8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

.. ويطول ليل صور

لا يمكن أن تمر مرور الكرام على صور في رمضان، ولا يمكن أن تمر فيها من دون أن تطبع فيك أجواءها المميزة. ففي سيدة البحار، أقدم مدن التاريخ، مزيج من الديانات، يجتمع فيها المسلم والمسيحي على مائدة الافطار، وإن يبقى لكل منهم عاداته وأجواؤه.
السهرة على الواجهة البحرية في صور لا تشبه غيرها من السهرات، وإن كانت قد درجت العادة على إقفال ما يسميه أهل المدينة شارع المطاعم أمام السيارات، كل سبت من كل أسبوع، فإن السهرة في رمضان بالذات تكتسب أجواء خاصة بها.
الفوانيس حاضرة بأضوائها، عشرات المطاعم جاهزة بمأكولاتها الرمضانية، وكل ذلك على وقع أمواج البحر، فتصبح المنطقة نقطة اجتذاب للآلاف من الزوار، بمختلف دياناتهم، بعضهم ليسوا من المنطقة، حتى أن بعضهم ليسوا لبنانيين أصلا.
عند الخامسة من بعد الظهر، تبدأ اجراءات ازالة السيارات من الشارع، وتصبح الطريق مقفلة أمام السيارات الوافدة، ومن يأتي بسيارته، يركنها في منطقة قريبة، ويضطر للعبور مشيا بين الحواجز والتقدم نحو شارع المطاعم على الكورنيش، من أجل اختيار المكان المناسب لسهرته، مع الاشارة إلى أن مدينة عروس البحر على موعد مع مشروع توأمة مع مدينة ايطالية، يقوم على فتح مزيد من الطرقات أمام المشاة فقط، بالاضافة إلى تشييد مساحة خاصة لهواة الدراجات الهوائية.
ولم تكتف هذه الواجهة البحرية باستقطاب عامة الناس، بل ان تميزها يجذب عددا من الفنانيين والاعلاميين، حتى أن هناك فرقا موسيقية، تستوعب كل الأذواق، بعضها يغني من وحي رمضان وأخرى من خارجه، كما أن المنطقة ستكون مسرحا بعد العيد لمهرجانات صور الدولية والتي ستشهد حضور فنانين عالميين مثل الجزائري الشاب خالد.
ولا تقتصر النشاطات في ليل صور الرمضاني على الحفلات الموسيقية، بل يتعداها إلى نشاطات تستهدف الأطفال، ويلحظ وجود مهرج كل سبت، يصطف عدد من الأطفال إلى جانبه، فيحلو لبعضهم تقليده أو التقاط الصور التذكارية إلى جانبه.
واذا كانت السهرة في رمضان وناسة عند الواجهة البحرية، فإن الأجواء في الخيم على الشاطئ لها طعم مختلف، خاصة مع اجتذاب الشباب لها، والاستمتاع بالسهر مع الاصدقاء تحت أضواء هلال رمضان، حتى أن بعض العائلات تذهب بعيدا في اختياراتها، إلى حد المبيت داخل الخيم وسط أجواء ليلية دافئة.
وعند ناحية أخرى من صور، تحديدا في السوق القديمة، يحلو السحور، حيث أطباق اللحم والفول والحمص على النار، فيستعيد الزوار فيها أمسيات قديمة في دروب السوق الضيقة، وتكون جلسة متواضعة بعيدة عن الاهتمام بالصورة والمظاهر.
وكانت بدأت الأنظار أخيرا تتجه إلى محيط عروس البحر، عند البياضة، مع فتح مطاعم جديدة في الجبال المطلة على البحر، وبعض هذه المطاعم يتميز بشكله الفريد، أحد هذه الأشكال يأتي على هيئة سفينة، وهو ما أخذ ينجذب اليه الناس في وقتي الافطار والسحور، وقبل رمضان، تفيض المطاعم هذه بزوارها، خاصة في أيام العطل الأسبوعية.
العيش المشترك ليس كلاما في صور، بل فعل ظاهر للعيان، فبعد سهرة السبت الرمضانية، تستفيق حارة صور القديمة على أصوات أجراس الكنائس، ويلحظ بعد التجوال داخل الحي المسيحي، أن أبواب البيوت مفتوحة ترفع أصوات القداديس عبر التلفاز، وداخل أحد البيوت، سيدة ترتل القداس باللغة الايطالية. وعلى أطراف هذا الحي، تحديدا عند المينا، تجتمع العائلات صباحا في المقاهي وتتناول الفطور، حيث تجمّع اليخوت وتمثال العذراء.
حتى الحانات والملاهي الليلية تبقى مفتوحة أمام زوارها في رمضان، ويبقى الاقبال عليها نسبيا وإن بوتيرة أقل، خاصة من أبناء الحي المسيحي وبعض الأجانب من قوات اليونيفيل، كما أنه لم يتعرض أصحاب هذه الحانات يوما للمضايقة، بل تبقى أماكن السهر هذه تعمل بشكل اعتيادي، واذا ما كان في ذلك من دلالة، فهي أن أهل صور متعايشون مع بعضهم مهما كانت دياناتهم، علما أن المدينة بقيت خارج الصراعات الطائفية، طوال فترة الحرب الاهلية وبعدها.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00