8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

المرشد يخوض حرباً مكشوفة ليبقى الأسد

تخوض الجمهورية الإسلامية في إيران، حرباً مكشوفة من أجل بقاء بشار الأسد رئيساً إلى الأبد، لأنّ بقاءه مصلحة استراتيجية للنظام الإيراني وتأكيد للخط السياسي الذي رسمه المرشد آية الله علي خامنئي ويتابع تنفيذه مباشرة. منذ اليوم الأوّل للثورة في سوريا، دعمت طهران النظام الأسدي بإسم حماية المقاومة ومواجهة المؤامرة الأميركية. بقي الدعم الإيراني، مشودراً بالكثير من المواقف الملتبسة، لكن ميدانياً، يعلم الجميع أنّ طهران لم تترك وسيلة إلاّ واستعملتها لمصلحة الأسد، سواء مادّية أو سياسية أو خبرات عسكرية، خصوصاً في حرب المعلوماتية. تحوّلت سوريا، إلى ساحة مكشوفة للدعم الإيراني المتداخل بالروسي.
التصعيد العسكري والسياسي في فترة ربع الساعة الأخير، دفع طهران إلى نزع التشادور عن موقفها. كشف علي ولايتي مستشار الشؤون الخارجية للمرشد الموقف الإيراني. أعلن ولايتي: إنّ بقاء الأسد خط أحمر. طبعاً، لم ينسَ ولايتي، طبيب الأطفال السابق، تزيين هذا الخط الأحمر بأخضر الديموقراطية الخارجة من التجربة الإيرانية الواسعة، فأقرّ بوجوب إجراء إصلاحات في النظام الأسدي، علماّ أنّ د. ولايتي كان باستطاعته، وبإشارة من المرشد، أن يدفع الأسد قبل سنوات لإجراء الإصلاحات الملحّة والضرورية وأن لا يحوِّل ربيع دمشق إلى سجن كبير للمثقفين والمعارضين بهدوء، وأن لا يسخر من كبير هؤلاء ميشال كيلو فيقول لمَن طالب بإطلاق سراحه: تقصد ميشال أوقية؟. فما الذي تغيّر في شخص الأسد حتى يغيّر عاداته التي شبّ عليها ولينظر إلى السوريين صنواً له، ويقبل بخياراتهم؟
لا أحد يمكنه تقديم ضمانات بأنّ الأسد سينفّذ أي اتفاق حتى لو وقّعته موسكو وطهران وواشنطن. مجرّد أن يشعر الأسد بالقوّة سينظر إلى الجميع وكأنّهم أشباه الرجال. آخر تجلياته، أنّه فور تحسّن وضعه ميدانياً، عاد واستأسد وتكلم من موقع المنتصر، رغم أنّ الثورة ما زالت مشتعلة والضحايا يتساقطون بالآلاف. يشعر الأسد بالقوّة لأنّ لديه حلفاء يخوضون معه المعركة وكأنّها معركة المربّع الأخير، في حين أنّ حلفاء الثورة يجفّفون عنها المال والسلاح لتقبل بما يريدونه لهم ولسوريا.
إيران المأزومة اقتصادياً باعتراف الرئيس أحمدي نجاد أمام البرلمان أعلنت أنّها قدّمت مليار دولار لسوريا الأسد. هذا الإعلان ليس إلا غيضاً من فيض. على الأقل قدّمت طهران أكثر من ستة مليارات دولار في السنتين الماضيتين، وفرضت على العراق دفع مليارات عدّة إضافية من النفط والمشتريات التي لا حاجة للعراقيين لها. أما الإعلان عن المليار فإنّه إعلان عن استعداد إيران للتضحية بحاجات الشعب الإيراني طلباً منها لنجاة الأسد، لأنّها تعرف أنّ المال هو عقدة اخيل النظام الأسدي. طهران تكرّر نسخ تجربة الاتحاد السوفياتي بأمانة. النظام السوفياتي استمر في الدفع لحلفائه الأوروبيين الشرقيين حتى إنهار من الداخل. لا يمكن لأيّ شعب في العالم أن يرى الصواريخ تصعد إلى الفضاء، وأمواله تطير خارج الحدود، وهو بحاجة إلى هذا المال الطائر لسد حاجاته اليومية الملحّة.
الرئيس بشار الأسد يتعامل مع الثورة بأنّها حرب إرهابية عربية دولية ضدّه، إمّا أن ينتصر عليها وإمّا أن يخسرها ومعه حلفاؤه. لذلك يحارب الأسد دون رحمة وهو يستعد للأسوأ. بالنسبة للأسد الحرب الأهلية الشاملة هي الحل. توحيد اللجان الشعبية والشبّيحة وشبيبة البعث، في ميليشيا رسمية هي جيش الدفاع الوطني، مقدّمة لا بد منها للحرب الأهلية. الذين يعرفون الأسد عن قُرب يقولون إنّه مزدوج الشخصية في أفعاله وانفعالاته. إمّا أنّ يستأسد وإمّا أن يضعف وينهار. في الحالتين يبقى خطيراً جداً، لأنّ مَنْ يحرق سوريا ويعمل للحرب الأهلية، قادر على تفجير المنطقة على طريقة شمشون، أي عليّ وعلى أعدائي يا رب.
سوريا أصبحت مشكلة إيرانية داخلية. الانقسام حولها يزداد عمقاً في النسيج السياسي الإيراني. موقف المرشد المتصلّب هو الذي يضبط الإيقاعات حتى الآن. آية الله علي خامنئي يريد بأيّ ثمن أن يبقى الأسد إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية، حتى لا يؤثّر التغيير في سوريا على الانتخابات، خصوصاً في تحريك الشارع الإيراني، وحتى لا يجلس إلى طاولة المفاوضات مع واشنطن فيما بعد وهو ضعيف.
مشكلة المرشد آية الله علي خامنئي، أنّه دخل الحرب إلى جانب الأسد وأغلق الأبواب على كل الخيارات الأخرى، في وقت يُقاتل فيه فلاديمير بوتين إلى جانب النظام في سوريا وهو يؤكد أنّ ما يهمّه النظام وليس الأسد لأنّه كما قال في 20/12/2012: نحن ندرك أنّ هذه العائلة (أي الأسد) في السلطة منذ 40 سنة، ولا ريب أنّ التغيير لا بدّ منه.
قيصر روسيا وضع نقطة بداية لنهاية الأسد في السلطة. يبقى متى وكيف؟
[email protected]

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00