8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

النظام الأسدي غير قادر ولا يريد الحل

رهانان خاسران: تنفيذ النظام الأسدي للمبادرة العربية، وشن الولايات المتحدة الأميركية الحرب على إيران. الوعود الأسدية، ليست أكثر من عملية خداع لكسب الوقت، بانتظار التحولات والتغييرات العربية والإقليمية والدولية لصالح النظام الأسدي. طبول الحرب المتصاعدة، ليست أكثر من ضجيج هائل، للتستر على مفاوضات بالنار يومياً بين طهران وواشنطن، عبر وسطاء أو بين المسؤولين الأمنيين.
الواقعية السياسية قد تفرض هذه المفاوضات، لكن يمكن أن تمر مياه كثيرة تحت جسورها.
مضى أحد عشر عاماً والنظام الأسدي يعد بالإصلاح والتغيير، ولم يفعل ذلك. وعود الأيام الأخيرة ليست أكثر من تأجيل جديد، لاستحقاق ملحّ، لم يعد يجدي التلاعب معه أو ضده، في وقت تستمر فيه تضحيات الشعب السوري يومياً. النظام الأسدي غير قادر، ولا هو يريد الحل السياسي. تركيبة النظام لا تسمح له بتقديم أي تنازل، ولو محدود. يكفي برأيه البدء بتنازل صغير، حتى تتدحرج كرة الثلج من رأس جبل شاهق. أيضاً وهو مهم جداً، لا يريد النظام تقديم أي تنازل، لأنه يبقى كما ولد وتطوّر وترسّخ، أو لا يبقى. مشكلة النظام الأسدي أنه صنع من حلقات، كسر أي حلقة من حلقاته، يفكك السلسلة ويلغيها. تبقى الحلقات متماسكة، أو لا تبقى السلسلة.
المبادرة العربية بسيطة، فهي لا تطالب بإسقاط الرئيس بشار الأسد. لكن مجرد انسحاب الجيش والقوى الأمنية والشبيحة، سينتج عنه حكماً، انهيار السد، لأن المتظاهرين، خصوصاً شباب التنسيقيات منهم، كسروا الخوف من الموت، بالخوف من انتصار النظام الأسدي عليهم. أي انتصار يحققه النظام، يعني عودة الجميع الى المربع الأول. إذا كان النظام الأسدي يفعل ما يفعله، من قتل واعتقالات بعشرات الألوف، تحت أنظار العرب وجامعتهم والعالم، وتصعيد واشنطن وأوروبا للموقف منه، فماذا سيفعل إذا أصبحت يداه طليقتين، وعاد الممثل المباشر لقوى الممانعة ودولها؟
حتى الآن، لم يهزم النظام الأسدي، ولكن أيضاً، لم تهزم المعارضة. مشكلة النظام الأسدي، انه يرفض الحل السياسي، الذي يقوم على التعددية والديموقراطية والاحتكام الى صناديق الاقتراع. هذا النظام يؤمن بأن الشعب السوري، ما زال غير مؤهل لممارسة الديموقراطية، لذلك يجب تدريبه وتأهيله تحت إشرافه. الحل نظام تعددي حزبياً، يضمن للرئيس بشار الأسد، أن يكون حزبه أقوى الأحزاب. لا مانع لإلغاء المادة الثامنة، لأن حزب البعث لا يحكم بالأصل، حتى يتم إسقاطه. الأجهزة الأمنية هي الحاكمة، والحزب ليس أكثر من ستار لممارسات النظام الأمني. تفكيك حزب البعث، هو الطريق لقيام أسدية سياسية، (على غرار المارونية والسنية والشيعية السياسية).
