8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

مبادرة أميركية وأخرى إسرائيلية لإطلاق المسار الفلسطيني والاستعداد اللبناني ضروري

المصالحة الفلسطينية الفلسطينية، أكثر من ضرورة ، انها واجب وطني وقومي مصيري. لم يعد مسموحاً بعد الآن بقاء الحال على حاله. الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة دخلوا مرحلة اليأس والاحباط بعد عقود من النضال. لا حماس استطاعت إلغاء فتح، ولا الأخيرة نجحت في استيلاد نفسها بنفسها بما يواكب المتغيرات وطموحات الشعب الفلسطيني. استمرار الانقطاع، وحملات القمع والتخوين المتبادلة، كل ذلك سيؤدي عاجلاً أو آجلاً الى الانفصال.
آرييل شارون سيكون- وهو في الكوما- أسعد اسرائيلي لأن حلمه تحقق على يد الفلسطينيين أنفسهم. ماذا تربح فتح أو حماس لو استمرت كل واحدة وأقامت إمارتها وخسرت فلسطين؟.
قمم ومبادرات
الجمود الذي طبع عام 2009 انتهى. واشنطن وأوروبا معاً، أدركتا ان الجمود يخفي اكثر مما يظهر. تحت رماد الهدوء، نار العنف تنمو. من قلب هذا الجمود واليأس والاحباط، يتوالد العنف الأصولي الأسود تحت لافتة كبيرة اسمها القاعدة. مهما حاول الكثيرون نفي هذا التوالد، فإنه واقع. العالم لم يعد يستطيع تحمل نتائج عنف القاعدة وفروعه. انه عنف قادر على التوالد خارج الدوائر المرصودة، بعد أفغانستان والصومال جاء دور اليمن. غداً من؟
عام 2010 عام الاستحقاقات. انتهت مرحلة الاستطلاع الأوبامية، جاء دور صياغة خارطة الطريق وتقديم مبادرة جديدة. السعودية ومصر وسوريا والأردن أمسكوا بالوضع. كل الجولات والمباحثات التي تجري والتي ستتكثف في الأسبوعين المقبلين تدور حول كيفية تنشيط عملية السلام وإخراجها من الأفق المسدود.
بنيامين نتنياهو زار القاهرة والتقى الرئيس حسني مبارك. وأقنعه بجدية نواياه حيال استئناف المفاوضات من أجل التوصل الى اتفاق سلام.
الرئيس مبارك عقد قمّتين مع العاهل الأردني الملك عبدالله والرئيس الفلسطيني محمود عباس، وتابعوا الجهود لاطلاق مفاوضات فلسطينية اسرائيلية جادة وفاعلة استناداً الى حل الدولتين. الوزيران المصريان عمر سليمان وأحمد أبو الغيط سيتوجهان خلال أيام الى واشنطن لإجراء مباحثات حول عملية السلام. يبدو ان مبارك يريد قبل التقدم خطوة كبيرة أخرى، معرفة خطة أوباما بدقة.
حَذَر الرئيس مبارك والقادة العرب الآخرين، طبيعي وضروري. معرفة موقف أوروبا بدقة أكثر من ضرورة. الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يريد اجراء ولو قمة تمهيدية في باريس رغم كل المؤشرات لفشل انعقاد مثل هذه القمة، فكيف توصلها الى صياغة مبادرة ما. واشنطن هي الراعية أو لا تكون قمة ولا مبادرات. ما يهم ساركوزي الصورة لتقديمها وثيقة اعتماد اضافية له بعد قمة كوبنهاغن قبل الانتخابات القادمة عنده، الى جانب طموحه الشخصي لدخول التاريخ من بوابة حل الصراع العربي الاسرائيلي.
المبادرة العربية قائمة ولا تراجع عنها. القمة العربية في أواخر آذار القادم. استحقاق جديد يجب ملاحقة مسار التحركات الاعدادية له. عملية تنسيق المواقف والأولويات بدأت. لا يمكن للعرب ولو كانت المبادرة العربية بيدهم ولا رجعة عنها، أن يقفوا مكتوفي الأيدي. من الضروري أيضاً ملاقاة التحركات خصوصاً اذا ما تبلورت بمبادرات حقيقية بجاهزية كاملة.
المصالحات العربية العربية، رافعة قوية وفعالة للموقف العربي. المرحلة المقبلة ستكون أصعب بكثير مما سبقها. أمام الجمود يمكن الاكتفاء والتحصّن بسياسة الصبر. أمام المسارات خصوصاً السريعة منها لا يمكن سوى التعامل معها على وقعها ومتغيراتها. هذه المرة، لا تكفي المصالحات على الطريقة العربية. يجب ان تكون جدية ومبرمجة ومنتجة لخطة واقعية ملمّة بكل المتغيرات وموازين القوى لتحقيق نجاح يساهم في إنقاذ النظام العربي الغارق في عملية فكفكة له تشغل كل حلقة من حلقاته بنفسها بدلاً من الآخرين انطلاقاً من نفسها.
