8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

طهران لواشنطن: نعم لسحب الحزب من سوريا

باراك أوباما رئيس أميركي ضد الحرب. عقدتان تتحكمان به، الحرب ضد العراق وخسائرها ونتائجها وآثارها النفسية المشابهة وإن بحجم أقل للحرب الفيتنامية، والأزمة الاقتصادية التي ضربت الولايات المتحدة وما زالت آثارها مؤثرة حتى الآن الى درجة أن الاقتصاد الأميركي ما زال مريضاً، وربما لعدة سنوات إضافية. صمد أوباما شهراً أمام كل الدعوات للانخراط بطريقة أو أخرى في الحرب في سوريا. في كل مرة كانت الدعوة بحجم كسر الخط الأحمر، كان يجد العذر أو الحجة لينأى بنفسه عن هذا المستنقع، حتى حشره بشار الأسد في زاوية التزامه العلني والرسمي، عندما تدرج في استخدام السلاح الكيميائي من الجرعات المحدودة، الى الجريمة الكاملة التي سقط فيها أكثر من قتيل بينهم أكثر من طفلاً، ولم يعد من الممكن الاستمرار في التمثل بحالة النعامة ووضع رأسها في الرمال حتى لا ترى الذئب وهو يهاجمها.
أزمة أوباما مزدوجة، لأنه إذا ترك الأسد، فإنه سيستأسد عليه وعلى الشعب السوري ولبنان واللبنانيين، وبذلك يصبح التدخل المتأخر مكلفاً، والصمت أكثر كلفة. أخطر من ذلك وهو ما يمس الأمن القومي الأميركي فعلاً، إن ترك الجريمة تمر وكأنها لم تقع، لن يشجع الأسد وحده للذهاب بعيداً في استعمال كل ما يراه مناسباً للصمود والتصدي، وإنما سينتج ذلك تشريع استخدام سلاح الرعب من الغازات الكيميائية، الذي تعتبر كلفته أقل ووسائل استخدامه أسهل من قبل القوى الظلامية مثل القاعدة وغيرها ضد العالم، بحجة أن أمن العالم وسلامة الشعوب ليسا أغلى من أرواح السوريين وأطفالهم. من ارتكب جريمة نيويورك في أيلول (يوم عيد ميلاد الأسد) لن يردعه رادع إنساني او أخلاقي.
لجوء أوباما الى الكونغرس محاولة جدّية منه لتخفيف مسؤوليته في أي حرب في سوريا، لأنه اذا كانت البداية دائماً معروفة فإن النهاية تبقى مجهولة، وما بينهما من تطورات ومفاجآت يبقى سراً عظيماً. أوباما حمى ظهره ولكنه في الوقت نفسه أضعف موقعه الرئاسي، لأنه في نظام رئاسي جعل قراره معلقاً على اقتراع الكونغرس، الذي إذا حصل وقال له لا للحرب فإنه سيصبح رئيساً مهمشاً وضعيفاً. بذلك يكون دخل التاريخ الأميركي كاستثناء وخرج منه كاستثناء أيضاً.
بانتظار الحسم، فإن المرحلة هي مرحلة المفاوضات على مساحة العالم. المطلوب إقناع القيصر فلاديمير بوتين، والولي الفقيه آية الله علي خامنئي، أنه حان الوقت للتفاهم على سوريا بلا الأسد مع حفظ الحقوق والمصالح المشروعة لهما. العملية ليست سهلة، لأنه يجب تحديد سقف للمطالب ولفترة المفاوضات حتى لا يتم قتل الوقت بالوقت. قمة العشرين وبعدها الثماني ستكون أكثر من مهمة، على الأرجح ستحسم الكثير من التردد سلباً أو إيجاباً.
أيضاً المفاوضات مع طهران مهمة وهي تأكدت مع التسريبات الايرانية حول المباحثات التي أجراها جيفري فيلتمان في طهران مع وزير الخارجية ظريف. العرض الإيراني تضمّن:
- عدم الهجوم العسكري لأنه يخدم المتشددين في سوريا وإيران والمنطقة عموماً.
- تعمل إيران على ضبط إيقاع الحكومة السورية مع المعارضة. السؤال هو ما هي هذه الحدود وكيفية ترجمتها؟
- انسحاب حزب الله من سوريا.
- عدم تقديم السلاح لجبهة النصرة.
أصعب من إجراء عملية جراحية لمريض في حالة دقيقة، معرفة موعد العملية ونوعها وهل هي لمساعدته على الشفاء، أم فقط لمواجهة تطورات مرضه بانتظار العثورعلى العلاج المناسب. حالة سوريا اليوم من حالة هذا المريض.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00