8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

ستة أشهر.. دامية

الأشهر الستة المقبلة، هي الأخطر والأصعب والأكثر دموية وتهديداً للوجود. ليس لبنان وحده المعني بهذه المعادلة المصيرية. منطقة الشرق الأوسط الكبير كلها معنية. لبنان في عين الإعصار. كل يوم من الأيام الـ180 القادمة، امتحان قاسٍ جداً، استحقاقاته حاسمة. يجب مواجهة المرحلة بالكثير من الصبر وبرودة الأعصاب. لأنّه يكفي حالياً التوتّر السائد إلى درجة أنّ اللبنانيين يسأل بعضهم بعضاً: ما إذا استطاعوا النوم طوال الليل، ولم يناموا نوماً متقطعاً متعباً. لم يبقَ أحد في العالم إلاّ واصبح لاعباً في المنطقة، خصوصاً في سوريا التي تحوّلت إلى ملعب مفتوح، بالكاد عاشته أفغانستان.
الاتفاق النووي الأميركي الإيراني، في مرحلة التجربة وإثبات النيات الطيبة. طبعاً طهران وواشنطن تريدان عبور فترة التجربة بنجاح. لكن في العاصمتين مراكز قوى فاعلة ومؤثرة لا تريد الاتفاق، لذلك الصراع مكشوف مع القوى المؤيدة لبناء علاقات جديدة إيجابية وهو سيكون حاداً وستكون المواجهة على مساحة البؤر المشتعلة.
لا يمكن لطهران أن تتصالح مع الشيطان الأكبر من دون أن تتصالح وتتفاهم مع محيطها, وتحديداً الرياض. مثلما تبادلت وستتبادل التنازلات مع واشنطن، للتوصل إلى اتفاق نهائي لكل المصالحة، طهران مضطرة للتفاوض مع الرياض. التصريحات لا تكفي، يجب رؤية الأعمال. يجب أن تقول ماذا تريد وما هو سقف استقوائها بالمصالحة مع واشنطن وحيازتها على شرعية امتلاكها للقوة النووية. لا يمكن للرياض أن تتصالح مع طهران، وهي تعاني يومياً من يدها الطويلة، في لبنان وسوريا واليمن والبحرين والعراق. يجب التوقف عند خط أحمر غير قابل للتمدد ولا للكسر. بلا شك، سوريا هي الامتحان الأكبر. التفاهم والمصالحة تبدآن منها.
لبنان مستمر في السباحة في الفراغ، وهو معرّض أكثر فأكثر لمخاطر أكبر خصوصاً إذا وصل استحقاق الانتخابات الرئاسية والدولة معطلة. تصعيد السيد حسن نصرالله ضدّ السعودية، تطوّر سلبي وخطير ومرفوض. قد يكون أيضاً رسالة إلى الرياض بأنّها إذا ما تصالحت مع طهران، فإنّه ليس جزءاً دوفاكتو من هذه المصالحة. وقد برز ذلك من قوله: إنّ إيران لا تتدخّل في القرار الذي يأخذه الحزب في السياسة الداخلية اللبنانية. طبعاً لا يأخذ أحد هذه الحرية عن قرار الولي الفقيه جدّياً. الجميع يعرف أنّ الولي الفقيه هو الذي يرشد إلى نهاية المسارات حتى ولو أخذ بفي الاعتبار رأي السيد نصر الله. باختصار تصعيد السيد نصر الله السلبي جدّاً ضدّ السعودية يتضمّن دعوة للتفاهم معه لتكون المصالحة السعودية الإيرانية متكاملة. ما يعزز ذلك أنّ قلقاً ضمنياً يمتد من الحرس الثوري إلى حزب الله، من أن تكون نتيجة المصالحة مع الشيطان الأكبر، تشكيل نهج ومسار يأخذ في الاعتبار مصلحة الدولة في إيران بعيداً عن الثورة ومتطلباتها، هذه النتيجة لا تعني حل الحرس الثوري وحزب الله، ولكن من الطبيعي أن ينسجم موقعهما ودورهما مع المتغيرات الاستراتيجية الجديدة.
سوريا هي مركز الإعصار. انعقاد مؤتمر جنيف-2 إذا حصل في 22 الجاري، لن يكون أكثر من مناسبة لأخذ صورة. مستقبل بشار الأسد ونظامه في قلب الصراع. لم يقتنع الأسد بأنّه خرج من التاريخ، وأنّه يكاد يصبح حملاً ثقيلاً على حلفائه.
نجح الأسد في تحويل سوريا إلى مغناطيس لجذب كل التكفيريين إليها. هدف الأسد التحوّل إلى حاجة لواشنطن في الحرب ضدّ التكفيريين. من الواضح أنّه لن ينجح في ذلك لأنّه لا يستطيع لعب دور مضرم النار والاطفائي في وقت واحد.
الرئيس اوباما هو الرابح الكبير من حرب يقتتل فيها أعداؤه ويستنزف فيها خصومه رصيدهم المالي والسياسي وحتى الأخلاقي، فلماذا يساعدهم؟
[email protected]

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00