خسرت إيران وروسيا، معركة الأسد. لا يعني هذا، أن المعارضات السورية ستحرر قصر الشعب من الوريث الذي يحرق إرثه ليكون له أو لا أحد. المعركة طويلة، لكن لكل بداية نهاية. سقوط النظام الأسدي أصبح مكتوباً في السماء وعلى الأرض. تنشط طهران وموسكو لإطالة عمر النظام الأسدي، بعيداً عن التضخم المتزايد في عدد القتلى من السوريين، وارتفاع منسوب الأخطار لتفكك الدولة السورية، وخسارتهما الكاملة للحرب.
إيران غرقت في المستنقع السوري. لا تريد أن تخسر الحرب مهما بلغت التكلفة. هي تقدم المال الى درجة تحولها الى شريان للحياة للنظام الأسدي كما يقول وزير خارجية العراق هوشيار زيباري، أيضاً الخبراء من الحرس الثوري، الذي طوّر خبراته في حروب العصابات والمدن، يبقى على السوريين تقديم الخسائر من البشر والحجر على السواء، وهو ما يحصل بوتيرة متصاعدة.
موسكو لا تريد أن تتراجع عن موقفها الداعم للنظام الأسدي، مع أنها أكثر التقاصاً بالواقع من طهران. الخبراء الروس يعترفون علناً، أنه في نهاية المطاف فإن السيناريو الأكثر احتمالاً أن تستطيع المعارضة تحقيق الانتصار. طبعاْ الخبراء أنفسهم يقولون إن هذا الانتصار ما زال بعيداً وان دونه غرق سوريا في الحرب الأهلية.
أيضاً موسكو تدعم النظام الأسدي بالمال وهي اشترت جزءاً من المخزون النفطي السوري ودفعت ثمنه مسبقاً. مهما جرى ضخّ النظام الأسدي بالمال الإيراني والروسي، فإنه لن ينجو لأنه يلحس المبرد يومياً.
التحذير من غرق سوريا في الحرب الأهلية، تحوّل الى شعار روسي بامتياز. الرئيس فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف ومعهما كل الخبراء الروس يتكلمون بلغة واحدة وهي أن الحرب الأهلية بدأت في سوريا، رغم أن ما يجري حتى الآن قتال بين معارضة واسعة ومتعددة ونظام حديدي مستقوٍ بتحوله الى ملعب تدور فيه حرب باردة صغيرة.
الخطير في كل ذلك استعدادات تجري لتحويل الثورة بكل أخطائها الى حرب أهلية. الروس يقولون إنه تجري حالياً عملية سريعة لتنظيم الشبيحة في جسم عسكري موحّد، وأن ضباطاً من الحرس الثوري من فيلق القدس وهم ألفان من العناصر المقيمين في سوريا، يعملون على بناء هذا الجسم العسكري المشكّل من ستين ألف عنصر، بحسب بناء ونظام فيلق القدس. الأخطر في كل ذلك أن الشبيحة سيكونون من العلويين فقط وليسوا كما هم حالياً مرتزقة من جميع الطوائف. وأن هذا الجسم العسكري الثوري ستكون مهمته الكبرى حماية الجبل العلوي عندما تدق الساعة.
لا توجد محرّمات لدى الرئيس السوري بشار الأسد. بعد الشيشنه الكاملة لسوريا، لتكن الحرب الأهلية وصولاً الى الصوملة. يعرف الأسد ان كل الحلول وكل السيناريوات المطروحة تبدأ أو تنتهي بخروجه من السلطة. مصير الأسد معلق على الاجابة عن سؤال كيف ومتى؟
التهديد بالحرب الأهلية وتحول هذا الخطر الى محطة في كل الإعلانات والتصريحات الدولية، يثير الخوف في البداية ويزرع التردد، لكن القلق من تمدد هذه الحرب اذا وقعت وتحولها الى حروب اقليمية ولو داخلية، يعجل حكماً بالبحث عن حل سريع للحالة السورية.
سوريا ليست لبنان، ولا هي حتى العراق. حتى تحترق وحدها. الخوف من أن يصبح الحريق شاملاً يجبر الجميع بمن فيهم إسرائيل عن تعجيل رسم النهاية. لا يمكن حتى لإسرائيل التي تحلم بتحوّل سوريا الى دولة فاشلة، بعد أن كانت دولة ممانعة وداعمة للمقاومة إلا في الجولان الساكن، ان تتحمل صوملة سوريا. أيضاً (بالإذن من الزميل الصديق جهاد الزين) لا يمكن الغرب والحلف الأطلسي قبول بأكسنة تركيا، لأنها على حدود أوروبا وليست على حدود أفغانستان وإيران. هذا الخطر فيروس قاتل للأمن القومي الأوروبي والغربي معاً.
طالما أن الرؤية أصبحت مشتركة، بين الغرب وروسيا، سواء بحكم التوجه أو الواقع وهي انه لم يعد يوجد مكان للنظام الأسدي فإن البحث عن الحل قد وضع على السكة.
بعد الانتخابات الأميركية، سيتم تعجيل مسار الحل في سوريا، سواء مع حفظ دور للمعارضات السورية أو من دونها بسبب عجزها وانقساماتها وإساءاتها لقضيتها وللشعب السوري فإن الحل قادم، وإيران وروسيا خسرتا المعركة وهما حكماً تعملان سراً وعلانية حتى لا تخسرا الحرب، خصوصاً وأن روسيا ستفقد المبادرة في المشاركة بصياغة النظام الدولي الجديد وإيران ستخسر حلمها بالتحول الى قوة كبرى في الشرق الأوسط تفرض فيه إرادتها ومواقفها في رسم خريطة الطريق للمنطقة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.