8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

أوباما لطهران: الحل منتصف 2014 أو الحرب

اقترع الشباب الأميركي للمرشح باراك أوباما لأنه لا يريد الحلول العسكرية للمشاكل المشتعلة في العالم، والتي تقع مسؤولية الحل فيها على عاتق الولايات المتحدة الأميركية لأنها القوة العظمى في العالم. الحربان الأفغانية والعراقية أتعبتا الأميركيين، ولا يريد أغلبيتهم السماع بحرب ثالثة ترفع منسوب الكلفة الهائلة التي دُفعت سابقاً، وتغرق بلادُهم اقداماً أخرى في مستنقع الأزمة الاقتصادية.
في هذا الإطار، باراك أوباما الثاني، هو رجل الحلول السياسية، وفي أسوأ الأحوال فإنه يترك التعامل مع الجمر الدولي لغيره من حلفائه دون أن يعني ذلك التخلي عنهم. أوباما مشغول بملف الأزمة الاقتصادية وكيفية النهوض بالاقتصاد الأميركي في السنوات الأربع المقبلة، لا يتقدم على هذا الملف أي ملف آخر.
لكن هذا الغرق في الملفات الداخلية لن يعفي أوباما ولا الولايات المتحدة الأميركية من المسؤولية لأنها لا تستطيع تقديم استقالتها من موقعها ودورها، ما يعزز ذلك أن هذه القيادة هي التي تمنحها القوة والقدرة على رسم الخرائط للداخل والخارج معاً. التداخل بينهما قوي وحقيقي، ولا يمكن فصله مطلقاً. لذلك فإن الرئيس أوباما مجبر على مواجهة الواقع الدولي ولو من باب الواقعية السياسية. لا شك أن الشرق الأوسط في قلب هذا الواقع. مهما قيل إن النفط الشرق أوسطي حاجة استراتيجية فإنه لن يعود كذلك للولايات المتحدة الاميركية في مطلع العام 2020 أو حوله، فإنها لا تستطيع تجاهل تطوراته خصوصاً في ظل الربيع العربي الذي يتحول يوماً بعد يوم الى نوع من الطوز الذي يحجب الرؤية موقتاً، الى حين اكتمال مفاعيل التطورات.
أمام أوباما ملفان شرق أوسطيان لا يمكنه أراد أم لم يرد، إلا أن يتعامل مع جمرهما وحتى نارهما، وهما ايران وسوريا. بالنسبة لإيران تعهد أوباما بنقيضين هما عدم قيام إيران نووية، وعدم اللجوء الى الحرب لوقف المسار النووي الايراني. لكن هذا التناقض لا يعني الجمود أو الشلل، صحيح أنّ اوباما لا يريد الحرب مع إيران لكن ذلك لا يعني استحالة اللجوء إلى الحرب. خط أحمر وضعه أوباما لا يمكنه القفز فوقه. وهو عدم امتلاك إيران للسلاح النووي. بهذا الجانب فإنّ اوباما يريد ترك الوقت للوقت الايراني لكن شرطه الأول أن لا يكون مفتوحاً أمام مناورات لا تنتهي.
في واشنطن تشدّد مختلف الأوساط على وجود اتصالات ومباحثات استطلاعية مع طهران. المشكلة الاولى والأساسية غياب الثقة المتبادلة. لذلك التعهدات لنا تبقى معلقة في الهواء طالما لم تتحوّل إلى أبيض على أسود في اتفاقات خطية واضحة. تكذيب المباحثات لا يلغي وجودها. توجد أطراف وقوى دولية عديدة تقوم بأدوار منتجة. سكين المقاطعة والحصار الاقتصادي فعلت فعلها في الجسم الاقتصادي الايراني. لم تعد إيران تصدّر أكثر من مليون برميل في اليوم الواحد وبصعوبات كبيرة في التحصيل المالي. المهم انه إذا كان يقال في مختلف الأوساط الايرانية، ان الدكتور علي أكبر ولايتي المستشار الأقرب إلى المرشد آية الله علي خامنئي خصوصاً بكل ما يتعلق بالسياسة الخارجية هو الذي تسلم ملف المباحثات والاتصالات مع الأميركيين، فإنّ اوباما أعطى الضوء الأخضر إلى فاليري جاريت لتقوم بهذه المهمة. جاريت هي أقرب المستشارين إلى اوباما وتربطها علاقة صداقة معه ومع زوجته ميشال وكانت هي التي عرفتهما إلى بعضهما البعض. أهمية جاريت معرفتها الكاملة بإيران، لأنها وُلدت في طهران عندما كان والدها يعمل طبيباً فيها، حيث كان يدير مستشفى للأطفال. يمكن القول إن هذه الاتصالات تؤسس لمفاوضات. الجديد في كل ذلك، كما تؤكد مختلف المصادر في واشنطن، ان اوباما سيمنح طهران فترة محدودة ومحددة للتوصل إلى اتفاق نهائي لا تتجاوز حزيران 2014. أي انه يمنح الرئيس الايراني الذي سينتخب في حزيران 2013 سنة كاملة للعمل والحل. أما إذا استمر الايرانيون في المناورة ولم يصلوا معه إلى حل نهائي للملف النووي وباقي الملفات الاقليمية، فإنّ العودة إلى الحل العسكري نوع من الشر الذي لا بد منه. وهو شر سيكون شرعياً ومشروعاً وشعبياً على كافة المستويات في الولايات المتحدة الأميركية. يسود نوع من التفاؤل في واشنطن بنجاح هذه المحاولة لأنها جزء من خريطة طريق واضحة ومحددة زمنياً. ويبدو أن الجمهورية الإسلامية في إيران استوعبت حجم الأخطار التي تواجهها لذلك اقترعت أولاً للمرشح الديموقراطي باراك اوباما خلافاً لتاريخها في الاقتراع للجمهوريين الذي تأكد وأصبح خطاً ثابتاً منذ اختيار القيادة الايرانية منح حل السفارة الاميركية في طهران للمرشح الجمهوري المنتخب رونالد ريغان وليس للرئيس المرشح الديموقراطي جيمي كارتر.
تبقى الجمرة السورية وهي الأكثر إلحاحاً حالياً، خصوصاً أنّ نارها بدأت تهدّد كل المنطقة.
[email protected]

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00