المعارضة الشعبية، خصوصاً شباب التنسيقيات، يدفعون دماءهم ثمناً لصمودهم، على طريق النصر وكسب الحرية. كل واحد يسقط ظلماً، عاري الصدر، خالي اليدين من السلاح، لا يملك إلا حنجرته أمام رفاقه، يرفع منسوب المقاومة، لأن الجميع يرون وبأم أعينهم، أن كل كلام النظام عن الإرهاب والسلفيين، ليس إلا حجة عليه وليس له. أما النظام الأسدي، فإنه يستطيع متابعة دفع كلفة الآلة الأمنية اليومية، لكن ليس الى الأبد، خصوصاً في ظل العقوبات الأوروبية ـ الأميركية، والتي لا بد أنها الى تصاعد جديد، إلى أن تقتنع كلٌ من موسكو وبيجنغ، انهما لا تستطيعان متابعة طريقهما بالوقوف ضد الشعب السوري.
الكلفة الاقتصادية للحل الأمني، تتزايد، في وقت تنخفض فيه القدرات الاقتصادية والمالية للنظام. الكلفة اليومية للحل الأمني، حسب تقديرات موضوعية، تصل الى خمسين مليون دولار يومياً. الى جانب الجيش، الموضوع في حالة تأهب مستمرة، وتنقل دائم، على مساحة سوريا، يوجد 150 ألف رجل أمن و30 ألفاً من الشبيحة، (الذين يتقاضون بدلات يومية عن أعمالهم الإجرامية). المواد الاستهلاكية المستوردة، بدأت تتناقص في الأسواق، وستتناقص أكثر فأكثر، مع انخفاض قدرات النظام، على التمويل والتحويل الى الخارج، نتيجة للعقوبات التي تطال كل سوري.
يؤمن النظام الأسدي بأن العالم عاجزٌ عن الوقوف في وجهه. لا يكفي أن يعارضه هذا العالم ويدعوه الى التنحي، حتى ينتهي كلُ شيء. أصلاً في صلب تكوين هذا النظام، كما باقي الأنظمة المماثلة له، الصمود والممانعة وعدم التنحي، حتى لو احترق البلدُ كله، لأنه يبقى البلد الذي رسمه هذا النظام لنفسه، أو لا يبقى. أيضاً، يعتقد هذا النظام، أن عليه كسب الوقت، حتى تنتهي كل المفاوضات بالنار، من أجل بقائه. التصعيد العالي المنسوب للمواجهة، بين طهران وواشنطن، يجري فوق خيمة التفاوض، على سلة كاملة، تبدأ من أفغانستان، لتصل الى سوريا، لأن كلفة الحرب عالية، ومردوداتها محدودة. واشنطن بحاجة الى طهران، واستلحاقاً دمشق، حتى لا تهزم، كما يعتقد كل الأسديين، السوريين واللبنانيين. لا يريد أن يأخذ هؤلاء الأسديون بواقع، ولو احتمالي، أن عدم وقوع الحرب مباشرة، لا يعني مطلقاً إلغاء الحرب. النظرية الماوية القديمة، وخلاصتها ضرب الأطراف، ومحاصرة المركز، قائمة حالياً. واشنطن ليست مغرمة، بحصول الشعب السوري على الديموقراطية، كما يقول الأسديون. وقد يكون في ذلك، شيءٌ من الصحة، لكن من الواضح، انها تريد، أن يسقط النظام الأسدي، تحت ضربات الشعب السوري. بذلك، يتم تحقيق انتصار أساسي، على طهران. سقوط هذه الحلقة، يكشف ميسرتها، ويحول الى حد كبير، من اطلالتها الايديولوجية، على فلسطين. الحرب لم تعد فقط بالطائرات والدبابات، الحروب تبدأ اليوم، من الافتراضي ،Vertuel لتنتقل الى الواقع Real. ألم تقع الثورة في مصر هكذا ونجحت؟
العالم دخل القرن الواحد والعشرين، ونحن في العالم العربي، والشرق الأوسط عموماً، على حافة الدخول فيه متأخرين. لكل عالم، قواعده وشروطه. الحرب بأسلحة وقواعد القرن الماضي، تقود الى الفشل. يبدو أن، ما صنعه الحداد، في القرن الماضي، غير قابل للتغيير، إلا بالكسر في العالم العربي.
[email protected]

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00