هل يكون العام 2015، عام فلسطين، بعد أن يكتمل اعتراف العالم، خصوصاً الولايات المتحدة الأميركية بدولة فلسطين؟
لم يعد هذا السؤال مجرد سؤال افتراضي، الهدف منه وضع القضية الفلسطينية في واجهة الأحداث الدولية. كل شيء يؤشر الى أن العالم اقتنع بعد تردد طويل، أن بداية حل مشاكل الشرق الأوسط هي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية. وأنه مهما جرت أحداث في الشرق الأوسط ولو من وزن داعش والنصرة ودمار سوريا وتمزيق العراق، فإن فلسطين تبقى المركز.
أوروبا حوّلت الاعتراف بالدولة الفلسطينية الى مسار لن يتوقف وإن حصل بعض التوقف في محطة الواقعية، التي يتم الانتقال فيها من القرارات الرمزية الى رفع علم الدولة الفلسطينية رسمياً في الأمم المتحدة ومجمل العواصم في العالم.
لم يعد بإمكان العواصم الغربية السكوت على استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. هذا الاحتلال هو الوحيد في العالم. قرار الفصل العنصري الإسرائيلي زاد من وطأة الموقف. لا يعقل أن ينتهي الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وأن يستمر في فلسطين.
قرار السلطة الوطنية الفلسطينية، بالانضمام الى الأمم المتحدة كدولة عضو، وضع الجميع أمام الامتحان الصعب. العقدة هي في موقف الولايات المتحدة الأميركية. ضمناً تريد واشنطن نجاح هذا الطلب. لكن في الوقت نفسه، واشنطن لا تقوم بالانقلاب على مواقفها الاستراتيجية بين ليلة وضحاها.
واشنطن تأخذ وقتها وتقوم بذلك خطوة خطوة. الأصعب بالنسبة للأميركيين سواء كانت إدارة أوباما أو غيرها الإقدام على خطوة إنقلابية تتعلق بإسرائيل. الأميركيون ملتزمون بإسرائيل وأمنها.
في السنوات الأخيرة، حصل خلل في هذه العلاقة. كانت تل أبيب شريكة أساسية بكل القرارات مع الولايات المتحدة الأميركية في كل ما يتعلق بالشرق الأوسط. إسرائيل تراجعت في السنوات الأوبامية الأخيرة، لم تعد الدولة الأقوى سياسياً ولا حتى عسكرياً. إسرائيل قوية بين أقوياء من حجم تركيا وإيران. الولايات المتحدة لا يمكنها إلا أن تأخذ مواقف تركيا في الاعتبار. وحتى إيران خصوصاً في المستقبل متى تمّت المصالحة.
واشنطن تعمل على تحويل مبدأ القبول بالدولة الفلسطينية، الى جزء من حل شامل للقضية الفلسطينية، هذا الحل يربحها خصوصاً بعد أن تبين لها أن لا داعش ولا النصرة ولا الحروب في سوريا والعراق ألغت موقع فلسطين من صياغة المواقف الشعبية العربية والإسلامية. الحديث عن الحل الشامل قد لا يمكن هضمه سياسياً ولا شعبياً حالياً. لكن الربيع العربي زائد داعش وغيرها من الأحداث بدأت تدفع الدول والمجتمعات المدنية العربية والإسلامية للإقدام على تجربة الحل السياسي.
توجه الرئيس الفلسطيني أبو مازن الى الأمم المتحدة، هو قرار صاغه اليأس من المفاوضات مع إسرائيل من جهة ومن جهة أخرى شعوره بأنه يتعرّى فتحاويّاً يوميّاً. استعجال أبو مازن تقديم الطلب الى الأمم المتحدة هو طلب شهادة براءة ذمة أمام الفلسطينيين. يعرف أبو مازن جيداً، أنه في مطلع العام 2015، تنضم أنغولا الى عضوية مجلس الأمن غير الدائمة، فيصبح صوتها المرجّح للفوز بالأصوات التسعة. لكن ذلك سيحرج واشنطن ويدفعها الى استعمال الفيتو، وهي لأول مرة لا تريده لكنها ستكون مضطرة لأنه لم يحن الوقت للانفصال عن الموقف الإسرائيلي كليّاً. أبو مازن بقراره المستعجل يستفز إسرائيل وينقذ الولايات المتحدة الأميركية. في وقت تلعب فيه الدول الأوروبية خصوصاً فرنسا وإسبانيا وغيرهما دور رأس الحربة في دعم الطلب الفلسطيني ودرع الدفاع عن أميركا في الوقت نفسه.
الكلام عن حل شامل قد يكون من المبكر الخوض في تفاصيله. لكن يبدو أن رياحاً قوية تهب بهذا الاتجاه. عندما يقول المرشد آية الله علي خامنئي بأن الحل هو في إجراء استفتاء يشمل اليهود والفلسطينيين على هوية فلسطين، يعني عملياً طرح حل سلمي بديلاً عن المقاومة. حتى ولو لم تتوضح حتى الآن طبيعة وتفاصيل حل الاستفتاء وما إذا كان الإسرائيليون يقبلون به، وكيف يتم ومن له حق الاقتراع، فإن طرحاً جديداً قد وضع على خريطة الواقع.
طهران تدرك أن المصالحة مع واشنطن ستتناول (وهي تريد ذلك) ملفات كثيرة. فلسطين في المقدمة منها. طهران مهما بدت ممانعة، فإنها لا تستطيع أن تبقى وحدها خصوصاً أن سوريا انتهت مهما كانت طبيعة الحل. وأن إعادة البناء لها شروطها.
فلسطين هي بركان الحروب والتطرف وهي البوابة الى السلام.
[email protected]
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.