دخل القلق العقل الروسي من الحالة السورية. لم تعد موسكو تتعامل مع تطور الصراع في سوريا من موقع الثقة الكاملة. لأول مرة أبدت وزارة الخارجية الروسية، صاحبة المواقف المتشددة، قلقها وحتى خوفها من:
[ القرار العربي الذي أعلنه السفير السعودي في الأمم المتحدة بفرض عقوبات جديدة على سوريا وطرحه على الجمعية العامة تحت القرار 377 الصادر في العام 1950 تحت عنوان متحدون من أجل السلام. نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غانيلوف شدد على أن فرض العقوبات من صلاحيات مجلس الأمن. روسيا تخشى أن تقف وحيدة أمام العالم، لأن أغلبية مطلقة مضمونة في الجمعية العامة. يكفي أن مجموعة أصدقاء باريس تضم مئة دولة وان عشرات الدول الأخرى مستعدة للوقوف معها. ليس أمراً مقبولاً لدولة مثل روسيا أن تقف عارية أمام المجتمع الدولي.
[ موسكو بدأت تقلق على وجودها العسكري في طرطوس. حتى وهي تتقدم بعرض للتفاوض حول حقها في هذه القاعدة، فإنها لم تعد مطمئنة على سلامة جنودها ومواطنيها. لذلك هددت المعارضة السورية من أي عمل عسكري ضد القاعدة ومواطنيها. مجرد صدور مثل هذا التحذير يعني أن موسكو بدأت تشعر بأنها تتعرى شعبياً في سوريا مع كل يوم اضافي من القتال.
[ تحذير موسكو من الحرب الأهلية وتمددها الى لبنان يتضمن خبثاً غير معهود في العلاقات. ذلك أن موسكو عبر صحيفة كوميرسانت كشفت أن مقاتلي حزب الله الشيعي يقاتلون الى جانب الجيش السوري في حين أن المعارضة السنية اللبنانية تقف مع المعارضة السورية.
مجرد أن ترمي موسكو مثل هذه القنبلة الصوتية يعني أنها بدأت تشعر بالخسارة ولذلك تهدد بالحريق الشامل.
في جميع الأحوال موسكو تخسر يوماً بعد يوم. وهي تؤكد على أن بوقوفها الى جانب النظام الأسدي تعمل على الحفاظ على الدولة السورية، غير انها تساهم مباشرة في تدمير الدولة. كل يوم حرب إضافي يعني تدمير جزء أساسي من هيكل الدولة. موسكو خاسرة على جميع الجبهات والاحتمالات. والولايات المتحدة تربح يومياً من دون أي تكفلة. ولذلك لا تبدو مستعجلة على الحل، وليس فقط لأنها على موعد مع الانتخابات الرئاسية.
بعيدا عن خسائر الكبار وأرباحهم، فإن المواجهة تبقى على الملعب السوري وما حوله. لا شك أن النظام الأسدي سقط أخيراً في حالة من التآكل الذاتي. فاخر النظام الأسدي طويلاً بأن أحداً من المسؤولين في مختلف الادارات والوحدات لم ينشق، وأن انشقاقات بعض الضباط والجنود لا تعني شيئاً، مهما بلغ عديدها، لأنّها ليست جماعية ومنظمة. الآن، تحوّل الوضع. مقتل آصف شوكت ورفاقه في عملية نوعية، أهم ما فيها بعيداً عن تفاصيلها، أنّها وقعت في حضن بشار الأسد، لا شك أن هذه العملية وقبلها محاولة تسميم المجموعة الأمنية، أثارت القلق والخوف من جهة، والريبة والشكوك في قلب النظام. ما دخل الشك بيتاً إلاّ ودمّره، فكيف في نظام أمني ومخابراتي مثل النظام الأسدي؟
عندما يشك المسؤول، كائناً مَن كان، بالمحيطين به ويضطر لأن يحسب ألف حساب لأقرب الناس له بمن فيهم مرافقه خوفاً من خيانته له، يعني ان بيته أصبح من ورق.
أيضاً، عندما يتخلى نظام عن خمس محافظات لحزب العمال الكردستاني، ضارباً بذلك عرض الحائط بالأمن القومي التركي، يعني أنه يدفع بالتصعيد إلى نهايته. الأسد يريد إشعال الحرب وتدمير كامل سوريا ولبنان طلباً لبقائه في السلطة. ليس أمراً عادياً إشعال مثل هذه الحرب. واشنطن أرسلت أحد أبرز مسؤوليها في الأمن القومي دون إعلان إلى إسرائيل فور وقوع عملية بلغاريا، لتمنع أي ردّة فعل عسكرية إسرائيلية. مهما حاول الأسد إشعال النار في المنطقة فإنّه لن ينجح. حتى في لبنان فإنّ كل محاولاته التي أضيف إليها الخبث الروسي القذر حول مشاركة حزب الله في المواجهات في سوريا، فإنّه لن ينجح. يوجد توافق عربي دولي يستند إلى إرادة لبنانية بإبقاء التوتر في لبنان مضبوطاً، لكن هذا القرار لا يعفي حزب الله من أن يمد يده لتحصين نفسه ولبنان، إلى قوى 14 آذار وخصوصاً إلى الاعتدال السني ممثلاً بـتيار المستقبل. أي خطوة يقوم بها حزب الله إلى الأمام باتجاه المصالحة والتحصين تدعمه وتنقذ المقاومة من الفخ الذي ينصبه لها بشار الأسد طلباً لإنقاذ نفسه ونظامه.
[email protected]
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.