تواجه معارض سوري ديموقراطي، وجهاً لوجه مع ديبلوماسي غربي، عشية مؤتمر مجموعة الثماني في لندن.
لم يُخفِ الديبلوماسي غبطته بانعقاد المؤتمر في لندن بهذا الوقت، مشيراً في الوقت نفسه، الى تصريح وزير الخارجية وليم هيغ حول سوريا. المعارض السوري لم يستطع كتم غيظه، فقال له بحدة: تقولون إن ما يجري في سوريا هو أكبر كارثة في القرن الحالي، فماذا فعلتم حتى لا تقع الكارثة، وماذا تفعلون لوقفها والحد من خسائر الشعب السوري؟.
لم ينتظر المعارض السوري جواب الديبلوماسي فتابع قائلاً: عقد المزيد من المؤتمرات والتصريحات حول دعم الشعب السوري الذي يُذبح كل يوم خصوصاً بعد أن أصبح استخدام الأسد للطيران والصواريخ عملاً عادياً. الآن تقولون إن مخاوفكم من جبهة النصرة تحققت وأصبحت فرعاً لـالقاعدة والأخطر هو تحول سوريا والعراق ساحة موحدة. من البداية قلنا كلنا وعلى مختلف انتماءاتنا إن اليأس والإحباط والشعور بأن الناس والثائرين والمقاتلين متروكون عراة بلا دعم ولا سلاح وحتى في كثير من الأوقات بلا طعام أمام آلة حربية وحشية تقتل بلا رحمة، لن يبقى أمامهم سوى اللجوء الى من يساندهم والأهم الانزلاق بقوة نحو التشدد الديني.
وأضاف المعارض كلامه بحدة وواقعية: هل تعتقدون أننا هواة قتال. لم نكن نريد أصلاً سوى الحرية والعدالة، النظام هو الذي أغراكم بعلمانيته المزورة، وانخرط قلباً وقالباً مع إيران وحوّل سوريا قاعدة خلفية لها وخطاً أمامياً لكل خطابها السياسي حول فلسطين، دفعنا الى عسكرة الثورة فوقعت الثورة بين سندان الإسلاميين والمطرقة الأسدية التي لا ترحم.
وأوضح: لقد حرموا الثوار من السلاح وحتى الطعام في كثير من الأحيان (شاءت الصدفة أن يتلقى المعارض اتصالاً هاتفياً من أحد القادة الميدانيين شكا فيه بصوت حزين ومتهدج أن المقاتلين بلا طعام وأن كل واحد منهم لا يحصل على أكثر من رغيف من الخبز) باسم الخوف من النصرة، في وقت يحصل فيه النظام الأسدي على كل ما يريده من الدعم المالي والأسلحة والذخيرة من روسيا وإيران.
وتابع المعارض السوري العارف بالكثير من الخبايا والأسرار: مأساة الثورة في سوريا أنها حُوصرت من جميع الجهات الداخلية والعربية والدولية. وألمح الى بعض التفاصيل حول هذا الحصار التي يمكن إيرادها كالآتي:
[ داخلياً: التمزق الذي تعانيه الثورة وعدم إنتاجها قيادة تحظى بالتوافق يعود الى أن الثورة فاجأت الجميع في وقت كان التصحير السياسي الذي نفذه الأسد الأب والأسد الابن بالنار والحديد والسجون (التقينا صبية تعيش في باريس حملت اسماً غير اسم والدها المناضل الحزبي الذي عاش تحت الأرض لسنوات طويلة، حتى لا تتحول الى رهينة للأمن ولا ينكشف والدها ويضطر الى الظهور فيُلقى القبض عليه ويقتل) قد فعل فعله ونشر الخوف القاتل. ولا شك أن الإخوان المسلمين تلقوا أقسى الضربات ولكن وجدوا من يحتضن الناجين منهم ويساعدهم على البقاء والحفاظ على اللحمة في ما بينهم. ولذلك عندما وقعت الثورة تأقلموا بسرعة معتمدين على الدعم الذي ينقص الجميع. الى ذلك، فإن السلاح يفرض آليته ويغير من طبيعة حامليه، بعضهم يشرّفون السلاح الذي يحملونه والبعض الآخر يسيئون اليه والى شعبهم، لذلك يوجد اليوم الثوار من مدنيين وعسكريين من أضافوا الى الثورة، ويوجد من فسدوا وأفسدوا.
[ عربياً: الألم كبير جداً، لأن الفرقة والتنافس والجمود ساهمت كلها في رفع منسوب الأمراض والتعب داخل الثورة، ما شجع الغرب على التمادي في تعامله السلبي وترك سوريا تنزلق نحو الكارثة. ويتوقف المعارضون عن الكلام في هذا الجانب لأنهم يبلعون السكين.
[ دولياً: لا حاجة الى مزيد من الكلام لأن كل مواقف الغربيين كوارث سلبية في حين أن مواقف روسيا وإيران جزء من صناعة الكارثة.
يُجمع قادة ديمقراطيون وعلمانيون سوريون، على أن الثورة في سوريا شكلت أكبر مفاجأة للسوريين أنفسهم. لا أحد كان يتصور وحتى يحلم، بهذا الحجم من الصمود والتضحيات. لا أحد يريد القتال الى الأبد. الشعب السوري يريد حلاً، لكن لم يعد من إمكانية للتعايش بين هذا الشعب الذي خسر كل شيء وبين الأسد والمافيا المالية والأمنية التي تقتل معه.
كما يجمع هؤلاء على أن الحل يكون بالاتفاق على فترة انتقالية يتم فيها إعادة تنظيم الساحة سياسياً وإدارية وهو أمر ممكن. على كل حال، التطورات الميدانية تلعب دوراً مهماً أيضاً وهو مهم جداً للتحولات الخارجية التي لها موقع أساسي ولها حديث آخر.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.