طالب سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي بوقف العنف قبل البدء بالحوار بين النظام في سوريا والمعارضة. هذا الطلب واقعي وشرعي، يجب العمل به، لذلك ما على الوزير الروسي، إلا أن يشير الى رئيسه القيصر الجديد بوتين، فيأمر الأخير الرئيس السوري بشار الأسد بوقف العنف، فيتوقف. القيصر الجديد فلاديمير بوتين، يمون على الرئيس الى الأبد، أليس هو من يحميه ويلعب عنه، ويدعمه بكل الخبرات الروسية في قمع الشيشان وغيرها حتى يبقى في السلطة وينفذ الإصلاحات التي وعد بتنفيذها قبل 11 سنة وما زال على الوعد دون التنفيذ.
قبل 11 شهراً، عندما اشتعلت درعا بعد الاعتداء على الأطفال وقلع أظافرهم وطلب ابن خالة الأسد من آبائهم وهم الرجال الرجال، مساعدتهم في انجاب أطفال آخرين، لم يكن يطالب أحد الأسد أكثر من اجراء إصلاحات تقوي وجوده في السلطة. العنف الذي مارسه النظام الأسدي ضد المدنيين ولد الرفض والتشدد والتصلب والتصعيد في المطالب وصولاً الى المطالبة بتنحية الرئيس الى الأبد. ايضاً، الدم استسقى الدم. القتل بجميع الأسلحة، دفع الجنود الوطنيين الى رفض القتل والمدنيين الى حمل السلاح للدفاع عن حياتهم ومنازلهم وأملاكهم وأعراضهم. ألم يحصل ما يعيشه أبناء حمص ودرعا وأدلب وريف دمشق، ما حصل مثله في لبنان طوال 17 سنة، حتى إذا وقعت الواقعة في 14 شباط واغتيل الرئيس الشهيد رفيق الحريري تحقق الاستقلال الثاني وخرجت ميليشيات الأسد من لبنان ومعها كل ضباطها الذين أكبرهم لم يكن أكثر من شاويش ارتقى حتى أصبح جنرالاً لأنه لا يرد أمراً ولا يتوانى عن القتل واهانة كرامات الجميع من حلفاء وخصوم؟
موسكو ـ بوتين، أمام مأزق كبير حتى ولو بدت منتصرة لأنها عادت الى الطاولة للمشاركة في رسم خريطة النظام الدولي الجديد على حساب دماء السوريين. منذ استقر الوضع في روسيا بعد عشرية نهاية القرن الأخير تجددت طموحاتها الجيوسياسية. لم تعد روسيا في العقد الأول من القرن تكتفي بالتطلع نحو آسيا والتعاون والتفاهم وصولاً الى نوع من التحالف مع الصين والهند واليابان، حالياً تتطلع موسكو باتجاه الشرق الأوسط وحتى للعودة بقوة الى كوبا. أيضاً موسكو تنظر الى سوريا من زمن ليس بعيد وكما حدد ذلك وزير الدفاع الأسبق سيرغي ايفانوف الى أن التعاون مع سوريا يولد مكاسب اقتصادية وسياسية ملموسة. الخبراء الروس اليوم يقولون إن علاقتهم مع سوريا هي أصلاً علاقة زبائنية. دمشق تستورد عشرة بالمئة من صادرات الأسلحة الروسية.
لوبيان يدعمان في موسكو بقوة النظام الأسدي:
لوبي الصناعات الحربية القوي جداً بعد أن استعاد حضوره في صياغة الاقتصاد الروسي والعسكرية الروسية.
اللوبي اليهودي ـ الصهيوني وهو قوي الى درجة أن البعض من الخبراء يرون انه أقوى نفوذاً في موسكو من اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة الأميركية. الهجرة اليهودية وغير اليهودية الروسية الى إسرائيل وحضورها القوي في السلطة الإسرائيلية ودورها المتصاعد كونها الأكثر تطرفاً وعنصرية بين كل القوى، يقوي بشكل تبادلي اللوبي اليهودي في موسكو.
موسكو تنظر في علاقاتها مع سوريا الى البعيد القيصر الجديد يلعب بقوة على الوتر القومي الروسي، ويعتقد أنه قادر على اخذ تنازلات مهمة من الغرب ومن العرب في وقت واحد. إسقاط مشروع الدرع الصاروخي في تركيا أحد أبرز أهدافه الى جانب المحافظة على حصته في سوق السلاح في الشرق الأوسط. رغم ذلك فإن الرأي ليس موحداً في موسكو. توجد قناعة لدى بعض الأوساط الروسية المؤثرة كما يقول اليكسي ماكناركين من المركز الروسي للتقنيات السياسية. بأن روسيا ستخسر في نهاية المطاف في سوريا.
خبراء روس يضيفون أن المشكلة لا تكمن في رفض خصوم الأسد الحوار، وانما في الأسد نفسه الذي تأخر كثيراً في إجراء الإصلاحات. لقد فشل النظام في تحقيق النتائج المتوخاة منه وانه بذلك فقد شرعيته. حالياً يكمن المأزق الذي تواجهه كل الأطراف أن الحل العسكري لن ينجح والحوار لن يبدأ حتى يتوقف القتال لذلك يبدو الأفق مسدوداً. كان يمكن لموسكو ان تعود الى المنطقة برغبة وترحيب واسعين من العرب أو معظمهم، لاقامة التوازن مع واشنطن، اما وقد اختارت العبور على دماء السوريين، فإن عودتها مرفوضة اليوم وغداً.
يبقى ان السوريين سيتابعون ضريبة الحرية والديموقراطية والتعددية من دمائهم وممتلكاتهم. وان حمص تتحول الى حماه ثانية انما على قاعدة القضم فالهضم، في جميع الأحوال يروي أهل حمص الذين اثبتوا أن شجاعتهم وصمودهم يتجاوزان ظرفهم التاريخي، أن حمصي استيقظ من نومه المتقطع تحت القصف المدفعي لعدة أيام، فإذا كل شيء هادئ على الجبهة، فصرخ بزوجته: استيقظي نحن في الجولان.
[email protected]
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.