8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

الجنرال يريد الرئاسة والحزب لبنان

قطار جنيف-2 انطلق. امام هذا القطار محطات كثيرة، بعضها التوقف فيها محبط، والبعض الآخر مليء بالمفاوضات بالنار. القوى الدولية والاقليمية المعنية، لا تعنيها كثيراً خسائر الشعب السوري. مصالح كل واحدة فيها اهم بكثير من أرواح وممتلكات السوريين. اذا كان الرئيس بشار الأسد لا يعنيه سقوط عشرات الآلاف من السوريين في المعارك والقصف والمعتقلات، فماذا عن الولايات المتحدة الاميركية واسرائيل وروسيا وإيران؟
الأزمة في لبنان مفتوحة باعتراف الجميع على الحالة السورية وتطوراتها. قطار لبنان توقف نهائياً في محطة سوريا، ولن يخرج منها حتى تخرج سوريا من حروبها. وحدة المصير بين لبنان وسوريا، ليست شعاراً مثل وحدة المسار. جزء من ولادة لبنان جاء من الرحم السوري. من الطبيعي اذاً أن يكون مصيرهما متشابكاً. انتظار قوى 8 آذار و14 آذار مستقبل الحرب في سوريا، طبيعي جداً. استقوت قوى 8 آذار بالنظام السوري وسلاح حزب الله. الآن وقد أصبح النظام الأسدي في خبر كان، لأن لا مستقبل للأسد ونظامه في مستقبل سوريا حتى لو تمت المحافظة على الهيكل العظمي للنظام، حتى لا تتكرر المأساة العراقية في الحل السياسي، فإن قوى 8 آذار و14 آذار ستنتظر بصبر النتائج لتأخذ ما تعتبره حقاً لها. لذلك كله فإن الفراغ سيكون سيد الموقف في لبنان.
حزب الله تحديداً يريد ضمان مستقبله في ظل امكانية سقوط الأسد. لا شك ان الحزب وطبعاً إيران من ورائه سيقاتلان بأظافرهما لانقاذ الأسد. إيران هي التي ستدعى إلى جنيف-2 لانها اذا كانت لا تستطيع فرض ما تريده، فإنها قادرة على تخريب ما يريده الآخرون. حزب الله حوّل باسم المقاومة والممانعة، مقاتليه إلى ميليشيا عسكرية في خدمة إيران وطموحاتها الاقليمية. طبعاً إيران لن تنسى اولاً تضحية حزب الله، وثانياً ستبقى الأم الحنون للشيعة خصوصاً شيعة حزب الله منهم على غرار الأمهات الكثيرات لباقي الطوائف.
ضمان مصالح حزب الله وطائفته داخل الشيعة، بند اساسي في ملفات إيران في أي مفاوضات جدية قادمة. على حزب الله التحضير لهذه المفاوضات وكأنها واقعة غداً. الفراغ السياسي، دون الانزلاق إلى الصدام وسقوط السلم الاهلي البارد سيبقى قاعدة لمسار حزب الله في المرحلة القادمة. الكلام الذي اطلقه السيد حسن نصرالله قبل فترة عن المؤتمر التأسيسي لصياغة لبنان السياسي الجديد، ليس شعاراً، بالعكس هو خطة عمل تنفذ على المدى الطويل.
السفير البريطاني طوماس فليتشر تحدث عن طائف-2 تحل فيه إيران مكان سوريا. ليس هذا الطرح بالونا سياسيا. إنه جزء من الحل الذي متى صيغ لانقاذ سوريا لا بد ان يطال لبنان بطريقة او اخرى. افضل حليف لحزب الله هو التيار الوطني الحر وتحديداً زعيمه الجنرال ميشال عون. طموح عون الأعمى لدخول بعبدا رئيساً للجمهورية ولو ليوم واحد، يدفعه لقبول طائف-2 رغم انه يعتبر اتفاق الطائف انتحاراً للمسيحيين. الواقع يقول ان المسيحيين نجوا بالطائف من بعض الخسائر، اما في طائف-2 فإن الاتفاق سيكون انتحارهم النهائي.
الهدف الاساسي من أي مؤتمر تأسيسي او طائف-2 هو هذه المرة تقديم الضمانات للشيعة. او تحديداً لطائفة حزب الله الشيعية. في صلب هذه الضمانات الغاء المناصفة وتثبيت المثالثة. المسيحيون سيخسرون حكماً. والموارنة هم الخاسرون الحقيقيون. اتفاق الطائف يعطي المسيحيين النصف. عون يرى انهم مظلومون، لكن اذا صارت حصتهم الثلث فماذا سيقول الجنرال الكبير؟
حالياً، للموارنة المواقع الاساسية والحساسة التالية: رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش ومديرية المخابرات وحاكمية المصرف المركزي ورئاسة مجلس القضاء الاعلى ورئاسة مجلس الشورى ورئاسة المجلس الاعلى للجمارك ورئاسة التفتيش المركزي. هذا عدا المواقع الاخرى في الفئة الاولى فماذا سيبقى للموارنة اذا اخذ كل المسيحيين الثلث؟ في اقصى الحالات ستين في المئة من الثلث والأهم ان الشيعة سيأخذون حصتهم مع السُنَّة من هذه المواقع الحساسة لأنه لا يعود ممكناً التسليم للموارنة باحتكار هذه المواقع بدءاً من رئاسة الجمهورية وصولاً إلى آخر موقع حساس.
الرئيس امين الجميل السياسي المخضرم والعارف جيداً بطبيعة الاوضاع في المنطقة، قال: إن موازين القوى لا تسمح بتغيير النظام لصالح المسيحيين. جريمة كبيرة ان يضحي المسيحيون بما يملكون الآن من اجل تنفيذ اوهام جنرال خسر الحرب. هذا الجنرال يعرف جيداً أنه متى وُقّع الاتفاق الشامل لا يمكن الا صعود قطاره.
ألم يهرب الجنرال عون على عجل من قصر بعبدا، فور تحليق الطيران السوري فوقه. لأن عنوان الرسالة كان واضحاً. فالاتفاق بين واشنطن وتل ابيب وحافظ الأسد قد أنجز.
[email protected]

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00