8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

سباق بين المصالحة والمواجهة

تتكثّف الوساطات والمبادرات لإجراء مصالحة حقيقية بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية في إيران من جهة، ومحاولة الرئيس بشار الأسد ومعسكره إشعال مواجهة عسكرية بين الدولتين من جهة أخرى. وتضيف مصادر مطلعة وموثوقة في باريس، أن أطرافاً عدة منها خليجية قد سرّعت حركتها على خط المصالحة بين الرياض وطهران، وأن تجاوباً قد تبلور على الأرض، من خلال اعتدال موقف حزب الله فجأة من تشكيل الحكومة وخفض منسوب تهديداته بعد أن كان قد وصل بها إلى مستوى غير مسبوق ضد السعودية، وفي الوقت نفسه تبلور صيغة للحل في البحرين حيث يتولى ولي عهدها الأمير سلمان بن حمد آل خليفة بنفسه الحوار مع المعارضة للتوصل إلى حل يكون فيه عمود خيمته، وهو المرحّب به من أركان المعارضة البحرينية نظراً الى نظرته الواقعية والمعتدلة لمستقبل البلاد.
على صعيد آخر، تشير المصادر نفسها إلى أن التصريح الأميركي الأخير عن وجود ثلاثة سيناريوات للحل في سوريا، أسوأها هو أهونها وينتهي ببقاء الرئيس بشار الأسد في السلطة للمشاركة في الحرب الكونية ضد الإرهاب، يمكن أن يضاف اليه سيناريو رابع خارج من الجحيم الأسدي وهو قذف الأسد الحطب على نار الخلافات الإيرانية - السعودية، لإشعال ولو حرب صغيرة أو حتى حروب بالوكالة بينهما، عبر الحوثيين الذين أصبحوا قوة مهمة، وميليشيات عراقية.
ويقول مصدر إيراني معارض إن النظام الإيراني الذي يعرف النظام الأسدي كما لا يعرفه أحد أكثر منه، قد التقط توجهات الأسد، فبادر النظام خصوصاً الروحانيين منه، وفي المقدمة الرئيس حسن روحاني ووزيره جواد ظريف من جهة، وحصن الجمهورية وثعلب السياسة فيها والخبير المجرب بعلاقات بلاده مع السعودية، الى تطويق نشاط الأسد التخريبي والحربي.
الأسد الذي استقوى مؤخراً بالحرب ضد الإرهاب مما فتح له كوة للعودة إلى تحت المظلة الدولية باسم المشاركة في الحرب بكل ما يملكه من معلومات وخبرات ميدانية، لم يعد يكتفي بهذا الدور الذي يجعل منه سلاحاً وليس شريكاً له حقوق الشراكة وإنما أحكام التنفيذ، يريد إشعال نار المواجهة للانتقام من السعودية حتى ولو دمَّر المنطقة كلها وهو الذي دمَّر سوريا للمحافظة على الإرث الأسدي، وأيضاً إعادة نوع من التوازن إلى علاقته مع إيران والخليج كما فعل والده الرئيس حافظ الأسد في الحرب العراقية - الإيرانية، ومن دون أي كلفة إضافية من جانبه. أما ترجمة هذا السيناريو ميدانياً، فإنه يكفي مراجعة الحوار بين الأسد ووزير الخارجية الإيراني جواد ظريف في دمشق:
قال الأسد لضيفه القادم إلى دمشق من بغداد وبيروت: إن خطر الفكر الوهابي يهدّد العالم بأسره وليس دول المنطقة فحسب، وإن الشعب السوري وبعض شعوب المنطقة (وليس كلها) باتت تعي خطورة هذا الفكر الإرهابي ويجب على الجميع المساهمة في مواجهته واستئصاله من جذوره (طبعاً لا مجال للحديث عن الإرهاب الأسدي منذ أربعين عاماً حتى اليوم على مساحة العالم العربي).
رد ظريف بأقصى ما يستطيع من الكلام الدبلوماسي الظريف، فأكد حرص القيادة الإيرانية على استمرار التنسيق والتشاور مع سوريا (وليس مع قيادته) في مختلف القضايا بما يخدم المصالح المشتركة وجميع شعوب المنطقة. وإذا ما نجحت المبادرات فإن رفسنجاني الذي طالب المرشد بالحسم بما يتعلّق بالعلاقات مع السعودية مستعد لزيارة السعودية فوراً إذا كان أمر ترتيب زيارة سريعة للرئيس روحاني صعباً.
ويبدو أن الخطاب الأسدي وجد صداه لدى نوري المالكي في العراق، فسارع إلى نجدة الأسد في رمي الحطب فاتهم دولاً وعقائد... من دون أن يسميها بالمشاركة بالحرب الإرهابية.
يعرف الأسد أنه خرج من التاريخ وهو ينتظر الحكم الأخير للخروج من الجغرافيا، أما في إيران حيث تتقدم فيها الدولة على الثورة، والتي يعرف فيها الجميع كم بلغت كلفة الحرب الظالمة أو البوابة الشرقية وكيف استثمرها الأسد الأب، لن تكرر التجربة خصوصاً أنها ستخرب كل التحولات ولن تستفيد منها سوى اسرائيل. أما الآخرون, خصوصاً حزب الله، فإن عليهم أن يأخذوا بمفاعيل هذا التغيير والعمل به.
[email protected]

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00