8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

معركة الحكومة وهويّة الرئيس القادم

إنجاز البيان الوزاري للحكومة السلامية، معلّق في الظاهر على كلمات، أو حتى على أل التعريف، لكن في السياسة اللبنانية لكل ظاهر باطن، خصوصاً في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة، حيث لا أحد يريد كشف كل أوراقه في وقت ما زالت صورة الوضع فيه غامضة، وصياغة المعادلات التي يمكن البناء عليها في رسم المسارات وتحديد الخيارات، غير مكتملة. لا شك أنّ دخول سوريا العام الرابع في حرب مجهولة النهايات حتى الآن، تزيد من تعقيد الأوضاع في لبنان، خصوصاً وأنّ الارتباط بين الخيارات والمواقف المتاحة، والنتائج التي تصاغ في سوريا بالحديد والنار والدماء عميق وعضوي.
التوتّر الناتج عن معركة البيان الوزاري، يخبئ توتراً أكبر هو وليد العد العكسي للانتخابات الرئاسية. لبنان على موعد مع استحقاق مصيري. الفراغ في الرئاسة، زائد الفراغ الحكومي، زائد مجلس النواب المشلول، ينتج تهديداً مصيرياً للبنان - الدولة. لا يريد أحد تحمل حمولة الفراغ الثقيلة. المشكلة أنّ كل عمليات تدوير الزوايا التي قام ويقوم بها وليد جنبلاط اصطدمت بمواقف قديمة ومتجدّدة، نقطة الارتكاز فيها أي دولة يجب أن تكون عليها الدولة؟
رئيس الجمهورية المقبل، هو العنوان الرسمي للدولة القادمة. دولة المقاومة والممانعة، أم دولة مؤسسات ومقاومة لتحرير الأراضي التي ما زالت محتلة، والتي لا تمدّد لنفسها خارج هذه الدولة بحجّة حماية النفط والغاز اللذين يبقيان من صلب مهمّات وواجبات دولة المؤسسات.
الرئيس الخارج من قلب الأسديين والعامل تحت عباءة السيد حسن نصرالله لا يمكن انتخابه ضمن المعادلات القائمة حالياً. فلا هذا الفريق يملك القوّة الدستورية التي تسمح له بذلك، ولا هو قادر على القيام بانقلاب داخلي على غرار 7 أيار، ولا أن يستدعي ضمناً أو علانية النظام الأسدي الغارق في حرب طويلة يعتقد انّه يحقّق انتصارات حاسمة، في وقت يبدو الموقف الغربي العربي، خصوصاً بعد كلام المبعوث الدولي الأخضر الابراهيمي اليوم على أنّ ترشيح بشار الأسد لولاية رئاسية ثالثة ينهي جنيف-2، أي يضع نقطة نهاية للحل السياسي. لذلك يعمل حزب الله وفق تصوّر له للمجيء برئيس للجمهورية ينطلق خطاب القسم القادم من مفاعيل البيان الحكومي الذي يعمل عليه لتأخذ الحكومة السلامية الثقة أو تستقيل لاستحالة التوافق عليه.
أيضاً، بعض ما هو باطن ورئيسي أنّ المعادلة الثلاثية لـحزب الله: الشعب والجيش والمقاومة، تعني عملياً شعب مقاوِم في لبنان وسوريا وكل مكان، وجيش مع المقاومة، ومقاومة تقود وتقرّر الحرب والسلام معاً، وما على الشعب والجيش وكل الدولة سوى اللحاق بها. أمام كل هذه المعادلة تصبح صفقة السلاح الفرنسية السعودية قضية بالنسبة لـحزب الله، وهو إذا كان مصرّاً على معرفة لائحة الأسلحة الفرنسية وهل هي صالحة لمواجهة إسرائيل فقط، فإنّ باطن هذه المعرفة هو تحديد حجم السلاح ونوعيته الجاهز للاستخدام اللبناني الداخلي. حزب الله كما يقول العديد من الأسديين لا يثق إلاّ بما يمسك به، وما يمون على حركته، لذلك ما لم يعرف بالضبط نوعية السلاح الفرنسي لن يطمئن ولن يهدأ. انخراطه بالحرب في سوريا وتزايد معارضته رفعت منسوب شكوكه وحتى شكّه في مسار بعض حلفائه الذين تختلف حساباتهم وطموحاتهم عن العديد من أهدافه وطموحاته.
لا يبدو في الأفق أي حلّ يُخرِج لبنان من الانزلاق نحو الفراغ، إلاّ إذا وقعت متغيرات من حجم موقف أميركي جدّي، وتفاهمات إيرانية عربية.. أو الاندفاع الانتحاري نحو حرب مع إسرائيل لا يمكن التكهّن بنتائجها على لبنان والمنطقة.
[email protected]

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00