دخلت الحرب في سوريا، مرحلة الرعب إقليمياً ودولياً. السوريون عاشوا ويعيشون وسيعيشون لفترة طويلة هذا الرعب. لا شك أنّ السوريين، خصوصاً النازحين منهم الذين عبروا البحار وغرق منهم المئات، أو الذين يمضون الشتاء عراة في مخيمات يحلّق فوقها الموت، يتغذّون بالحقد بكل سمومه وناره التي لا تنتهي ولا تطفأ.
مايكل هايدن المدير السابق للمخابرات المركزية، أتحف العالم بثلاثة سيناريوات لنهاية الحرب لا جديد فيها، فقد قيلت قبلاً. الجديد أنّها صدرت من أحد صُنَّاع حروب الظلال ومراقبة العالم حتى أدقّ خصوصيّات الناس العاديين. الجيد في هذا الكلام، أنّه يعتبر انتصار بشار الاسد أمراً مخيفاً أكثر مما يظهر. رئيس مثل الأسد أطلق صواريخ سكود على القرى الآمنة والسلاح الكيماوي على الأطفال وهو ضعيف، لا شيء سيقف أمام آلة القتل التي طوّرها إذا قضى على الثورة. إذا كانت المعتقلات المعروفة والسرّية تضم مئات الألوف حالياً، ماذا سيحصل لو انتصر؟ سوريا كلها ستتحوّل إلى معتقل يتجاوز الغولاك وكوريا الشمالية بكثير. الطرح الموازي لسيناريو بناء الأسد هو تفتيت سوريا والمنطقة أو استمرار الحرب السنّية الشيعية إلى الأبد، يقود إلى نتيجة واحدة وهي استعداد واشنطن لمنح الأسد دوراً جديداً لخدمتها في إطار الحرب العالمية ضدّ الإرهاب.
واشنطن وموسكو والدول الأوروبية والتمويل الفوضوي من الأصوليين العرب، أوصل الوضع في سوريا إلى خيار إما الموت بـكوليرا الأسد أو طاعون القاعدة. لو حسمت واشنطن موقفها من الأسد ونظامه على الأقل منذ بداية عسكرة الثورة، نتيجة لسياسة القتل الأسدي المبرمج، لما وصلت الأمور إلى هذا الخيار. التطرّف نما في سوريا، على اللاموقف الأميركي الذي هو موقف. إسرائيل منذ البداية رفضت سقوط بشار الأسد الذي فرض مع والده السكون في الجولان.
لن ينتصر الأسد، ولن تموت الثورة، وستستمر الحرب. سوريا ستكون دولة فاشلة ومصنعاً لم يعرف العالم مثله للإرهاب. القاعدة بكل عنفها الأسود، وإرهابها الدموي، ستكون مجرّد ابن في عائلة القاعدة (بكل مسمياتها) التي ستولد في سوريا. خلال العقدين القادمين سيعيش العالم على وقع ولادة قاعديين، يملكون العلم والتكنولوجيا وتراكمات من الحقد الأسود (الصاعد من الموت الأبيض في مخيمات النزوح، وفي الجبهات حيث تحالفت قوى لا يعنيها سوى مصالحها من روسيا وإيران، إلى أميركا وإسرائيل. الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأميركية اخترعتا الحروب بالوكالة وبرعتا في إدارتها واستثمارها على حساب الشعوب المأخوذة بالشعارات. الآن إيران دخلت النادي إقليمياً في سوريا والعراق واليمن. دمار سوريا لا يعني إلاّ السوريين. المهم ما سيحصل لاستثماره في المفاوضات.
الميليشيات الشيعية العراقية التي تحارب في سوريا بعد أن حملت معها كل أحقاد الخرافات والأساطير ليست أكثر من لحم مدافع لا قيمة له ولا موقع له مستقبلاً في كل الاتفاقات التي ستوقّع.
يبقى حزب الله الخاسر الكبير في هذه الحرب التي يسقط فيها الذين كانوا أحق بالحياة والمقاومة من الموت في القلمون. إيران ستحافظ على الحزب لأنّه جزء من خطابها واستراتيجيتها. مشكلة الحزب أنّ تثبيت الجمهورية الروحانية، لن يكون في سياق انخراطه في الحرب في سوريا. طهران تعبت اقتصادياً واجتماعياً من إدارة الحروب بالوكالة تماماً مثل واشنطن وموسكو.
انعقاد جنيف-2 معلّق على جملة تطورات، من الصعب جداً أن تحسم في خلال أربعين يوماً من الآن. لذلك ما زالت كل الاحتمالات مفتوحة، حتى السيناريوات الثلاثة ليست قدراً، لأنّه ماذا لو قبضت روسيا وإيران ثمن الأسد؟
[email protected]
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.