من وعد بلفور إلى "وعد نتانياهو" عنوان آخر يُضاف إلى استمرار اسرائيل في اتّباع السياسة الاستيطانية في فلسطين وسرقة الأراضي وتهديم المنازل وتهجير الناس وقتل الأطفال.
قد نقول إنها الصهيونية، لكن يبدو أنها تجاوزت الصهيونية التقليدية إلى ما هو أخطر منها وأبعد وأشرس وأفظع.
فنتانياهو يشحذ الأصوات في الانتخابات التي ستجري بعد أيامٍ في إسرائيل بدم الشعب الفلسطيني ومصيره وانتهاك ما تبقى من حدوده ومدنه وقراه وصولاً إلى القدس بمباركة ترامب. نتانياهو، هذا السمسار الفاسد الذي يستميت ليفوز بالانتخابات لكي يتجنّب تجرُّع كأس السجن. لكن يبدو أن افتعال مسألة الدرون في الضاحية الجنوبية أكسبته بعض الأصوات، لكنها لم تكن كافية. ثم قصفه غزة، والنتيجة ذاتها. ما زال في نقطة الخطر. والاستطلاعات لا تفيد حتى الآن بأنه واثق من الفوز وتأليف الحكومة.
وها هو اليوم، يُخرج من أكمامه الملوّثة بالفساد والدم، ويصدم العرب والفلسطينيين بمفاجأة فاقت كل ما ارتكبه في السابق: أعلن بكل وقاحة قبل أيام ضم منطقة غور الأردن وشمال البحر الميت في حال فوزه في انتخابات 17 أيلول الحالي. إنه وعدٌ واتفاق بلفور كان وعداً أيضاً، تحقق الأخير لكن هل سيترك العرب والعالم أن يتحقق وعد هذا المجرم اللص؟
ولأن وعد نتانياهو يُصيب مصير الفلسطينيين وكرامة العرب فقد هبّ هؤلاء هذه المرة مستنكرين ومنددين. وها هي منظمة التعاون الإسلامي في تحرُّكٍ عاجل بطلبٍ من السعودية تجتمع هذا الأحد لمناقشة الرد على إعلان نتانياهو.
وفي انتظار الاجتماع، صدرت ردود فعلٍ عديدة فالدكتور يوسف العثيمين، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، حدد الخطوط الأساسية للاجتماع ومناقشة الإجراءات السياسية والقانونية العاجلة للتصدي لهذه الخطوة العدوانية. ولوّح الأردن كما فلسطين بمراجعة اتفاق السلام مع إسرائيل، وفي هذا الإطار قال الرئيس الفلسطيني، محمود عباس "إن جميع الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل تكون قد انتهت إذا نفّذ الجانب الإسرائيلي فرض السيادة على غور الأردن وشمال البحر الميت أو أي جزءٍ من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967". أما الأردن فقد اعتبر أن إعلان نتانياهو هو خرق فاضح للقانون الدولي وتوظيفاً إنتخابياً فيكون ثمنه قتل "العملية السلمية" وأصدر الديوان الملكي السعودي، بياناً عنيفاً معتبراً أن إعلان نتانياهو: هو "تصعيدٌ بالغ الخطورة بحق الشعب الفلسطيني وانتهاكٌ صارخ لميثاق الأمم المتحدة والأعراف الدولية".
حتى كتابة هذه السطور لم تكن وردت ردود فعلٍ عالمية لا أوروبية ولا أميركية ولا إيرانية وسورية ولا تركية: لا محور المقاومة أدلى بدلوه ولا رافعو شعار "استعادة القدس" عن طريق تخريب لبنان واليمن والعراق.
فأصحاب القضية هم الذين هبوا هذه المرة، وحسناً فعلوا، لأن ما يجري في فلسطين سبق أن تجاوز إلى أجزاء من العالم العربي التي صارت بين مطارق إيران وتركيا وإسرائيل. كأنما لم يكن يكفينا الاحتلال الصهيوني حتى تُضاف إليه الاحتلالات والمطامع الفارسية والعثمانية التي تتقاسم أرض سورية نفسها وأجزاء من العراق ومن اليمن هروبٌ بالجملة ضد العرب، وهكذا يلتقي الحبيبان الغريمان: إسرائيل الأولى من جهة، وإيران الإسرائيلية من جهةٍ أخرى.
نظنُّ أن على العرب اليوم أن يراهنوا على أنفسهم. بالاجتماع الاستثنائي لمنظمة التعاون الإسلامي مهم وضروري لكن غير كافٍ وننتظر موقفاً من الجامعة العربية والدول الأجنبية الأخرى.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.