اكثر من "حكاية " يرويها معرض رولا جواد "حكاية صياد من صيدا " الذي افتتح في خان الافرنج ضمن مهرجان بيروت للصورة ، تبدأ بعلاقة المدينة بالبحر وقطاع الصيد ولا تنتهي بعلاقة المصورة نفسها بالمدينة والصورة معا.
اما الأولى فتعبر عنها لقطات ساحرة " اصطادتها" شباك عدسة رولا بعدما " القتها " في اوقات واماكن مختلفة لصيادين في بحر صيدا اثناء ابحارهم او القائهم الشباك او سحبهم لها بما تحمل من غلة.. او لقوارب ومعدات الصيد من زوايا مختلفة وبأدق تفاصيلها فضلا عن صور ناطقة بواقعيتها وجمالها بحكايا الصيادين ومغامراتهم ، وما لم تحكيه الصورة رواه صياد ممن ظهروا في الصورة شارك مع رفاق البحر في حضور المعرض وتلك ميزة أخرى للمعرض الذي خرج من نمطية المعارض التقليدية الى مفهوم المعرض التفاعلي الذي يرمي الى ما هو ابعد من عرض الصورة والحديث عنها من المصور نفسه فقط .. وهو ما نجح المنظمون في تظهيره ايضا من خلال تخصيص زاوية من المعرض لعرض حي لحرفة حياكة وترميم شباك الصيد وتوارثها من جيل لجيل.
والعلاقة نفسها بين المدينة والبحر تبدو جلية من خلال هذا المعرض منطلقة مما يربط عاصمة الجنوب والمدينة التاريخية على الضفة الشرقية للمتوسط الى ابراز هذا الغنى التاريخي والتراثي المتداخل مع البحر بل والمتماهي مع مداه الأزرق وعالمه الخاص ، حيث تظهر في بعض الصور قلعة صيدا البحرية وواجهتها على المتوسط وميناء الصيادين وبعض الحرف التراثية المرتبطة بقطاع الصيد البحري.
اما العلاقة بين المصورة والمدينة والصورة معا ، فتحكيها رولا نفسها التي تقول انها امضت نحو اربعة اشهر في التحضير لهذا المعرض بالتقاط صور في مواقع وفترات مختلفة ، واوقات مختلفة من النهار وفي الليل ايضا، فبالنسبة لها لم يكن يعنيها الصور التقليدية بقدر ما تعنيها تلك التي تعبر عن رمزية او ابداع او عن حكاية ، واضعة نصب عينيها تسليط الضوء على جزء من مخزون وارث ثقافي عريق للمدينة يتمثل بحرفة الصيد البحري التي يعتقد ان اسم "صيدا" ارتبط بها او اشتق منها ، لكن ثمة هدفا ابعد واسمى وهو التعبير عن توق هذه المدينة الى الحياة ، وليس اهم – بحسب رولا – من احياء التراث والثقافة والفن تعبيرا عن ارادة الحياة هذه التي تجسدها في الصور كما في الواقع همم الصيادين وسواعدهم وسعيهم وراء الرزق وسط عباب الموج ومشقة الإبحار.
وتطمح رولا الى اكثر من هذا المعرض وتسعى لأن يكون توثيق مهنة صيد السمك في صيدا بالصور خطوة اولى نحو توثيقها بكتاب وتحفيز الصيادين للحفاظ على هذه المهنة لأنها من الارث الثقافي للمدينة . وتضيف " سأكمل المشروع ان شاء الله واتعمق اكثر في تصوير ادوات الصيد وانواعها وتاريخها ومن اين اتت وكيف كانوا يحيكون الشباك ثم سنرى كيف نصل الى مكان نوثق كل هذا القطاع وحث المعنيين للعمل على الحفاظ على ميناء الصيادين.
افتتاح المعرض
المعرض افتتح بحضور رئيسة لجنة التربية والثقافة النيابية النائب بهية الحريري والدكتور عبد الرحمن البزري ومنسق تيار المستقبل في الجنوب ناصر حمود ومستشار امين عام التيار احمد الحريري رمزي مرجان وقائد منطقة الجنوب الاقليمية في قوى الأمن الداخلي العميد غسان شمس الدين، الرئيس الأسبق لبلدية صيدا احمد كلش، وعضوا المجلس البلدي وفاء شعيب ومحمد قبرصلي، ورئيس مكتب مكافحة المخدرات في الجنوب الرائد هيثم سويد والسفير عبد المولى الصلح وحشد من الشخصيات الثقافية والأهلية والاعلامية ووفد من نقابة صيادي السماك في صيدا وعدد من الصيادين. وكان في استقبالهم مدير مهرجان بيروت للصورة رمزي حيدر وصاحبة المعرض رولا جواد واللجنة المنظمة.
الحريري
واثر جولتها في المعرض برفقة رمزي حيدر ورولا جواد والحضور هنأت الحريري منظمي مهرجان بيروت للصورة والمصورة جواد على هذا العمل وقالت ان "نشكر رولا التي نجحت في توثيق حرفة صيدا السمك في صيدا بطريقة مميزة. فهذه الحرفة عزيزة علينا واسم المدينة مشتق من الصيد والصيادين ، وطموحنا ان يرى المعرض اكبر عدد ممكن من الناس والخطوة التالية توثيق هذه الصور ضمن كتيب معين يحفظ ويصبح بمتناول الجميع".
ونوهت الحريري باختيار "جمعية مهرجان بيروت للصورة" لصيدا وخان الافرنج تحديدا لإقامة هذا المعرض معتبرة انها بداية لاستقبال معارض متنوعة في هذا المكان الجميل او في اي موقع تراثي آخر في المدينة ، وقالت" صيدا مستعدة كمدينة لأن تكون دائما حاضرة على خارطة مهرجان بيروت للصورة وهذا ما سنبحثه مع الجميعة خاصة وان لدينا بنية جاهزة في اكثر من مكان في المدينة القديمة ومعالمها واحيائها".
عن المعرض
ومعرض "حكاية صياد من صيدا " لـ" رولا جواد " في خان الافرنج ، هو الجزء الأول من مشروع وثائقي فوتوغرافي حول حرفة صيد السمك التراثية في صيدا وهو واحد من معارض مهرجان بيروت للصورة الذي يجول على العديد من المناطق بهدف نشر ثقافة الصورة واستعادة دور بيروت كمركز للتفاعل الثقافي بين الشرق والغرب وضمن معرض رولا جواد د يكرم مهرجان بيروت للصورة المصورة اللبنانية ماري الخازن احدى رائدات عالم التصوير في لبنان اوائل القرن العشرين . عبر عرض صور بعدستها من مجموعة محسن يمين . ويستمر المعرض حتى 22 ايلول الجاري يوميا من الساعة 8 صباحا الى الساعة 6 مساء.
اشارة الى ان المعرض تنظمه "جمعية مهرجان الصورة - ذاكرة"، بدعم من بلدية بيروت، وبالتعاون مع وزارات الثقافة والسياحة والإعلام وتقام خلال الفترة من 4 ايلول الى 5 تشرين الأول 2019 في مناطق " بيروت وطرابلس وبعلبك وصيدا وصور وحمانا " ويشارك فيها 122 مصورا فوتوغرافيا من لبنان و24 بلدا حول العالم.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.