8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

أوباما نأى بنفسه عن الكارثة السورية فـاستأسد عليه بوتين وخامنئي

استطاع الرئيس الأميركي باراك أوباما أن ينأى بنفسه حتى الآن عن إمساك كرة النار السورية بيديه، لكن يبدو أنّ هذا النجاح لن يطول، لأن سوريا ليست الصومال حتى تستمر فيها النار تأكل الأخضر واليابس إلى ما لا نهاية. سوريا مركز قطع ووصل في منطقة الشرق الأوسط المشتعلة أصلاً بالأزمات والحروب والصراعات على الوجود قبل الحدود. حتى الآن استعار أوباما من هزائم بلاده في أفغانستان والعراق كل الأسباب التي تغطّي موقفه البارد جداً من الكارثة السورية، علماً أنّ مسار أوباما الشخصي أثبت أنّه بارد لا تعنيه مآسي الشعوب، وأنّه ربما بسبب مسار حياته العائلي ومن ثم السياسي الذي سيبقى صفحة مطوية خصوصاً ما يتعلق بالأثمان التي دفعها للصعود ودخول البيت الأبيض وهو في الأصل من بلاد لم تُشفَ حتى من مرض العنصرية. التطورات الأخيرة، في سوريا وحولها يبدو وكأنها وضعت أوباما أمام امتحان جديد لن يستطيع عدم اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.
مسألة اتخاذ الرئيس أوباما موقفاً حاسماً من المأساة في سوريا لن تكون نتيجة لحالة طارئة لتحرك مشاعره الإنسانية، ولكن كما يبدو أنّ شعوراً عاماً أخذ يسود مراكز القرار في الولايات المتحدة الأميركية بأنّ النار السورية بدأت تهدّد المصالح الأميركية، لأنّ المواقف والوقائع والتطوّرات أكدت:
* ان روسيا وإيران مثابرتان في دعمهما للأسد رغم الكلفة الضخمة، على جميع الأصعدة خصوصاً المالية، وأنّ الأسد الذي يعرف جيداً أنهما معه في المستنقع نفسه أصبح يطلب منهما علناً دعمه مالياً. أمام هذا الانخراط الكامل فإنّه يصبح من الصعب على بوتين وخامنئي معاً الضغط على الأسد للرحيل، والدخول في عملية سياسية تنتج مرحلة انتقالية تنتهي برحيل الأسد، لذلك صعّد الأسد مؤخراً وطالب المعارضة التي يقبل بالحوار معها بأن تعتذر أولاً.
[لا شك أنّ الأسد استثمر بقوّة انسحاب الغرب من جهة وانخراط بوتين وخامنئي إلى جانبه من جهة أخرى، لكسر الخطوط الحمر يوماً بعد يوم، فاستعمل السلاح الخفيف أولاً لاصطياد المتظاهرين العزّل وصولاً إلى الطيران وصواريخ سكود وأخيراً تجربة غاز الأعصاب لاختبار ردود الفعل كما فعل سابقاً للذهاب بعيداً في تدمير سوريا على رؤوس المطالبين بالحرية والكرامة.
[ انّ استمرار سياسة النأي بالنفس، وعدم تسليح المعارضة غير الإسلامية هو الذي رجح كفّة التنظيمات الإسلامية والنصرة عسكرياً، وأنّ الاستمرار في هذه السياسة سيقوّي أكثر فأكثر جبهة النصرة والإسلاميين.
[ انّ قناعة بدأت تسود في واشنطن، أنّ استمرار الحرب في سوريا سيحوّلها إلى دولة فاشلة تهدّد الجميع في المنطقة بما فيها إسرائيل، وأنّ أكثر الدول المهدّدة حالياً ولاحقاً هما لبنان والأردن.
[ انّ تقدم النظام الأسدي وتراجع المعارضة يعني عملياً انتصار بوتين وخامنئي، وأنّه إذا كان بإمكان واشنطن التفاهم في ما بعد مع الأوّل لأنّ العلاقات تحتمل الكثير من التفاهمات لأنّ الخلافات محكومة بخطوط لا يمكن خرقها، فإنّ الثاني لن يتوقف عن الذهاب إلى أبعد مما يمكنه حتى ولو كسر خطوطاً حمراً لم يكن أحداً يقدرها.
[ إنّها أوّل مرّة، كما يرى خبراء أميركيون، يلتقي تيّار المثل الذي يغلّب منطق ترجيح الدواعي الإنسانية للتدخل، وتيّار الواقعية السياسية الذي يرى أنّ التدخّل رهن الدفاع عن مصالح حيوية لأميركا. ذلك أنّ الوضع الكارثي والأخطار التي بدأت تهدّد المصالح الاستراتيجية الأميركية يمتدان يوماً بعد يوم.
من المؤلم أن تكون سوريا على موعد مع تدخّل غربي واسع مدعوم بقوّة من العرب. ليس بالضرورة أن يقع غزو عسكري واسع، يكفي أن يعرف الأسد أنّ ساعة الرحيل قد دقّت. لم يترك الأسد وبوتين وخامنئي للسوريين والعرب والغرب الفرصة للحل. ليست المؤامرة التي نجحت، وإنما الإجرام والسماح للظالم بذبح الشعب السوري المظلوم هو الذي يشرّع اليوم خيار اللجوء حتى ولو كان إلى الشيطان للخلاص.
[email protected]

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00