8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

بعد 13/11/2015 عامان من الحروب!

تغيّر العالم، خصوصاً منطقة الشرق الأوسط منه، بعد 11 أيلول 2001. كذلك العالم وخصوصاً منطقتنا سيتغيّران بعد 13 تشرين الثاني 2015. اخترع الرئيس الأميركي جورج بوش ووزير حربه دونالد رامسفيلد الأسباب غير الحقيقية لكن الكافية لضرب العراق، بعد أن أنقذ آنذاك الشيخ حسن روحاني بلاده إيران من استهدافها خلال المفاوضات النووية. عامان من التحضير وعقد التحالفات قبل حرب تحرير العراق، التي ما زالت تعصف بالعراق والمنطقة بطريقة غير مباشرة.
السؤال الطبيعي الآن: مَن سيدفع ثمن جريمة 13/11/2015 المتوحشة والوحشية في باريس المدينة العاصمة التي تختصر بوجودها ودورها العديد من المدن والعواصم العالمية؟
يقال إن غزوة الإرهاب المتوحّشة أكّدت اشتعال الحرب العالمية الثالثة. قد تكون حرباً شاملة ولكن من نوع جديد. الحرب الكونية اشتعلت بين دول كبرى تحالفت في ما بينها وتواجهت بكل الأسلحة وصولاً إلى السلاح النووي بلا رحمة، حتى انتهت بمنتصر ومهزوم قَبِلَ أن ينزع سلاحه لأكثر من نصف قرن.
الحرب الكونية، ضد داعش مختلفة جداً.
صحيح أن داعش أثبت امتلاكه وممارسته لوحشية خارجة عن المألوف لكنه أيضاً أكّد ويؤكد يومياً أنه يمتلك جهاز تجييش غير عادي لأنه قادر على جمع عناصر من الشباب من مختلف أنحاء العالم وأن يؤهّلهم للموت الانتحاري من دون تردّد. إضافة إلى ذلك يمتلك قدرات تقنية تؤكد مهارة مجنديه بوسائل الاتصال والاتصالات الحديثة. والأخطر أنه قادر على التعامل مع من يحيط به إلى درجة أنه يبيع النفط العراقي والسوري لمن يدفع الثمن المناسب من دون النظر إلى هويته.
هذه أبرز نقاط قوة داعش. لكن في قلب هذه القوة تكمن مواطن ضعف. داعش تنظيم، وليس دولة، لن يكون في أي لحظة عضواً في المجتمع الدولي. من الطبيعي أن الحرب الدولية موجّهة ضد هذا التنظيم حيث يتواجد وينتشر. العالم مضطر منذ الآن إلى تشكيل جبهة دولية سياسية وعسكرية وأمنية وإعلامية لضرب داعش وتمزيقه وصولاً إلى وأده. هذه الجبهة تقوم على ترويكا من الولايات المتحدة الأميركية وروسيا وفرنسا. دون ذلك، اليوم باريس وغداً عواصم أكبر، أو أصغر، لا فرق.
الحرب ضد داعش، حرب غير تقليدية. لا يمكن لكل طيران العالم الحربي، أن يقضي عليه. لأنه قادر على الانتشار والسكون، والانتقال من داخل حدود الشرق الأوسط إلى العالم. جريمة باريس السوداء، يمكن أن تتكرر، طالما أن داعش قرر أن يسلك سلوك القاعدة. أيضاً العمليات الخاصة تضعفه لكن لا تقضي عليه، كونه في العراق وسوريا، يعني أنه إلى حدّ ما يملك مجتمعاً قادراً على تغذيته وحمايته أكثر من أفغانستان بالنسبة لطالبان. أكثر وأهم من ذلك، هذا المجتمع يتضخّم مع كل جرعة إحباط وحقد.
اجتماع مجموعة العشرين في أنطاليا، قوته في لقاء فلاديمير بوتين وباراك أوباما. سوريا وأوكرانيا كانتا كل شيء. من الطبيعي أن كلًّا منهما طلب من الآخر، أوكرانيا تهم بوتين. يستطيع أوباما التساهل حول أوكرانيا، خصوصاً وأن باريس قد تكون مستعدة أكثر للتساهل حولها لأنها بحاجة للتعاون، ليس من أجل الثأر وإنما لحماية نفسها من هذا التنظيم الأسود. لأن المصالح والأمن الوطني يتقدمان على كل شيء، تصبح التفاهمات أسهل وأسرع.
سوريا كل شيء في هذه الخريطة المعقدة. أوباما لا يريد الحرب البرية لأن داعش ليس بالخصم العسكري التقليدي، ولأنه ضمناً يقف على الأبواب الخارجية للبيت الأبيض. أوباما يمكنه تحضير الأرض، والباقي يقع على عاتق الرئيس المنتخب. عملياً في هذا الوضع واقعية تتماشى مع قرار فيينا، أي منح صيغة الحل النهائي في سوريا عامين. بوتين، رَهَنَ تدخّله بمرحلة زمنية محدودة، يمكنه تمديدها بضعة أشهر لكن لن يجعلها مفتوحة كما الإيراني.
الاتفاق الروسي الأميركي، يفتح مسارات مهمة باتجاه الحلول. لكن ماذا عن الأطراف الإقليمية وتحديداً السعودية وتركيا؟ لا يمكن لواشنطن وموسكو أن تطلبا من الطرفين الإقليميين الكبيرين مشاركتهما في الحرب ضد داعش، وفي الوقت نفسه أن تمتنعا عن تقديم ما يتوجب عليهما. لا يمكن القول للرياض وأنقره شاركونا مع بقاء الأسد. لذلك، فإن الأسد قد ضعف وليس كما يعتقد الممانعون أنه قوي وهو قادر على الاستقواء تحت شعار اختاروا بيني وبين داعش الذي ضربكم وسيضربكم أكثر.
عامان من المفاوضات والضربات الوحشية حول سوريا. في نهاية هذا النفق إذا لم يتم وأد داعش ولا جرى الحصول على تنازل الأسد، فإن الحل سيكون بشن عملية برّية واسعة وباهظة التكلفة. لكن لا شك أن مردودها أهم بكثير من كلفتها لأنه يجب أن تنتهي بسقوط الخوف من الإرهاب بكل أنواعه وداعش والعودة إلى الأمن والاستقرار.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00