اغتيال محمد شطح، هو اغتيال للعقل والاعتدال. ممنوع في زمن السلاح والتشدد والتكفير، أن يكون للعقل والاعتدال، مكان. ليس سوء الحظ وحده المسؤول عن قتل شطح بدم بارد. استشهاد شطح كان على الأرجح مدبراً ومخططاً له. المستهدف كان شطح الإنسان المثقف والهادئ والمفكر، والسياسي العاقل والمعتدل. منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري بدت خريطة الطريق التي رسمت واضحة. الموت أو الاستسلام. زرع النظام الأسدي الخوف فحصد الأعاصير. حارب الاعتدال في لبنان وسوريا فنشر التطرف.
يمكن للأسديين أن يصوغوا ألف رواية وسيناريو، لإبعاد شبهة اغتيال الشهيد شطح عن النظام الأسدي، لكن ذلك لن يعفيهم من النتيجة الفعلية وهي أن نتائج هذه العملية تصب في طاحونته. يستطيع الغرب وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية دعم بقاء الأسد سلبياً، أي يحجبون المساعدات عن الثورة كما فعلوا، عكس ما فعله حلفاء الأسد وهم روسيا وإيران والصين، في دعمه دعماً غير محدود سياسياً ومادياً وعسكرياً، والنتيجة واحدة. القاعدة اليوم في سوريا وغداً على مساحة الأرض خصوصاً أن هذا العالم مفتوح بلا حدود. تعددت الأسباب والموت واحد.
قبل استشهاد محمد شطح، بدا حزب الله مرتاحاً الى وضعه وليس مستعجلاً مع حلفائه لإخراج لبنان من عنق الزجاجة التي تتقاذفها الأمواج، إلا بشروطه. معارضة آذار تخريب، إما منعه لتشكيل الحكومة من دون الثلث المعطل وغير ذلك من الشروط المعلنة والمطالب الكامنة فهو حق مشروع له. أوساط حزب الله كانت تقول، إن السيد حسن نصر الله كان واضحاً بأن الحزب يؤمن بلبنان كياناً نهائياً، وأنه لا يريد طائفاً جديداً. لكن أيضاً الحزب يريد أحداث تغييرات جذرية تأخذ في الاعتبار المتغيرات والتحولات الأخيرة.
تأكيداً لذلك فإن الأوساط اللصيقة بالحزب تؤكد أن لقاءات حصلت أخيراً بين أطراف معتدلة من مختلف الأحزاب والتيارات بما فيها حزب الله وتدارست التغييرات الممكنة. الخلاصات التي توصلت إليها تنتج حكماً نظاماً آخر غير النظام الحالي. ومن بين النقاط المطروحة:
[ من تكون المداورة في الرئاسات هي البديل عن قوقعتها الحالية. المشكلة أن الطرف القوي سيفرض قوته في الرئاسة التي يتولاها، لأن قوة الموقع من قوة الطرف الممسك به، ولذلك سيعيش لبنان على وقع صراعات حادة أكثر. والبند المكمل للمناورة إنشاء مجلس للشيوخ تكون رئاسته للدروز وربما بالمشاركة مع الروم الأرثوذكس.
[ إقامة اللامركزية الإدارية الموسعة. المشكلة في هذا أنها تدريجياً، رغم أنها أصبحت ضرورية، قد تنتج دوفاكتو نظاماً فدرالياً.
التغيير والتطوير يجب أن يحصلا، لكن قبل ذلك يجب المحافظة على إخراج لبنان من دائرة النار. اغتيال الشهيد شطح، وربما كان المقصود سقوط شهداء آخرين من آذار، يفرض تعاملاً آخر مع الأزمة. حزب الله هو الطرف المعني الأساسي. يجب الخروج من دائرة النار السورية. لا يمكن للحزب أن يؤكد تعلقه بلبنان والأمن والاستقرار وفي الوقت نفسه يمد يده للآخرين واصبعه على الزناد. هذه المرة أي أيار جديد يعني سقوط الجميع خصوصاً الحزب في جحيم أين منه الجحيم السوري. مهما كان الحزب قوياً فإن كل الأطراف تتعلم الحرب في قلب الحرب. سوريا تحولت الى ملعب لم يعد يوجد لاعب إلا ودخل ملعبها. الساحة اللبنانية مفتوحة أمام الجميع. المؤلم، وحزب الله المعني الأول بذلك، أن ربع سكان لبنان اليوم هم من السوريين والفلسطينيين السنّة، والباقي مفهوم.
[email protected]
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.