تتسارع وتيرة تفتت النظام الأسدي. بعد تفجير دمشق ومقتل آصف شوكت والآخرين، انشق رئيس الوزراء رياض حجاب، ونجح بالهرب إلى الأردن مع عائلته. قبل 24 ساعة اختطف الإيرانيون على طريق المطار في دمشق. هذه العملية لا تقل أهمية عن باقي العمليات، لأن طريق مطار دمشق مفصل أمني حساس على مستوى سوريا وليس دمشق، كون النظام الأسدي نظاماً أمنياً مئة في المئة، فإن هذه النجاحات تؤكد تفتته. منذ الآن ستتسارع العمليات التي تؤكد أن قبضة النظام الحديدية قد ضعفت.
رئيس الوزراء رياض حجاب أعلن انشقاقه عن نظام القتل والارهاب، وهو خطط لهذا الانشقاق منذ اليوم الأول لتسلمه رئاسة الوزراء التي لا يملك التصرف فيها إلى درجة تغييبه الكامل عن السياسة في سوريا. هذا هو الإصلاح الذي أراد الرئيس بشار الأسد تنفيذه، فبقي الحال على حاله. بشار الأسد ولا أحد. رجب اختصر في بيانه الوضع بقوله: ليس هذا نهاية النظام انما بداية نظام جديد. ما يؤكد أيضاً أن الانشقاقات ستتوالى بغزارة تأكيد بيان حجاب أن كل الوزراء يريدون ان ينشقوا لكن المسدس في رؤوسهم، يستطيع مثل هكذا نظام أن يطيل عمره أشهراً لكن من المؤكد ليس إلى الأبد. وضع المسدس في رؤوس المسؤولين يضمن بقاءهم أسرى للخوف، لكن لا يمنع طلبهم للحرية.
قصف دير الزور بوحشية أثار رياض حجاب خصوصاً وأنه أحد أبناء عشيرة السخنة، أيضاً أهل حلب وهم حوالى خمسة ملايين نسمة الذين حيدوا أنفسهم وأموالهم ومتاجرهم عن الثورة، وجدوا أنفسهم أمام فوهة البندقية، لا يمكن للحلبيين مهما كان وطنهم في جيوبهم أن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام تدمير مدينتهم بطريقة مدروسة. أمام نظام يفاخر بأن القصف المستمر منذ أكثر من عشرة أيام هو مقبلات بانتظار الوجبة الرئيسية، لا يدع لأحد مجال الوقوف على الحياد، انخراط أهل حلب ولو متأخرين جداً في الثورة ينزع من الأسد الورقة الأخيرة من يده والتي كان يفاخر بها من أن سنّة حلب وتجارها وصناعييها تحديداً معه ومع نظامه مثلهم مثل سنّة دمشق وتجارها.
الرئيس بشار الأسد يثبت يوماً بعد يوم، أنه أكبر مصدر للارهاب في المنطقة، لقد سبق له أن قذف كرة الارهاب النارية إلى أحضان العراقيين باسم المقاومة فقتلت من المدنيين الآلاف ولم يصيبوا أميركياً إلا بالخطأ، الآن يعود الذين صدّرهم في حركة هجرة مضادة من العراق إلى سوريا.
أيضاً قام الأسد بتسليم المنطقة الكردية كلها المحاذية لتركيا للفرع السوري من حزب العمال الكردستاني. الأسد غير معني بوحدة سوريا. المهم أنه قذف بكرة النار إلى أحضان تركيا ورئيس الوزراء طيب رجب أردوغان. أخيراً ما كان يقال إن فتح الإسلام صناعة سورية مئة في المئة، يتأكد اليوم أكثر من السابق، وصول أسامة الشهابي ورفاقه إلى مخيم عين الحلوة يؤكد ذلك. بهذه العودة لقادة من فتح الإسلام إلى لبنان يوجه النظام الأسدي رسالة نارية للبنانيين مختصرها إشعال حرب مخيمات جديدة. بهذه العملية يعاقب الفلسطينيين من حماس وفتح لانهم لم يقفوا معه في عمليات القتل والتدمير، وفي الوقت نفسه يدفع باتجاه تفجير لبنان وإحراقه. منطق عليّ وعلى أعدائي يتحكم بكل تصرفات الأسد.
مهما يكن، كل هذه السياسة الارهابية للنظام الأسدي لم تعد تخيف أحدا، بالعكس ستسرع التفاهمات الإقليمية والدولية لاقتلاعه وتسريع عملية بناء نظام جديد في سوريا.
تركيا ستنخرط أكثر فأكثر في كل العمليات المؤدية إلى إسقاط النظام، لدى تركيا التحالفات والوسائل الكافية لجعل الأسد يدفع ثمن محاولته إشعال الحدود معها.
أيضاً الولايات المتحدة الأميركية التي كانت مترددة أو الأصح غير مستعجلة تبدو وكأنها قد سرعت خطواتها للمساهمة في توجيه ضربات قاتلة للنظام الأسد، بعد قرار الرئيس باراك أوباما السري بالمساهمة في دعم المعارضة السورية، سمح ترخيص صادر عن وزارة المالية الأميركية لمجموعة الدعم السوري بجمع التبرعات للمعارضة المسلحة، أيضاً الأردن الذي يراعي دائماً طبيعة علاقاته الحساسة مع سوريا، يخرج تدريجياً من قيوده ويتقدم في دعمه للمعارضة السورية وبطبيعة الحال فإن الدعم العربي خصوصاً السعودي القطري يتصاعد يومياً على جميع الأطر والمستويات والساحات.
حتى روسيا بدأت تشعر بأنها خسرت المعركة في سوريا، كل ما تستطيع ان تفعله هو تخفيف منسوب خسائرها. كلما أسرعت في ذلك بالاتفاق مع الولايات المتحدة الأميركية كان ذلك أفضل، مشكلة موسكو أن عليها أن تقرر قبل أن تعبر الجسر بسرعة أم تستمر في تصلبها فينهار الجسر ومعها كل طموحاتها في المنطقة وليس سوريا فقط.
لم يعد من الممكن العودة إلى الوراء كل ما يجري الآن، له هدف واحد هو التحضير لمرحلة ما بعد الأسد.
[email protected]
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.