصوصا القادمين منهم من الميدان، في جلسة رئيسية للجنة، جرى نقاش الوضع الفلسطيني عامة وحركة فتح خاصة في الساحات الثلاث: قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان.
التفرغ للمنظمة أو لفتح
مساواة لبنان بغزة والضفة، بدا ملحاً وضرورياً، مع التركيز على منع اي حساسية قد تثقل المناقشات المفتوحة. التركيز على لبنان برأي احد الاعضاء الجدد، نتيجة لادراك جماعي، بالاهمية المركزية والمتينة لمستقبل الفلسطينيين والقضية الفلسطينية، وكان الاتفاق واضحاً ان امن لبنان من اجل القضية الفلسطينية، وكان الاتفاق بين الاعضاء واضحا ان امن لبنان من امن فلسطين والعكس صحيح. لذلك فان كل تثبيت للامن العسكري والسياسي في المخيمات الفلسطينية يجب القيام به فلسطينياً اولا واساساً وثانياً بالمشاركة مع السلطات اللبنانية السياسية والامنية الرسمية، انطلاقا من المصلحة الوطنية المشتركة واحتراما لسيادة لبنان.
الاجماع الفلسطيني القيادي في حركة فتح على هذا الهدف دفع المناقشات نحو الخيارات والآليات لتنفيذ ذلك. من هنا فان اعادة بناء حركة فتح في لبنان التي هي في جميع الحالات مازالت عمود العمل الفلسطيني، بدا ملحاً اكثر من اي وقت مضى وخصوصا انه ثبت ان ضعف الحركة التنظيمي داخل المخيمات، فتح الابواب امام دخول التطرف واحيانا تمدده تحت مسميات مختلفة داخل المخيمات.
بداية فإن اللجنة المركزية للحركة، وجدت انه من الضروري الفصل بين العمل داخل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية والعمل التنظيمي داخل حركة فتح. واذا كان من الطبيعي أن يعود عباس زكي السفير الفلسطيني في لبنان الى الداخل لأنه عضو في اللجنة المركزية، فإن مسألة عودة اللواء سلطان أبو العينين شكلت مسألة للبحث. ذلك ان أبو العينين بنى لنفسه خبرة وحضوراً داخل المخيمات وعلى امتداد العمل الفلسطيني اللبناني لا يمكن تجاهله خصوصاً في هذه الفترة الحساسة سواء بالنسبة للفلسطينيين أو للبنان. لذلك تقرر ميدانياً أن يبقى أبو العينين في لبنان لإكمال مهمة تحضير الأرض تنظيمياً.
ترجمة هذا القرار، تبرز في تعيين سفير فلسطين جديد مهمته التفرغ الكامل لشؤون وشجون الفلسطينيين والعلاقات اللبنانية الفلسطينية، ومن الطبيعي أن لا تكون للسفير الفلسطيني الجديد مسؤلوليات داخل تنظيم حركة فتح. وأن يكون مسؤول التنظيم للحركة متفرغاً لشؤون الحركة وحدها، لأن اعادة البناء تتطلب الكثير من الالتزام والجهود والصلابة.
التنظيمات المتطرفة مخترقة مخابراتياً
اذا كانت عملية البناء داخلياً ملحة، وخصوصاً ان الساحة الفلسطينية تعيش في ظل الانقسام الحاصل مع حماس والذي انتج انفصال قطاع غزة عن الضفة الغربية، فإنها أكثر إلحاحاً مع وجود التنظيمات الاسلامية المتطرفة سواء كانت منضوية بالقاعدة وتنظيمياً أو فكرياً بمسميات مختلفة، في المخيمات، وهي رغم عدد أفرادها المحدود بالنسبة للبحر الشعبي التي تنشط فيه، فإن خطرها كبير، لأنها قادرة على خلخلة الأمن الفلسطيني واللبناني معاً. ما يزيد هذه المخاطر ان هذه المنظمات مخترقة في عمقها من العديد من أجهزة المخابرات العربية والاسلامية، مما يجعلها تتحرك وتنشط تبعاً لحسابات هذه الأجهزة وليس وفقاً لما يتوافق مع فكرها.
في الفترة القصيرة الماضية، نجحت فتح ومعها قوى فلسطينية عديدة في تطويق نشاط هذه التنظيمات المتطرفة وبالتعاون مع الأجهزة الأمنية اللبنانية في كثير من الحالات.
وقد أدى هذا كله الى الامساك بالوضع الأمني داخل مخيم عين الحلوة، لكن يبقى عمل الكثير في مخيمات أخرى في عملية مزدوجة تهدف الى الضرب الاستباقي بالتطويق السياسي والشعبي لها. ولا شك وباعتراف قيادات من فتح انه يجب الاستمرار في التعاون مع الأجهزة الأمنية اللبنانية الرسمية بما يحقق مصلحة الشعبين اللبناني والفلسطيني معاً. وهذا التعاون يجب أن يكون منتجاً على الصعيد الرسمي لتحسين الوضع المعيشي للمدنيين الفلسطينيين لأنه كلما تحسن وضع الفلسطيني العاديّ معيشياً يأخذ حقوقه المدنية الشرعية، ابتعد عن الانزلاق سواء فكرياً أو بسبب الحاجة من الانزلاق نحو مستنقعات التطرف الاسلامي.
لا شك أيضاً ان التعاون مع حماس التي تسعى للامساك بالمجلس الوطني الفلسطيني في الانتخابات القادمة عبر الحصول على الأكثرية في الساحات الخارجية ومنها لبنان، ضروري جداً. حماس تستطيع أن تساهم في هذه المواجهة، الحرب بقوة وفعالية، وخصوصاً انها في ذلك تحمي نفسها لأن معظم التطرف الاسلامي الفلسطيني يخرج من رحمها شاءت أم أبت.
في كل هذا المسار الجديد لـفتح، يبقى أن لبنان الرسمي قادر جداً على المشاركة ايجابياً في دعم هذا المسار. من مصلحة لبنان الرسمي والشعبي دعم الخيارات الجديدة، وأولها في المشاركة بطريقة غير مباشرة في اختيار ما يحقق المصلحة اللبنانية من مسؤولين فلسطينيين مدركين وقادرين في خدمة المصالح المشتركة اللبنانية الفلسطينية وذلك بأن تكون كلمة لبنان حاضرة عندما سيختار الرئيس الفلسطيني محمود عباس المسؤولين الفلسطينيين الجدد في لبنان، ولا يعتبر هذا تدخلاً في الشأن الفلسطيني.
الشراكة في المصير تسمح وتتطلب بالمشاركة في اختيار ما يدعم وينفذ الخيارات المشتركة.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00