أقامت منظمة العمل الشيوعي فرع البقاع مهرجاناً سياسياً حاشداً في بلدة قب الياس البقاعية، بمناسبة ذكرى انطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، وتكريماً لأحد أبرز قادتها الراحل خالد غزال.
حضره ممثلين عن الحزب الشيوعي والحزب التقدمي الاشتراكي، وفصائل فلسطينية، كما حضر النائب السابق أمين وهبي، رئيس اتحاد بلديات البقاع الاوسط محمد البسط، رئيس بلدية المرج منور الجراح، رئيس بلدية سعد نايل حسين الشوباصي، رئيس بلدية المريجات جمال مشعلاني، وحشد شعبي وحزبي.
بعد النشيد الوطني اللبناني تحدث باسم البلدة عمر غزال، نوه بمزايا القائد خالد غزال (واصف)، واعتبر ان بلدة قب الياس ولادة للقيادات والمناضلين والشهداء، كما لفت غزال الى دور "واصف" المفكر والسياسي وابن البلدة الذي يعرف كيف يتخذ الموقف الصائب في زحمة المتناقضات الضيعوية المتشابكة بين السياسة والمصالح الانية انحيازاً الى مصالح الناس الانمائية.
ثم تحدث رفيق وصديق درب المفكر والكاتب خالد غزال العلمي والفكري الدكتور فارس ساسين، والذي أسهب في شرح الثالوث الذي قامت عليه أفكار ومبادئ خالد، واستحضارها في كتب أغنت المكتبة العربية.
فيما زوجة الراحل عائدة سلوم قدمت كلمة وجدانية، سردت فيها أفكار خالد ومصالحته مع مبادئه ونفسه، وقدرته على متابعة كافة الأمور انطلاقاً من مبدائه الانسانية والوطنية، كما كان الزوج والأب المثالي المنفتح، والأخذ بيد المرأة زوجة كانت أم بنتاً او اختاً او صديقة لأن تجد نفسها لتسلك طريقها، وقالت "كان ضد سياسات التهجير والتكفير، وإلغاء الآخر وضد انفلات الغرائز والطوائف وتهشيل الشباب".
وكانت الكلمة السياسية لأمين سر المكتب التنفيذي زكي طه، سرد طه المراحل التاريخية لمسيرة خالد غزال الحزبية والنضالية، ولفت أن كان لغزال الجهد الأكبر في التحضير للمؤتمر الرابع الذي إختتم به مسيرته النضالية. وهو بارادته الصلبة يسابق المرض الذي يفتك بجسده. وقال أن المؤتمر يعتبر إنجازاً فاصلاً في تاريخ المنظمة، وتتويجاً لمسيرة امتدت نصف قرن من الزمان". ولفت أن حق الشهداء والمناضلين والقادة، الذين رحلوا أن يُكرموا، لأنهم قدموا أغلى ما لديهم في سبيل قضايا آمنوا بها وضحوا من أجلها. والتكريم لا يكتمل، إلا بتجديد مسيرة النضال التي انتسبوا إليها، مناضلين ومقاتلين ومقاومين، سقطوا شهداء من أجل التغيير والتقدم، ودفاعاً عن الوطن". وعدد التحركات النضالية المطلبية وقال "حملنا السلاح معاً من أجل فلسطين، التي رأينا في قضيتها وثورتها، رافعة تحررية تتجاوز لبنان، لتعم العالم العربي، وتقيم فيه أنظمة وطنية ديمقراطية. هُزمت الثورة وشُرّد الثوار، وحُوصرت قضية فلسطين، لكن شعبها لم يزل ويظل ثائراً، وسقط منا شهداء" .