مطبخان وطبختان
خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس قال بحضور الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي ان شوطاً كبيراً تم قطعه لتحقيق المصالحة الفلسطينية الفلسطينية. لا شك ان العلاقات الطبيعية القائمة على التفاهم بين السعودية ودمشق تدفع باتجاه هذه المصالحة. لا يمكن ان تطرح المبادرات والفلسطينيون يتقاتلون. الاسرائيلي يهرب من المفاوضات بحجة انه لا يوجد ممثل فلسطيني للتفاوض معه، هذه الحجة مردودة، لأنه هو الذي يهرب أساساً من المفاوضات. لكن استمرار الصراع بين فتح وحماس يصب في الطاحونة الاسرائيلية.
التسريبات الصحافية، تؤكد ان المطبخ الاسرائيلي والمطبخ الأميركي يعدّ كل واحد على حدة طبخته أي مبادرته. لا يمكن الجزم بصحة ودقة ما تطرحه المبادرات المسرّبة، لكن على الأقل تشكل هيكلاً عظمياً لما يمكن أن يقدمه كل واحد منهما على حدة. أهمية مثل هذه التسريبات، ان واشنطن انتقلت من مرحلة الاستطلاع والدراسة الى مرحلة الصياغة، وأن اليمين المتطرف الحاكم في إسرائيل أدرك انه لا يمكنه متابعة رفضه للحل. العالم تعب من رفضه في سنة واحدة، كما سبق له وأن تعب من العرب بعد عقود من الرفض.
المبادرة الإسرائيلية كما كشفها يوسي بيلين زعيم حركة ميريتس، هي خلاصة مباحثات أجراها بنيامين نتنياهو ومبعوثه بتسحاق مولخو مع المبعوث الأميركي جورج ميتشل، وهي تتضمن:
[قبول اقتراح الولايات المتحدة القاضي بتخصيص 24 شهراً للمحادثات، دون إعلان أن الهدف هو التوصل الى اتفاق بحلول نهاية الفترة.
[ الموافقة على الصيغة التي عرضتها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون وفحواها إنهاء الصراع والتوصل الى تسوية بين الموقف الفلسطيني الداعي الى إقامة دولة مستقلة على أساس حدود سنة 1967، مع تبادل متفق عليه للأراضي، وبين الموقف الإسرائيلي الداعي الى تمتع الدولة اليهودية بحدود آمنة ومعترف بها، مع أخذ التطورات على الأرض والمطالب الأمنية الإسرائيلية بالحسبان.
[القدس أحد الموضوعات التي ستناقش في المفاوضات دون التعهد بأن شيئا يتحدد قبل بدء المحادثات.
[ تكون مناقشة مسألة اللاجئين في إطار متعدد الأطراف.
[ الاعراب عن التزام إسرائيل بجميع الاتفاقات الموقعة سابقاً بما في ذلك اتفاقات أوسلو، وواي بلانتيشن، وخارطة الطريق وغيرها.
[ كلا الطرفين يأخذ بعين الاعتبار المبادرات الدولية التي تساهم في تقدم عملية السلام، كمبادرة السلام العربية.
من الجلي جداً، أن كل بند في هذه المبادرة التي قال نتنياهو إنها لا تنطوي على حقائق هو أكثر من لغم يمكن تفجيره بتوقيت مسبق أو في لحظة مناسبة. رغم ذلك لا يمكن الا التعامل معها ومع ما يستتبعها من تسريبات أو ملاحق، خصوصاً وأنها في جميع الحالات تؤشر الى طريقة تفكير نتنياهو للوضع ورؤيته للمسار الذي يمكن أن يخرج منه بأقل كلفة ممكنة دون الوقوع في شرك الخلاف أو الصدام مع واشنطن - الاوبامية.
ما يؤكد دقة الوضع أن الصحف الإسرائيلية سربت الخطوط العريضة للمبادرة الأميركية التي تشكل تدويراً أكبر للزوايا وتجعل من واقعيتها مدخلاً لمفاوضات جدية. المبادرة الأميركية تتضمن مرحلتين.
[ الاولى تتم خلالها المفاوضات حول الحدود بين الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية في مهلة تسعة أشهر، يمكن لإسرائيل بعدها استئناف البناء في الأراضي المخصصة لها. كما تقوم الدولة الفلسطينية في الضفة وغزة على أساس خط الهدنة المعتمد عامي1949 و1967 شرط تقديم تعويضات على أساس تبادل الأراضي.
[ الثانية تتناول قضايا الوضع النهائي وهي القدس ولاجئو العام 1948.
يبقى أن لبنان سيدعى عاجلاً أو آجلاً للمفاوضات حتى ولو لم يكن لديه ما يفاوض عليه، لأن له حقوقاً معترفاً بها.
جرس المفاوضات متى قرع، لن يكون اعلان دعوة لطرف دون الآخر. الدعوة ستكون عامة. المطلوب أيضاً أن يستعد لبنان واللبنانيون لمثل هذه الدعوة، حتى لا تشكل المفاجأة انفجاراً لخلافات حقيقية تتناول مصير لبنان، وليس مجرد خلاف حول تعيينات إدارية.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00