قنبلة دمشق، وضعت في حضن الرئيس بشار الأسد وانفجرت. لم تقتله لأنه لم يكن موجوداً. قتل من كانوا يخططون ويرسمون لقتل الشعب السوري يوماً بعد يوم. خلية إدارة الأزمة مشكلة من 11 مسؤولاً من الجيش والأمن والمخابرات بعد هشام بختيار يوجد آخرون ستعلن وفاتهم. مثل هذه الضربة لا يمكن تبليغها إلا جرعة جرعة. يستطيع الأسد وكل الأسديين ان يكابروا ويشددوا على ان النظام ما زال متماسكاً. يمكن للأسد تسمية عشرة ليحلوا مكان كل واحد ممن قتلوا، لكن الأسد وغيره يعرفون أن الثقة هي أساس التعامل بين هؤلاء المسؤولين ورئيسهم، ليس بين ليلة وضحاها تقوم الثقة، ولا التصعيد في القتل يصنع الخبرة.
تكاد تكون قنبلة دمشق تكراراً لقنبلة صنعاء ضد الرئيس علي عبدالله صالح. لم يقتنع الرئيس اليمني المخلوع أن عليه مغادرة قصر الرئاسة وترك القرار للشعب اليمني. فكانت القنبلة التي أحرقته وان لم تقتله. فهم صالح الرسالة، فعاد من رحلة العلاج إلى صنعاء بعيداً عن القصر والرئاسة. بشار الأسد مدعو لفهم الرسالة التي وجهت إليه. عليه مغادرة السلطة، حياً أو ميتاً. ما يعزز ذلك أن القنبلة لم تبق يتيمة، وقعت الاختراقات العسكرية، ودارت وتدور المعارك في دمشق بعد أن كانت في ريفها. نقل المعركة إلى دمشق يؤكد أن المعارضة المسلحة أصبحت منظمة إلى حد ما وانها حيث تكون تجد نفسها في بحر شعبي يحميها ويساعدها قدر ما يستطيع. لا شك ان الوضع الميداني يتطور بسرعة كبيرة في وقت ما زالت الديبلوماسية الدولية تعتمد سياسة النفَس الطويل.
قنبلة دمشق والمعارك فيها وانشقاقات الضباط من مختلف الرتب، تؤكد أيضاً أن عملية تجويف النظام تنفذ بنجاح كبير. النظام الأسدي صحّر الحياة السياسية والثوار يجوفونه إلى اليوم الذي يتفتت فيه ويفرض تفتته معادلات جديدة. ما يساهم في تسريع هذه العملية أن موسكو بدأت تشعر بالإحراج. تفسير وزارة الخارجية الروسية لتصريح السفير الروسي في باريس الكسندر أورولوف يؤكد في معرض النفي، أن اليأس من الأسد بدأ يتسلل إلى العقل الروسي. الناطق الرسمي في وزارة الخارجية، قال ان فكرة كلمات السفير تكمن في ان بشار الأسد يمكن ان يرحل عن السلطة ويمكن ان يبقى في منصبه. لكن مثل هذا القرار يجب ان لا يتخذه مجلس الأمن بل فقط الرئيس والشعب السوري. إن الرئيس الأسد وافق على البيان الأخير لمؤتمر جنيف وعين مبعوثه للحديث عن ظروف تشكيل جهاز انتقالي أي مبدئياً يمكن أن يعني ذلك بأنه لا يستثني إمكانية تسليم السلطة بشكل حضاري. ما يؤكد إحراج موسكو انها أيضاً أوقفت تسليم طائرات الهليكوبتر التي لم يعد يوجد أي شك في انها تستخدم ضد الشعب السوري.
بعد انفجار دمشق وتجويف السلطة ومعارك دمشق والسيطرة على البوابات الحدودية، ليس كما قبلها. بدأ العد العكسي. يستطيع الأسد أن يؤجل نهايته، لكنه لن يتمكن من تغيير النهاية. كلما أسرع في فهم الرسالة التي وصلته كما فعل علي عبدالله صالح، ساهم ومجموعته التي ما زالت مستمرة في القتل، في ترك شيء للسوريين يستطيعون فيه إعادة بناء سوريا بعد سنوات.
بدورهم الذين يدعمون الأسد باسم الممانعة والمقاومة، كلما ساهموا في تقصير مدة الانتقال إلى مسار جديد يوقف آلة القتل ويفتح الباب أمام التغيير، كلما فتحوا نافذة أمل صغيرة أمام خروج سوريا من المستنقع وبقائها حيث كانت قلب العروبة النابض.
الشعب السوري لن يتراجع عن قراره باسترجاع حريته، بعد أن كسر خوفه.
المقاومة لا تكون بلا حرية. الحر وحده يقاوم ولا يدفع الآخرين للمقاومة باسمه ليسجل المكاسب لنفسه والخسائر للمقاومين.
كلما قال الجيش السوري للأسد ونظامه كفى، كلما أبعد عن سوريا سكين الحرب الأهلية والحرب الطائفية. سوريا يجب أن تكون لكل أبنائها ولكل طوائفها. لم يعد مقبولاً ان تتحكم أقلية بأكثرية ولا أن تلغي أكثرية أقلية، كلما أسرع الجيش السوري وقال للأسد كفى كلما أنقذ سوريا من الشرذمة ومن خطر تنفيذ أي مشروع سواء كان أميركياً أو إسرائيليا، بإخراجها لعقود من موقعها ودورها.
بدأ العد العكسي. حان وقت الاختيار بين الماضي والمستقبل، بين القمع والحرية.
[email protected]
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.