8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

جنبلاط لأبادي: أنقذوا سوريا وليس آل الأسد

قصر المختارة واسع ويتّسع للجميع، على مثال سيّده وليد جنبلاط. لكن هذه الرحابة الطالعة من تاريخ عريق له جذوره العميقة الممتدة في استيعاب كامل للجغرافيا وعطاءاتها وإمكاناتها، تبقى في جميع الحالات ملتزمة بحدود العقل ودقّة المسارات التي تحيط بها أو تتقاطع عندها.
يبقى أن أصعب ما في كل ذلك، أن كل هذه الرحابة لا يمكنها أن تتجاوز حالات معيّنة منطلقة من موقع الاختلاف والخلاف، لأن المتحاورين بجلسات على ضفتين متقابلتين لنهر واحد. زعيم المختارة استقبل في مطلع رمضان المبارك السفير الإيراني غضنفر ركن أبادي في زيارة هي الثانية له بعد مرور ستة أشهر على اللقاء الاول. في هذا اللقاء جرى حوار صعب بين موقفين ثابتين:
همّ وليد جنبلاط انقاذ وحدة سوريا وعدم تعرضها للتقسيم وقيام دولة علوية، وتجنيب لبنان تداعيات الأزمة السورية، في حين أن التزام السفير أبادي هو كيفية كسر المؤامرة والتدخل الخارجي في سوريا. اللقاء الذي استمر ساعة ونصف الساعة تدفق فيه موقف جنبلاط حراً وصلباً ومتكاملاً ان كان حول سوريا أو لبنان.
شدد جنبلاط في استذكار متسلسل للأحداث في سوريا على ان المعارضة بقيت سلمية طيلة ستة أشهر، وان السلاح الآن هو للدفاع عن النفس، لأن النظام السوري يقتل شعبه، وان المعارضة لا تملك حتى الآن الصواريخ، لأن القرار الدولي يمنع حتى الآن تسليح المعارضة. ورأى سيد المختارة، أن التعلق الإيراني بوجود قرار إسرائيلي - أميركي لإسقاط النظام السوري ومعه الموقف الروسي الداعم يؤدي الى تدمير سوريا. والمسألة ليست موضوع إسرائيل، لأنه لم تطلق طلقة واحدة من الجولان على إسرائيل، منذ حرب 1973 التي تحقق فيها انتصار، وليس كما جرى في الحروب السابقة. وإذا كانت الحرب الكلاسيكية غير ممكنة في الجولان فلماذا لم يفتح النظام السوري الجولان أمام حزب الله ليقاوم، أم أن المطلوب أن يدفع اللبنانيون الثمن وحدهم في لبنان؟
لم يكن من وضع نقطة نهاية للحوار حول سوريا. فكانت النقطة الجنبلاطية الواضحة أن السوريين ليسوا ارهابيين. تنظيم القاعدة بتصرف النظام السوري، وهو الذي أرسل عناصر منه إلى العراق، وان الشعب السوري لا تنقصه الكفاءات والطاقات، وانه لا يجب اعتبار أي طرف حليفاً أو صديقاً عندما تناسبه سياسته، واعتباره متآمراً ومتحالفاً مع إسرائيل إذا اختلفت معه.
الحوار حول لبنان صعب أيضاً، خصوصاً أن تداعيات الأزمة السورية يجب مواجهتها. ولذلك دعا وليد جنبلاط للحوار، لكن هذا الحوار لا يمكن أن يبدأ من منطلق انه لا بحث في الاستراتيجية الدفاعية إلا بعد تحرير كامل الأراضي اللبنانية. ما يزعج جنبلاط ويقلقه ان شبح الاغتيالات يهيمن من جديد على لبنان، فقد طال سمير جعجع وبطرس حرب وهو يهدد سياسيين آخرين منهم سيد المختارة. ولا يخفي جنبلاط رأيه بأن محاولة اغتيال جعجع ليست مصطنعة، وان سوريا كانت وراء الاغتيال السياسي، فالسوري دخل إلى لبنان على دم كمال جنبلاط وخرج على دم رفيق الحريري. فالسوريون قتلوا كمال جنبلاط ورفيق الحريري، وأن السوري قادر على استخدام أدوات معينة لإلصاق التهمة بحزب الله، لكن هذا لا يعفي الحزب من تقديم مرافعته إلى المحكمة الدولية بلبنان. ولم يخفِ جنبلاط انزعاجه أن يكون السيد حسن نصرالله المدافع عن الشعب الفلسطيني وفي الوقت نفسه يدافع عن آصف شوكت المتورط في عمليات القتل والذي اغتيل المناضل عماد مغنية أمام بابه.
هاجس وليد جنبلاط الدائم هو الدولة، وضرورة انخراط الجميع وحزب الله منهم في الدولة، وإيران قادرة على لعب دور ايجابي مع حزب الله للانخراط فيها، علماً أنه مطلوب لاحقاً صيغة جديدة تريح الجميع، إذ لا يمكن لأي طرف أو فئة أن تنفرد بالقرار السياسي في لبنان، فالدولة هي الأساس ووحدها القادرة على حفظ وصيانة التنوع اللبناني.
قبل هذه الخاتمة، توضح حجم تعقد الأمور في هذا الحوار. لذلك كان من الطبيعي أنه لم ينتج اتفاقاً على أي نقطة، لكن من المؤكد أنه شكل قاعدة واضحة وثابتة للبناء عليها مستقبلاً.
[email protected]

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00