كان من السهل جداً، عندما كسرت قوى 8 آذار الميثاقية وأسقطت حكومة الرئيس سعد الحريري، وهو مجتمع مع الرئيس باراك أوباما في البيت الابيض، ان يعود الى بيروت، ويدعو قوى 14 آذار، خصوصاً الأزرق منها للنزول الى الشارع واقفاله وشل البلد، حتى إعادة تكليفه وتشكيل حكومة جديدة. لكن الرئيس الحريري ومعه قوى 14 آذار اختارا الالتزام بالاعتدال ومصلحة لبنان، فتركا المسار يأخذ مداه الى ان تتبلور الاوضاع بهدوء.
الآن، ومنذ عامين الفراغ الرئاسي وصل الى درجة ادخال لبنان غرفة العناية الفائقة. الأسوأ وهو موضع تحذير دائم، ان الفراغ الرئاسي وما يستتبعه من عدم انتخاب رئيس للجمهورية، يضع لبنان على حافة الهاوية.. فالسقوط في جهنم التطورات المفتوحة على كل أنواع الحروب في منطقة الشرق الاوسط، خصوصاً عند الشقيقة الكبرى سوريا.
فشل الجنرال، يصوره حزب الله وكأن المستقبل لا يريده رئيساً. في الواقع لا يريده الاصفر أي حزب الله الذي يحارب به وليس له. وهو في الاساس لا يريد انتخاب رئيس حالياً لأن ذلك يعرقل المسار الايراني في المنطقة، الهادف الى التفاوض على سوريا والعراق ولبنان واليمن مع واشنطن. اللعبة مكشوفة وهي ليست بحاجة للشرح والتعمّق. بدوره الرئيس نبيه بري الأستاذ في مدرسة السياسة اللبنانية، يشدد على السلة التي تنقذ لبنان وليس تحقيق أحلام الجنرال، فالوطن أكبر من أي فرد. أما المردة فلا داعي لإعادة تأكيد موقفه، ذلك ان الجنرال مصر على سحب لقمة الرئاسة من فم المرشح سليمان فرنجية، فقط لأنه يريد أن يكون هو أو لا أحد.
التهديد بتحريك الآلة البرتقالية والنزول الى الشارع في نهاية الشهر ممكن ولكن ماذا بعد؟ الفشل في تغيير المواقف منه، نتيجته نهاية حزينة للجنرال ولجمهوره. فماذا يستطيع ان يفعل ولبنان كله على حافة الهاوية؟
أكثر ما يثير العجب والحيرة، ان لبنان وهو على عتبة ان يصبح دولة فاشلة كما اكد احد الجنرالات الأميركيين، تعيش بعض القوى فيه وكأن الحرب الأهلية قاب قوسين أو أدنى. بعض تفاصيل خريطة الوضع للذين يعلمون ويفعلون وللذين لا يعملون ويلتحقون وكأن كل شيء سينتهي بالتظاهرات، ثم يعود الجميع الى منازلهم. مع العلم بأن الضحية الكبرى في كل ذلك هم المسيحيون خصوصاً الموارنة منهم. وإذا ما وقعت الكارثة فلا يمكن الصراخ عالياً: انهم يريدون تهجير المسيحيين من الشرق كما حصل ويحصل في العراق وسوريا. في لبنان يخاف اللبنانيون من وقوع هذه الكارثة لأن لبنان ينتهي ليصبح مجرد حجر دومينو أسود أو أبيض لا يميّزه شيء عن الآخرين.
للأسف، قوى لبنانية كثيرة تتسلح وتتدرب بفعل الخوف من الغد. لا داعي للدخول في التفاصيل حتى لا يثير ذلك حساسيات لا داعي لها. الأخطر من ذلك أن قوى داخلية وخارجية تريد دفع المستقبل بشكل خاص والسنّة بشكل عام، للخروج عن الاعتدال والانزلاق نحو التطرف أو ترك الأبواب مفتوحة أمامه.
حتى الآن الرئيس سعد الحريري، ومن دون تحيّز، يحول دون ذلك. دعوشة الطائفة السنية لمحاربة أو مواجهة حزب الله تنهي لبنان الى الأبد.
لا مصلحة لأحد في ذلك. يوجد مليون ونصف مليون سوري وفلسطيني وربما أكثر من ذلك. في زمن داعش والحدود المفتوحة ترجمته عشرات الألوف من المسلحين. المواجهة التي وقعت في عرمون، بعيداً من أسبابها وممن قام بها، أكدت أن لا قيود على السلاح والتسلح.
في أفضل الأحوال، وعدم اشتعال لبنان، فإن نهاية الفراغ من دون انتخاب رئيس جمهورية في مجلس النواب، ختامه مؤتمر تأسيسي ينهي حكماً المناصفة ويفرض المثالثة. وإذا حدث ذلك فلن يبقى للمسيحيين، خصوصاً الموارنة، من المواقع التي لهم سوى ما تيسّر من الحالية التي منها للموارنة فقط: رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش وقيادة المخابرات وحاكمية البنك المركزي ورئاسة مجلس القضاء الأعلى ورئاسة مجلس الشورى ورئاسة إدارة الجمارك.
اللعب بالنار في الشارع حالياً، مثل اللعب بالروليت البلجيكية. أي سبع رصاصات في المخزن على سبع.. النتيجة: الموت حكماً!
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.