لم يعد السؤال : هل سيجتمع الرئيس دونالد ترامب مع الرئيس حسن روحاني وجواد ظريف ، وانما متى وكيف واين اللقاء ؟
ليست "العصا السحرية " للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وحدها ، هي التي فتحت مسار التلاقي فالحوار المباشر فالتفاهم على قاعدة جديدة وشروط خارجة من التجربة الماضية بكل تفاصيلها الحادة. من الواضح ان المستشارة انجيلا ميركل لعبت مع رئيس الوزراء البريطاني الجديد بوريس جونسون دورا مهما في تحويل قمة ال ٧ في بياريتيس الي قمة ٧+١ ، بعد ان شارك فيها مباشرة وبما يخص الملف النووي الايراني الوزير المحترف جواد ظريف ، والاهم بعد ان قال ترامب " التقي بروحاني اذا الظروف مناسبة " وكان روحاني قدسبقه بقوله : "انا مستعد للقاء اي شخص ان كان ذلك سيفيد ايران وسيساعد في تطوير بلادي وحل مشكلات الناس " .
لا شك ان الدبلوماسية "الماكرونية" المصممة والنشطة جدا قد لعبت دورا مركزيا في مشاركة ظريف في قمة السبعة . نشطت هذه الدبلوماسية على لعب دور المكوك بين طهران وباريس وواشنطن حتى حصل ماكرون على موافقة ترامب لدعوة ظريف الى "بياريتس" . وأصبح واضحا ان الاتصالات الاميركية _الايرانية كانت على اكثر من جهة ، وانها لم تكن محصورة بعُمان وان كانت الاكثر نشاطا ولا حتى بسويسرا ، ويقال ان شخصية ايرانية لعبت دورا في هذا المجال .
من الأساس لم تكن الحرب نهاية مسار التصعيد بين واشنطن وطهران . واشنطن تريد وضع ضوابط على طريق استعادة الحليف القديم ولو بعد مائة عام .وطهران تسعى للحصول على الاتفاق النووي وملحقاته ، خصوصا وانها كانت كذلك في عهد الشاه … وايضاً تثبيت الدور الإقليمي الواسع لها
نجاح قمة "بياريتس "لا يعني ابدا ان الاتفاق لم يعد يحتاج اكثر من التوقيعات . المسار ما زال طويلا ولا شك يجب استعادة تفاصيل المسار الكوري الشمالي _ الأميركي والتدقيق فيها لتلمس معالم الخطوات المقبلة تمهيدا للقاء المرتجى . اطرف ما في دورة الحركة الايرانية ان جواد ظريف قفز بعد "بياريتس "الى بكين وليس الى موسكو ، ليعلن فورا " لن يحدث اي تطور إيجابي دون إلغاء الحظر" مضيفا " ان اللقاء بين روحاني وترامب غير متصور" . وما هذا التصعيد في الموقف إنما لان ترامب يريد : اطالة فترة الضوابط واخضاع مزيد من المواقع للرقابة " ، وهذا تعديل في أساس الاتفاق بحيث لا يعود الاتفاق اتفاقا تم التوقيع عليه .
نقطة أساسية موجودة ولكن خلف الاتفاق النووي ، هي سلاح الصواريخ الايراني الذي اثبت فعاليته في اليمن . طهران تراه وتتعامل به على اساس انه سلاح ردع ولكنه في الواقع تحول الى سلاح تمدد وتأكيد للقدرة على المواجهة ، اي انه اصبح سلاح إقليمي استراتيجي ، يجب العثور على صيغة توفيقية حوله خصوصا وان الموقف الايراني العلني هو " ان ايران أكدت مرارا بانها لن تتفاوض بشأن قدراتها الصاروخية الدفاعية " .
حتى الان ما زال الرئيس روحاني وجواد ظريف يفاوضان وهما واقعان بين " مطرقة ترامب وسندان المتشددين في النظام ". من المؤكد إنهما لم يقدما على خطوة واحدة باتجاه ملاقاة الرئيس ماكرون اولا ومشاركة ظريف في قمة ٧ ، دون موافقة المرشد اية الله علي خامنئي عليها . لكن ذلك لايعني ان ضغوط جبهة المتشددين ستتوقف خصوصا وان الانتخابات التشريعية اقتربت ، وان كل ما يجري داخليا إنما يتصاعد او يهدأ على وقع "صرا ع القمة على القمة " سواء بما يتعلق بخلافة روحاني في رئاسة الجمهورية او في خلافة المرشد اية الله علي خامنئي . ويبدو ان الضرب ب"السكاكين الطويلة" يحصل بقوة داخل جبهة المتشددين باسم محاربة الفساد وضرب الفاسدين .كما يهدف الى ترتيب "البيت الداخلي"، من ذلك الاتهامات الموجهة من محمد يزدي ( الذي يوصف بالطالباني )الى صادق املي لاريجاني والقاء القبض على النائبين فريدون احمدي ومحمد عزيزي وإعدام " سلطان المسكوكات " يهدف ايضا الى ابعاد علي لاريجاني عن خلافة روحاني وحصرها بالمعين حديثا رئيسا للسلطة القضائية ابراهيم رئيسي وذلك بعد فشله امام روحاني .
يبقى ان المنطقة ستعيش وخصوصا لبنان خلال الأشهر القليلة المقبلة ، حالات من "الرقص على وقع موسيقى " المفاوضات السرية او حتى العلنية بين واشنطن وطهران … ولا شك ان ماكرون سيتابع جهوده بقوة وعلى عدة جبهات ، أصعبها إقناع نتنياهو انه قادر على الفوز بالانتخابات القادمة دون اللجوء الى الحرب ،هذا من جهة ومن جهة اخرى إنجاز إقناع ايران ومعها حزب الله ان التصعيد لن يحقق شيئا اضافيا طالما ان المسار فتح على حلول منتجة للجميع أهمها رفع منسوب العوائد الاقتصادية ومردوداته الإيجابية على الحزب …
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.