8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

أي جمهورية بعد ثورة 25 يناير؟

ما يحدث في مصر مصدر أمل، انتصر الشباب المصري دون أن يغرق السيف في الدم. لا يعني ذلك أنه يمكن تعميم هذه التجربة على مختلف الدول والمجتمعات العربية. عرف الشباب المصري كيف يدمج بين اعتداله وصلابته وحزمه، فكسب مختلف تكوينات الشعب المصري.
انتصرت الثورة عندما تزاوجت ارادات وعزائم ودماء الفقراء والغلابة مع أبناء الطبقة المتوسطة الذين استبعدوا حتى عن فرص العمل على يد قوى متسلقة جعلت من السلطة ملكية خاصة لها لا تتقاسمها مع أحد، وحولتها الى مصدر للثراء غير المشروع، واستعانت بالتوريث الذي نجح هنا وهناك وأقام جمهوريات ملكية سلاحاً لتحويل احتكارها للسلطة والمال الى الأبد.
لم يستوعب تحالف السلطة والمال أن مصر كبيرة على التوريث، قالوا لهم ذلك مرات. أكثر من ذلك اسمعوهم بالرصاص قبل نحو ثلاث سنوات ان ذلك مستحيل. الرسالة سلمت شخصياً للوريث المحتمل جمال مبارك على طريق الاسكندرية عندما فتحت مجموعة عسكرية النار عليه لتحذيره من إكمال المشوار. رفض جمال مبارك وحلقته من الذين استصغروا مصر، فوقعت الثورة، وأدار الجيش بمعرفة ومقدرة وحنكة اتجاه الرياح لمصلحة نجاح الثورة والاعتدال.
ثورة 25 يناير ما زالت في بدايتها، ما لم تتشكل الاجابة النهائية عن السؤال الكبير: أي جمهورية؟ فإن كل الاحتمالات واردة. البدايات مشجعة حتى الآن، القوتان الكبيرتان الى جانب شباب مصر وهما الجيش والاخوان المسلمون، مدركتان أن العبور الى المستقبل يتطلب الكثير من الشجاعة والحكمة والذكاء. أمام القوتين أكثر من خط بارليف يجب تجاوزه وربما تدميره في لحظة معينة. يجب انتظار تحديد:
[ قانون الانتخابات الجديد. لأن هذا القانون في غاية الأهمية، حرية الترشيح أساسية، لكن أيضاً تقطيع الدوائر مهمة جداً، لأن في جميع أنحاء العالم تساهم في إبراز قوى سياسية وإضعاف أخرى.
[ قانون الأحزاب أيضاً مدماك أساسي في عملية بناء النظام الجديد.
[ طبيعة النظام المدني الذي سيقوم وموقع المؤسسة العسكرية منه، ضمانة المؤسسة للنظام أساسية، السؤال ماذا سيقدم النظام للمؤسسة التي تمسك مباشرة بالكثير من مفاصل الدولة (أكثر من 80 في المئة من المحافظين ورؤساء الشركات من الضباط السابقين). أيضاً المؤسسة العسكرية نجحت بـالاكتفاء الاقتصادي ذاتياً بعد امساكها بمواقع اقتصادية منتجة مهمة، تحتاج الى ضمانات مباشرة لهذه الاستقلالية الاقتصادية. لا يمكن ان تقبل بانتخاب مدني للرئاسة وفي الوقت نفسه يتم تهميشها. التجربة التركية خير شاهد على طول الفترة الزمنية للفصل بين السلطة والعسكر.
الاخوان المسلمون لم ينجحوا كثيراً في التعامل مع ثورة 25 يناير، ربما العمل السري الطويل الأجل فرض ترددهم. يبدو حالياً أنهم يحاولون اللحاق بقطار الثورة والتطورات. حتى الآن قدموا تعهدات تعتبر ضمانات مستقبلية:
[ لا مرشح رئاسيا لهم. لكن هذا لا يمنعهم من المفاضلة بين المرشحين.
[ لا ثلث ضامناً لهم في البرلمان. سيكتفي الاخوان في المجلس النيابي الاول بعد الثورة بنسبة تؤكد حضورهم من دون أن تفرض مواقفهم ونهجهم، يريدون أن يكونوا حسب موقفهم مشاركين في رسم المسارات وليس راسمين للمسارات. هذه المواقف والضمانات تتعلق بالجمهورية الأولى لـثورة 25 يناير. نجاح هذه الجمهورية أو فشلها يفتح الباب أمام ولادات أكثر حداثة وتوافق مع ما يريده المصريون في المستقبل. ما هو صالح اليوم لن يكون مناسباً في المستقبل. من الطبيعي أن تتطور مطالب الشباب. أكثر من ذلك الشباب الذين خرجوا من رحم ثورة 25 يناير والشباب الذين لن يعيشوا كما عاش من سبقوهم في نظام مثل الجمهورية الأولى مع جمال عبد الناصر والثانية مع أنور السادات وحسني مبارك، ستكون طموحاتهم وآمالهم ومطالبهم مختلفة جداً. الديموقراطية متى عصفت بالمجتمعات، غيرت الطبيعة والطبائع. القاعدة الأولى للديموقراطية المداورة في السلطة وقبولها من دون تردد.
شباب مصر دخلوا التاريخ ولهم الحق أن يكونوا في صلب وأساس صناعة الجمهورية الأولى لـثورة 25يناير.
[email protected]

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00