8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

الربيع التركي لإنضاج الربيع الأردوغاني

عمران الزعبي، وزير الإعلام معارض نائم. تظاهرات ساحة تقسيم في اسطنبول، كشفته. المضبطة الاتهامية التي قالها بحق رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي، هي الأساس لمرافعة مدعي عام المحكمة الدولية أو الشعبية السورية بحق الرئيس بشار الأسد.
الزعبي قال من دون أولويات:
[ قيادة البلاد بأسلوب إرهابي.
[ انفصاله عن الواقع.
[ لا يستحق الشعب هذه الهمجية.
[ لا مبرر للرئيس في تحدّي شعبه.
[ لا تستحق مطالب الشعب كل هذا العنف.
[ إذا كان عاجزاً عن اتباع وسائل غير عنفية عليه التنحي ولدى الشعب كوادر كثيرة وعاقلة.
[ على الرئيس احترام إرادة شعبه وأن يغادر إلى الدوحة التي قد تستضيفه.
يمكن إضافة الكثير من هذه الاتهامات التي وجهها الزعبي الى أردوغان والتي من الواضح أنه كان يقصد بها رئيسه بشار الأسد. عاجلاً أو آجلاً سيدفع الوزير ثمن معارضته وخيانته للرئيس بشار الأسد، ما دفعه قريبه رئيس الوزراء الأسبق محمود الزعبي ثمناً لمعارضته الرئيس الراحل حافظ الأسد، عندما انتحر برصاصتين في الرأس.
لو كان في طيب رجب أردوغان، واحد بالمليون من كل هذه الاتهامات، لكان الشعب التركي أطاح به، إن لم يطح به حزبه بعد ليلة كاملة من التظاهرات أوقف حوالى ألف متظاهر، أطلق معظمهم قبل الفجر. أردوغان قال: إذا كانت لدينا بالفعل ممارسات مناهضة للديموقراطية، فإن أمتنا ستطيح بنا. الربيع التركي الذي يُبشر به، بسبب التظاهرات، مسار جديد لإكمال وإنضاج الربيع الأردوغاني الذي نفذه أردوغان، وأخرج به تركيا من تحت جزمة العسكر، وجعلها دولة متقدمة اقتصادياً، وهو يعمل على حل مشكلة الأكراد القومية العميقة الجذور.
لا يعني ذلك كله أن التظاهرات التي بدأت في ساحة تقسيم وانتشرت في 67 مدينة، ليست شيئاً. ما حدث أن الشعب التركي الذي عرف الديموقراطية يريد تعميقها والإصلاحات والحريات. لم يعد الشعب التركي يتحمل أي سلوك سلطاني، ولا يمكن له أيضاً وقد عاش نظاماً علمانياً يحترم حرية المرأة، إلا متابعة وتطوير احترام هذه الحرية. غالبية الشعب التركي ملتزمة إسلامياً. لكنها ترفض أسلمة الدولة والمجتمع. احترام المجتمع المدني بكل مكوناته جزء أساسي من هذا الربيع التركي أيضاً وهو مهم، لقد وقعت أخطاء وخطايا كبيرة بحق المكون الكردي في تركيا. من الضروري مستقبلاً إعطاء ضمانات للأكراد في تنفيذ الحلول الموعودة.
أما لماذا لن يكون الربيع التركي مناقضاً للربيع الأردوغاني، فلأنهم يدركون في تركيا أنه توجد قوى عديدة منها الأسد تعمل على دفع تركيا نحو السورنة، بهدف إنجاح أي محاولة لفرض تقسيم جديد على المنطقة يلغي سايكس بيكو الذي فرض بعد إعلان تركيا رجل أوروبا المريض.
معركة القصير، فتحت الطريق نحو رسم خريطة جديدة لسوريا أساسها إقامة دولة علوية تمتد من القصير الى الحدود التركية في الاسكندرون ومن ثم قيام ثلاث دول أخرى على مساحة سوريا اليوم. حتى ولو بدت كل الوقائع تؤشر الى تحقيق مثل هذا السيناريو، فإنه لن يقع. أكثر ما يمكن أن يحصل فرز طائفي وعرقي في تجمعات تحت علم واحد في سوريا كما في العراق اليوم، الى أن تتغير المعادلات في ما بعد.
تقسيم سوريا، وقيام دولة علوية فيها، بداية وليس نهاية. يقال إن لبنان هو الهدف الثاني، مع أنه كان وسيبقى الأخير الذي تطبق عليه التحولات والمقصات ومباضع الجراحين. تركيا ستكون التالية، لأن فيها العلويين الذين وإن كانوا ليسوا كلهم من علويي سوريا، إلا أن الكثير منهم القابلين للانزلاق في مشاريع من هذا النوع. النظام الأسدي يعمل على توسيع هذا الخرق، خصوصاً وأنهم علمانيون ومنتشرون في أجهزة الأمن والاستخبارات مما يمنحهم موقعاً حساساً في صياغة بعض الأحداث والحوادث. أيضاً توجد مشكلة كردية معروفة الجذور والأبعاد. تقسيم تركيا يعني سقوط خط الدفاع الأوروبي الأول أمام روسيا. حتى روسيا ستكون في مواجهة أكبر من خاصرتها الهشة في الجمهوريات الإسلامية القائمة.
أيضاً تقسيم تركيا يفتح الباب نحو تقسيم إيران. هاشمي رفسنجاني كشف لأول مرة وجود مشروع أميركي لتقسيم إيران ابتداء من آذربيجان وبلوشستان. آذربيجان الكبرى طموح كبير لجمهورية آذربيجان. وقيام بلوشستان الكبرى يحل مشكلة كبيرة أمام الروس والأميركيين لأنها ستضم أجزاء من أفغانستان وباكستان وإيران.
تقسيم سوريا، يعني فرط مسبحة الشرق الأوسط الكبير من أفغانستان إلى شواطئ شرق البحر المتوسط، من البديهي أن تغيير هذه المنطقة يفرض تغييرات واسعة وعميقة على الدول والقوى في العالم. لا يمكن أن يسلم أحد من قيام خريطة جديدة على هذه المساحة. لا روسيا ولا أوروبا القديمة والجديدة، ولا حتى الهند, وأيضاً وهو طبيعي جداً وادي النيل بدوله الثلاث مصر والسودان وجنوب السودان, وشمال أفريقيا بدوله تونس والمغرب والجزائر وليبيا وموريتانيا ودول الصحراء الأفريقية التي تتعرض حالياً لحروب إسلامية غربية حقيقية.
التشاؤم نتاج واقعي لما يحدث في سوريا، وهو مفيد إذا رافقه شيء من الواقعية السياسية لأنه يدفع الى تحريك قطار الحل، المتوقف حالياً قبل محطة جنيف-2 بانتظار معرفة من سيكون فيه؟ ومن سيجلس مع من؟ ومن يحق له التفاوض من موقع القوة؟ حتى ذلك الحين الشعب السوري سيتابع دفع أثمان ديموقراطية بشار الأسد وديكتاتورية طيب رجب أردوغان...
هزلت...
[email protected]

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00