وعرض طه مشاركة المنظمة في مواجهة العدو الصهيوني، الذي استغل انقسامات اللبنانيين حول الهوية والوطن. فاجتاح جيشه الجنوب واكثر البقاع والجبل، واحتل عاصمة الوطن وسط مقاومة بطولية بعد حصار طويل، وسقط منا شهداء، لبينا نداء القائدين، الشهيد جورج حاوي والرفيق محسن ابراهيم، وأطلقنا جبهة المقاومة الوطنية اللبنانيية، جواباً تاريخياً على الاحتلال الاسرائيلي، وخلال أيام انسحبت قواته من بيروت على وقع مناداتها بوقف العمليات عليها، ثم أُجبرنا وإياكم العدو، على الانسحاب من أكثر المناطق المحتلة، وكان منا شهيد المقاومة الاول مهدي مكاوي، وشهيدها الاول في الجنوب فضل سرور".
أضاف طه أن صفوف مسيرة التحرير اتسعت، وأوقعت خسائر بالعدو وكبرت لائحة الشهداء"، واعتبر طه أن الحرب الأهلية كانت مدارة ومدعومة فكانت أقوى، لذا تعددت ساحاتها واتسعت صفوف قواها وجبهاتها. "حاولت سلطة الوصاية اخضاع المقاومة الوطنية، لخدمة سياساتها ومصالحها. وضيقت عليها مع قوى الطوائف المتحاربة، وحاصرتها ودفعتها للإنكفاء، فجرى تطييف العمل المقاوم تحت راية المقاومة الاسلامية، لكن ذلك لم يمنع تحقيق إنجاز التحرير المجيد، بقوة تضحيات مقاتلي حزب الله، والاحتضان الأهلي له والدعم الخارجي، لكنه في المقابل كرسًّ التحريرَ والمقاومةَ والسلاحَ، مادة انقسام بين اللبنانيين، وعطل مفاعيله الوطنيه وجعله موضع نزاع داخلي، ووسيلة استقواء وارتباط بالخارج".
واستعرض طه تزامن انكفاء جبهة المقاومة الوطنية وهزيمة مغامرة التغيير، و" فشل مشروع الحركة الوطنية للاصلاح بقيادة شهيدها الأكبر كمال جنبلاط، مع قرار خروج منظمتنا من الحرب الأهلية. الحرب التي أُجبر اللبنانيون على مقايضة وقف القتل والتهجير والدمار بتجديد النظام الطائفي، بقرار دولي ودعم عربي. وهو النظام الذي ما زال يحكم البلد، بقوة آليات المحاصصة التي تأسر اللبنانيين، في دائرة التخلف والانقسام، و خطر تجدد الحرب الأهلية والإرتهان للخارج".
وتابع:"كانت الاستحقاقات أمامنا كثيرة، والخيارات صعبة كلها، والأسئلة صادمة ولا أجوبة. لم يكن مفاجئاً أن يستسلم كثر، ويسلموا بالهزيمة تعباً ويأساً، وأن تتنازعهم مقاعد المتفرجين، واحضان الطوائف واحزابها الزاحفة لتقاسم السلطة، ونحن كغيرنا لم ننجُ من الإنهيارات والانقسامات والشرذمة، التي حلت بجميع القوى والأحزاب اليسارية والشيوعية أينما كان".
واعتبر طه ان خيارات خالد غزال بالاستمرارية لم يكن بالامر السهل، في ظل انهيار المنظومة الاشتراكية، وما تلاها من انعكاسات، وقال ان اتخاذ الاشتراكية والتقدم والديمقراطية، مع قناعة راسخة، بضرورة مراجعة التجربة واستخلاص دروسها، بوصفها مدخلاً وحيداً لإمكانية تجديد اليسار ودوره، بعيداً عن الاستسهال والتبسيط. فشكلت المراجعة النقدية، فتحاً فكرياً وسياسياً في عالم اليسار اللبناني والعربي".
وتطرق طه الى مسيرة المنظمة النضالية" قدمت منظمتنا، المئات من الشهداء والجرحى ومن المعتقلين والأسرى والمخطوفين، وغادر صفوفنا أيضاً المئات من المناضلين والقادة الذين هدهم التعب والمرض، ورحل عنا رفاق كثر، وقادة أعزاء كان آخرهم قبل أشهر الرفيق خالد".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.