8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

التكليف الشعبي ينصر المعتدلين في إيران

راهن الرئيسان هاشمي رفسنجاني وحسن روحاني على التكليف الشعبي للفوز بالانتخابات، ورغم أنّ النتائج النهائية لم تُعلن بعد لانتخابات مجلس الشورى والخبراء، فإنّ وقائع عديدة وحقائق كثيرة، فرزتها النتائج الأوّلية وتفاصيل اليوم الانتخابي الطويل الذي مدّد الاقتراع فيه ثلاث مرات لكي تقترع الصفوف الطويلة من الناخبين الإيرانيين الذين حافظوا على هدوئهم رغم الساعات الطويلة التي أمضوها ولم يخرجوا من مواقعهم حتى لا تضيع أصواتهم.
هذا التسونامي من الناخبين، حقّق لنظام المرشد السيد علي خامنئي فوزاً معنوياً مهمّاً، وهو أنّ الشعب الإيراني ما زال مؤيّداً للنظام ويتعامل مع مؤسّساته بإيجابية بعيداً عن تجربة العام 2009 الانتخابية التي أنتجت الانتفاضة الخضراء. في الوقت نفسه حقّق هذا التسونامي، ما أراده المعتدلون والإصلاحيون وهو رفع نسبة الأصوات التي سيحصلون عليها لتحقيق فوز يقوم بأقل الرهانات على انتصار التكليف الشعبي، على التكليف الخامنئي الرسمي.
لا شك أنّ طهران شهدت أمّ المعارك للمجلسَين. بالنسبة لمجلس النواب فإنّ لائحة المعتدلين التي يرأسها الإصلاحي محمد عارف المرشح الرئاسي السابق، فازت بوضوح واستناداً إلى النتائج غير النهائية فإنّ 29 من المعتدلين فازوا بالمقاعد في حين حصل غلام حداد عادل المحافظ والذي تربطه علاقة مصاهرة بخامنئي، على المرتبة الخامسة.
من الواضح حتى الآن أنّ المعتدلين وإن فازوا لن يهيمنوا على المجلس لكن على الأقل انتزعوا من المحافظين المتشدّدين عصا التعطيل لمشاريع روحاني الإصلاحية. ويبدو أنّ فوز علي لاريجاني الذي تحالف مع المعتدلين يضيف إلى المعتدلين قوّة تؤهّله للمنافسة المفتوحة على رئاسة المجلس مع غلام حداد عادل.
ويبدو واضحاً أنّ الشباب لعبوا دوراً مركزياً وأساسياً في صناعة هذا التحوُّل الضخم والذي سيكون واسعاً ومؤثّراً على صعيد المستقبل. ولوحظ أنّ ثلاثة ملايين ناخب من الشباب اقترعوا للمرّة الأولى بعد أن بلغوا 18 سنة من عمرهم. ولا شك أنّ هموم الشباب الإيراني الذي يشكّل 60 في المئة من الشعب الإيراني تختلف كثيراً عن الخطاب الثوري، فهم يريدون كما الشعارات التي رُفعت في الحملة الانتخابية: العمل بكرامة، وأن يؤدّي إسقاط المقاطعة الاقتصادية الدولية وخصوصاً الأميركية إلى نهضة اقتصادية واضحة.
المعركة الثانية وهي المستقبلية تمحورت في مجلس الخبراء. ليس مهماً عدد الأعضاء الذي ستفوز بهم لائحة رفسنجاني وروحاني، الأهم أنّ 13 مرشحاً من أصل 16 من هذه اللائحة فازوا بالمراكز الأولى في حين أنّ الثلاثة المحسوبين على المرشد خامنئي جاؤوا متأخرين جداً وأنّ مصباح يزدي الخصم الأوّل لرفسنجاني قد سقط، وأنّ محمد يزدي الذي فرضه خامنئي رئيساً للمجلس بعد إبعاد رفسنجاني قد حلّ في المرتبة 15 من 16.
يجب الآن انتظار النتائج النهائية أولاً، ومن ثم الدورة الثانية في نهاية نيسان المقبل، لأنّ إيران ستدخل في منتصف آذار وحتى الأسبوع الأول من نيسان في عطلة عيد النوروز. ولا شك أنّ هذه الأسابيع التي تفصل بين الدورتين الأولى والثانية ستكون كافية للطرفَين لقراءة النتائج وما أنتجته من تحوّلات.
السياسة الخارجية كانت الغائب الكبير عن الحملات الانتخابية. لكن فوز المعتدلين بزعامة رفسنجاني وروحاني، ترجمته أنّ إيران التي وقّعت على الاتفاق النووي لن تكون كما كانت من قبل. سواء الرئيس روحاني أو الشيخ رفسنجاني فإنهما من أهل الحوار والانفتاح والعمل تحت مظلة الشرعية الدولية وشروطها وقواعدها. لذلك كله، سيقع التغيير الشامل في الجمهورية الإسلامية، لكنه لن يكون تغييراً انقلابياً يقلب إيران رأساً على عقب، إنّه التغيير المدروس والبطيء والمنتج.
واعتبر الرئيس الإيراني أن التصويت منح الحكومة المزيد من القوة والمصداقية. ونسبت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (ارنا) إليه القول المنافسة انتهت. حان الوقت لفتح صفحة جديدة في التنمية الاقتصادية بإيران استناداً إلى القدرات المحلية والفرص الدولية. وأضاف أن الحكومة ستتعاون مع أي شخص يُنتخب وذلك لبناء مستقبل إيران.
وتابع روحاني قائلاً أظهر المواطنون قوتهم مرة أخرى ومنحوا حكومتهم المنتخبة المزيد من المصداقية والقوة.
ويقول المحللون إنه حتى وإن لم يفز الإصلاحيون بأغلبية في البرلمان الذي يهيمن عليه المحافظون منذ عام 2004 فإنهم سيضمنون وجوداً أكبر مما حققوه في الانتخابات السابقة. وعادة ما يحقق المحافظون نتائج جيدة في المناطق الريفية بينما يميل الشبان من سكان المدن لاختيار المرشحين المعتدلين.
وقالت صحيفة فاينانشال تريبيون الإيرانية إن هناك ثلاثة ملايين يدلون بأصواتهم للمرة الأولى بعد أن تخطت أعمارهم 18 عاماً. ويبلغ عدد الناخبين المسجلين 55 مليوناً.
وقال حسين علي أميري المتحدث باسم وزارة الداخلية إن أكثر من 33 مليون ناخب أدلوا بأصواتهم وإن فرز كل الأصوات سيستغرق على الأرجح ثلاثة أيام.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00