8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

إرفعوا أيديكم عن مصر!

لم يخرج العسكر من السلطة في مصر، حتى يقال عاد العسكر. حسني مبارك جاء من الجيش الى الرئاسة، قبله أنور السادات وجمال عبد الناصر. انتخاب المشير عبد الفتاح السيسي رئيساً للجمهورية فعل مسار بدأ مع وقوف الجيش المصري ضد التوريث. استوعب مبارك إطلاق النار بين أرجل ابنه الطموح جمال فقال أمام قيادات الجيش: ان الرسالة وصلت ولن أورث جمال. لكن الأمر كان بيد زوجته سوزان وابنه جمال وعصابة التوريث من أرانب السلطة، فدفع مبارك ومعه مصر الثمن.
المشير السيسي، تقدم نحو السلطة خطوة خطوة. المؤسسة العسكرية المصرية وقفت معه، وقسم كبير من الشعب المصري يدعمه. السيسي مسلم متدين وليس إسلامياً يريد وضع الحجاب على مصر كلها. السيسي المتدين ومعه المؤسسة العسكرية رفضا أخونة مصر. لو تأخر السيسي، لنجح الاخوان في وضع يدهم على مصر. عزت الشاطر كان يعمل لإنشاء حرس ثوري، يضع مصر على سكة جمهورية إسلامية إيرانية. لا تتحمل مصر شعبياً واقتصادياً تحجيبها. يوجد 80 مليون فم مصري بحاجة للخبز والحصول عليه بكرامة. تحجيب مصر، كان سيؤدي الى ضرب المجتمع والاقتصاد، فالكارثة. وخصوصاً المؤسسة العسكرية المصرية الوطنية، لا تتحمل مساراً ثورياً على غرار الجمهورية الاسلامية في إيران، في الوقت الذي تستعد فيه إيران للخروج منه والدخول في مرحلة الدولة بكل واجباتها الداخلية والخارجية. مصر مثل إيران، بحاجة لمعارك ضخمة لإعادة البناء وليس للانخراط في معارك خارجية. مصر قادرة أن تكون فاعلة ومؤثرة ومنتجة داخلياً وعربياً وإقليمياً ودولياً، من دون سلبيات الانشداد الى المسارات الثورية التي فقدت بريقها بعد تراجع الأيديولوجيات. مصر العربية ضرورة عربية وإقليمية، اليوم أكثر من أي وقت مضى. انهيار سوريا والعراق وليبيا، لفترة طويلة تجعل من مصر الرافعة كما كانت وكما يجب أن تكون.
كثيرون، (لا ضرورة للدخول في لعبة الكلمات المتقاطعة لأن الأسماء معروفة) يريدون أن لا تخرج مصر سالمة، أو أن تكون مصر بكل ثقلها التاريخي والجغرافي والبشري والسياسي دمية تضخع لهم. وأن يجعلوها جزءاً من مشاريعهم واستراتيجيتهم. العمليات الارهابية أكبر بكثير من الاخوان وغيرهم من الاسلاميين. أكد الاخوان، انهم كانوا دائماً وليداً ومُولِداً للعنف. العنف اليوم أكبر منهم وليسوا أكثر من برغي في آلة ضخمة غنية بالمال والشر معاً.
لا يعني هذا مطلقاً أنه يجب شن حرب اجتثاثية للاخوان في مصر. مثل هذه الحرب قاتلة على المدى البعيد خصوصاً في ظل وجود الأيادي الخارجية. مثل هذه الحرب تحوّل مصر الى ملعب على غرار سوريا. يجب العمل بسرعة حتى لا تنزلق مصر نحو السورنة. كلما أسرعت القوى المدنية بالشراكة مع المؤسسة العسكرية في تعميق المجتمع المدني، وفتح الآفاق أمامه لتجذير حضوره في السلطة، كلما تمّ انقاذ مصر ودفعها نحو إعادة البناء. تشجيع القوى المدنية على بناء حضورها السياسي، كقوى تحمي مصر، مثل المؤسسة العسكرية، تبني مستقبل مصر. الانتخابات التشريعية تشكل الخطوة الأولى وتحميها ومعها كل العرب.
المشير السيسي قادر على لعب دور تاريخي بعيداً عن استنساخ جمال عبد الناصر. الزمن القادم لا يتحمل قيادات من وزن العمالقة الذين صنعوا القرن العشرين، لكن الزمن القادم قادر على حماية وصيانة أي تجربة تجعل من مصر وباقي الدول العربية التي تعيش الربيع والخريف معاً على دخول المسارات الديموقراطية التي تبدأ بصناديق الاقتراع، وتنتهي بنتائجها خريطة طريق للمستقبل.
[email protected]

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00