8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

ماذا بعد الأسد؟

لم يعد الموقف الروسي من سوريا وبشار الأسد جامداً. أصبح متحركاً. انحدار سوريا نحو الحرب الأهلية، يخيف الجميع. وقف كرة الثلج في وسط الجبل، ليس عملية سهلة ولا بسيطة. الحل يقوم على توافق الأطراف المعنية على صيغة لا غالب ولا مغلوب. كل طرف يجب أن يحصل على حصة تضمن له جزءاً أساسياً من مصالحه. التحضير للانتقال السياسي في سوريا بدأ. البند الأول الذي تدور حوله كل البنود: ماذا بعد الأسد؟
موسكو وواشنطن، عاصمتا الحرب الباردة الناشبة حول سوريا، فتحتا مسار الحل وان بلغتين مختلفتين. الروس تخلوا عن شرط بقاء بشار الأسد في الرئاسة في سوريا الغد. الأميركيون تنازلوا عن مطلب تنحي الأسد شرطاً لدخول مسار الحل. النقطة المشتركة هي: لن يبقى الأسد في السلطة عند انتهاء العملية. التوافق على ذلك يستند إلى ضرورة عدم تحول سوريا دولة فاشلة تهدد المنطقة مما يتطلب المحافظة على الدولة بكامل مؤسساتها وقواتها المسلحة. العراق شكل درساً للجميع.
البداية جيدة. بدأ البحث جدياً عن آلية التنفيذ، انطلاقاً من التركيز على عملية الانتقال السياسي. من الطبيعي أن تتوالى المؤتمرات الإقليمية والدولية، بحيث يشكل كل واحد منها مصفاة للاقتراحات والاعتراضات، وصولاً الى صيغة نهائية مقبولة ولو مرحلياً من الجميع. مؤتمر أصدقاء سوريا، سيعقد في 6 تموز في باريس. مؤتمر آخر متى عقد سيكون خطوة كبيرة الى الأمام، هو المؤتمر الدولي في موسكو. صقر السياسة الخارجية لافروف هو الذي دعا الى عقد هذا المؤتمر. الخلاف الروسي - الأميركي والفرنسي حول مشاركة إيران فيه مقدمة ضرورية في مثل هذه المباحثات. كل طرف يطرح أقصى ما يريد من المطالب للحصول على ما يستطيعه بأقل كلفة ممكنة. الجيد أن كل العناوين الغامضة حتى الآن أخذت تتبلور بسرعة.
في موسكو عقد اللقاء الأول امس الجمعة، لبلورة صيغة المؤتمر وأهدافه. عن الروس شارك كل من: ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية والمبعوث الرئاسي الى الشرق الأوسط وغينادي غاتيلوف نائب وزير الخارجية. عن الأميركيين فريديريك هوف المنسق الأميركي الخاص للشؤون الإقليمية خصوصاً الملف السوري. دارت المباحثات حسب الروس حول: التبادل المعمق لطرق مساندة التسوية السلمية في سوريا.
مؤتمر موسكو لن يعقد قبل أواسط تموز المقبل. الترجمة المباشرة لذلك، أن الحل ليس قريباً. يمكن اعتبار المئة يوم القادمة، وقتاً ضائعاً سيعاني خلاله الشعب السوري - إذا لم تحدث معجزة ما - من تصعيد نوعي وحاد من العنف المسلح. النظام الأسدي والمعارضة المسلحة سيزدادان عسكرة. سبق وأن عاش اللبنانيون حالة مشابهة. دفع اللبنانيون الثمن غالياً حتى وصلوا الى الطائف واتفاقه. فكيف وأن المشكلة هي سوريا؟. الأسد أعتقد منذ البداية أن عسكرة التمرّد تجعله يربح لأن المجتمع الدولي لن يقبل بذلك خصوصاً متى وضعت هذه العسكرة في خانة الإرهاب. فشل رهان الأسد لأن العالم يعرف ماذا يدور يومياً في سوريا. مجزرة حماة في العام 1980 مرّت لأنها بقيت في الظلام، الآن الأضواء الكاشفة لا تترك جريمة في الظلام. كل مجزرة تقع على يد النظام أو على أيدي يائسين يريدون اقامة توازن رعب، يُخرج مناطق واسعة من سيطرة الدولة، ويدعم عملية مأسسة هذا الغياب. كل ذلك يدفع الى السؤال ماذا عن الثوار والمعارضة؟.
يبدو حالياً أنه في الوقت الذي تتراجع أطياف المعارضة الخارجية تتقدم فيه القوى المسلحة من الجيش السوري الحر، والأهم المعارضة الداخلية. خروج مناطق واسعة عن سيطرة الدولة، دفع ويدفع الى وضع التنسيقيات يدها على الداخل. لكن ذلك سيعقّد مسألة تمثيل المعارضة السورية في أي مؤتمر سيعقد.
موسكو تريد أن تكون عرّاب النظام السوري الذي سيتبلور لاحقاً دون أن تقفل الباب أمام الحضور الأميركي. ما يؤكد ذلك أن التفاهم على بعض القضايا الحساسة أصبح قائماً، من ذلك كيفية المحافظة على مواقع ومخازن ومستودعات الأسلحة الباليستية والكيماوية. الروس مستعدون للتعاون مع الأميركيين لتحقيق هذا الهدف. موسكو كشفت أن الرئيس فلاديمير بوتين أعطى أمراً لإعداد خطة لاستخدام القوات المسلحة الروسية خارج روسيا وخصوصاً في سوريا. فرقة يسكوف للانزال الجوي المكلفة عمليات حفظ السلام في الخارج، التي سبق لها وان شاركت في عمليات كوسوفو كانت موجودة على ظهر سفينة الحراسة سمينتلي التي زارت طرطوس في أيار الماضي. تأكيد رسمي صدر حول إمكانية مشاركة قوات منها في عمليات حفظ السلام في سوريا.
العد العكسي بدأ. أقصى ما يعرض روسياً على الأسد إجراء انتخابات رئاسية تحت إشراف دولي في مطلع العام 2013 على أن لا يشارك فيها.
هل يستوعب الأسد أن الساعة قد دقت؟
[email protected]

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00