8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

ما بعد الطلب الفلسطيني إلى الأمم المتحدة ليس كما قبله

طوال عقود تعاقب العرب وقوى المجتمع الدولي على استخدام فلسطين وقضيتها ورقة تين لتغطية عريهم. اليوم عرّت فلسطين الجميع. وضعتهم أمام الواقع الذي لا ينفع معه سوى كلمة نعم مع الدولة الكاملة العضوية في الأمم المتحدة أو لا. لا ينفع التحفظ. الحسم في المواقف محرج لأن كلفته عالية.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس، دخل التاريخ بعد أن كان على هامشه سواء نجح أو فشل، ترك أبو مازن بصمته على مسارات القضية الفلسطينية. كسر أبو مازن الجمود الذي فرض جليده على السطح، وراكم الاحباط فاليأس بكل ارتداداته الزلزالية. لم يقل أبو مازن يوماً أنه يريد أو يسعى الى الكفاح المسلح. حتى في عزّ الثورة والسلاح كان أبو مازن على الضفة الأخرى. لم يثمر هذا الموقف مع بنيامين نتنياهو والتطرف الإسرائيلي.
تحصن نتنياهو وراء شعار أن الحل مستعص، والبديل ليس أكثر من تقديم خدمات اقتصادية لتحسين الأوضاع المعيشية للفلسطينيين. تغافل نتنياهو عن نقطة أساسية هي أن الانسان لا قيمة له بلا وطن. قفزة الرئيس الفلسطيني الى الامم المتحدة ليست قفزة في الفراغ على الأقل تحضر فلسطين الى قلب العالم.
أيضاً، سيضطر الجميع الى إعادة حساباته، لأن ما بعد تقديم الطلب الفلسطيني الى الأمم المتحدة هو المهم. انه يوم آخر، وفصل جديد. تقديم الطلب الفلسطيني ليس قراراً عابراً. يجب الا ينسى أحد ان اغتصاب فلسطين بدأ بوعد بلفور، وان قرار التقسيم 194 أدخل إسرائيل الجغرافيا.
الفلسطينيون، في وضع دقيق جداً. الفشل قد يدفعهم الى مواقف متطرفة ليسوا بحاجة للدخول في تجربتها.
القيام بانتفاضة ثالثة، مغامرة كبيرة جداً قد تكون كلفتها مدمرة بالنسبة لمردوداتها. اما حركة حماس فإن الدائرة تضيق عليها، فهي تعاني المزيد من الانقسامات المستترة بين الداخل نفسه ومع الخارج، دمشق تزيد من محاصرتها. حماس متهمة بأنها لا تدعم النظام الأسدي كما يجب. وتنظيم الاخوان المسلمين الدولي يتهمها بأنها لا تدعم الشعب السوري كما يجب. ثمن ذلك مضاعف على جميع الجبهات، خصوصاً وانها ملتزمة بالهدنة ومنع الآخرين بتفجيرها.
الرئيس باراك أوباما، هو الخاسر الكبير. الامتحان الفلسطيني جاء في أصعب الأوقات وأدقها. انه يضيف أزمة الى الأزمات. يكفي ان أوباما تحول في زمن الربيع العربي الى سفير لإسرائيل كما وصفه نتنياهو. أوباما فشل في الداخل والخارج، لأنه اعتمد أسلوب الدفاع الوقائي، حتى انه لم يمارس في جميع معاركه الدفاع الهجومي فكيف بالهجوم. لذلك دفع أوباما ويدفع الكثير من رصيده. قد لا يحظى أوباما بتجديد رئاسته. اليسار (حسب المفهوم الأميركي) محبط من أدائه ويعتبر أنه فتح الأبواب أمام عودة اليمين المحافظ. يلزم أوباما الكثير من الصلوات والأعاجيب حتى يفوز في دورة رئاسية جديدة، لاختيار مدى جديته في التوفيق بين طموحاته ومبادئه والواقع.
حماس الأوروبيين وفي مقدمهم فرنسا والرئيس نيكولا ساركوزي ليس لأخذ مكان واشنطن والرئيس باراك أوباما. ساركوزي ومعه الزعماء الأوروبيون يريدون فكفكة اللغم الفلسطيني الجديد في زمن الربيع العربي وتقوية يد أوباما في مواجهة اليأس العربي من جهة والتطرف الإسرائيلي من جهة أخرى.
الرهانات كبيرة، العرب منشغلون بـالربيع. كل خطوة وكل قرار لهما حساباتهما. ربما خشبة الخلاص بالنسبة لهم ركوب مركب المبادرة العربية والطلب من الجميع خصوصاً واشنطن تفعيلها، والعمل بها. أيضاً الربيع الذي يهب على إسرائيل يسهل التحرك الدولي القادم، من خلال إعادة تركيب السلطة في إسرائيل بعيداً عن التطرف الحالي. سنة أخرى وربما أكثر لن يحصل فيها الكثير على الصعيد الفلسطيني. ما زال الوقت مبكراً لقراءة التطورات. لا يمكن لسفينة في أعالي البحار سوى طي أشرعتها أمام العاصفة حتى تهدأ وتعود الرؤية أكثر وضوحاً. حتى ذلك الوقت، التعامل مع الربيع العربي هو الاساس.
[email protected]

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00