يترقّب اللبناني اليوم السبت، صدور نتائج الثانوية العامة بكثير من الحيطة والحذر، سواء كان معنياً مباشرة بالحدث أو غير معني، وفي أجندته قائمة، في أول بنودها عدم التنقل أو التواجد على الشرفات أثناء صدور النتائج خوفاً من وابل رصاص الابتهاج الذي ما زال يخطف الأرواح البريئة ويتوعّد بالمزيد.
في لبنان، من الجنوب الى بيروت فالشمال والبقاع، بعض العائلات جهّزت العدة واتخذت اجراءاتها. ليست هذه العدة البقلاوة والحلويات، بل هي متاريس وحصون من الرصاص والموت، عبارة عن خزائن وأجسام منزلية وضعت أمام نوافذ شرفات المنازل وغيرها، إضافة الى ارشادات اتخذتها العائلات على عاتقها بتفادي الخروج إلى الشارع مع صدور النتائج، والابتعاد عن شرفات المنازل، وكأنها في حرب ضد عدو. العدو هذه المرة هو الرصاص الطائش وأساسه السلاح المتفلت.
الدولة أعلنت التعبئة العامة، ودعت إلى ثورة بحال اطلاق الرصاص ابتهاجا بالمناسبة. الأمر ما عاد سهلا على أحد، التجهيز اللوجستي والمعنوي اكتمل، واليوم أكثر من أي وقت مضى، لا بدّ من تذكر أوجاع عائلات فقدت أحبة بـلعنة الرصاص الطائش، واذا كان الأمر انتهى بهذا الشكل مع صدور نتائج الشهادة المتوسطة، فكيف الحال مع صدور نتائج شهادة بمستوى البكالوريا؟ الحذر موجود من عادة السوء، إلى حد أن ادارة مهرجانات بعلبك طلبت الى وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة تأجيل موعد اصدار النتائج الى يوم السبت، بدلاً من الجمعة الذي يصادف موعد انطلاق مهرجانات بعلبك الدولية والاحتفال بيوبيلها الذهبي هذا العام. وبالفعل، أخذ الوزير هذا الطلب على محمل الجد، واستجاب له.
وبين الجدية والمزاح، واحدة من الصور انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ولاقت رواجا في الاعلام التلفزيوني، عبارة عن دشم ومتاريس يتحصّن فيها اللبنانيون من الرصاص الطائش، وتسخر من الحالة المضحكة المبكية التي وصل إليها اللبنانيون جراء السلاح المتفلت وتقول: تحضيراً لنتائج شهادات البكالوريا الأسبوع المقبل، الله يستر. وانتشر أيضا رسم كاريكاتوري يظهر فيه والد مسلح يتحاور مع ابنه ويقول له يا إما بطخلك فيه لما تنجح يا إما بطخك، في إشارة إلى استعمال السلاح في حالتي النجاح والرسوب سوية.
وعلى موقع تويتر للتواصل الاجتماعي، اشتعلت القصص والنهفات والكتابات الخاصة بنتائج البكالوريا. وغرد أحد الحسابات: نتائج البكالوريا لازمها نزول عالملجأ، وقال آخر ممازحا: السبت ما في حل غير بالنوم. هذا عدا الفيديوات التمثيلية الساخرة، كتلك التي تحاكي فرحة نجاح تتحول إلى عزاء بفعل الرصاص الطائش، فيتعدى هدفها من اضحاك الناس على واقعهم إلى نشر التوعية، وأي توعية. أما البعض، فقرر التمرد على قرارات منع اطلاق الرصاص وخاصة المفرقعات النارية في الجنوب، وكتب أحدهم: يا تعاسة المحافظ، ليش المفرقعات النارية ممنوعة؟ جكارة فيكم راح اتصور فيديو وفرقع، عشتم وعاشت الثورة الترمنالية.
الأمر تعدى مواقع التواصل الاجتماعي، إلى حد الرسائل الصوتية التي تصل عبر واتساب. واحدة من أكثر هذه الرسائل انتشارا، عابرة للبحار والجمهورية، تستهدف جزيرة قبرص الأقرب للبنان من جهة البحر، وتقول الرسالة: نداء عاجل الى دولة قبرص، يطلب اليكم اخلاء الساحل الشرقي وتعليق حركة الملاحة فيه، ستتعرض شواطئكم الشرقية لوابل من صليات الصواريخ الطائشة. ونحن كلبنانيين نرجو منكم عدم الرد بالمثل لأنها ليست عدوانية بل ابتهاجا بتائج البكالوريا الرسمية اللبنانية. يرجى أخذ العلم فالأفراح ما زالت في ديارنا عامرة.
ومن التخمينات، أن وزير التربية لربما اختار الساعة الحادية عشرة صباحا موعد صدور نتائج البكالوريا، لانشغال أولياء الأمور في أعمالهم، لكن من لديه النية بالاحتفال بالرصاص، لن يقف أمامه لا عمر ولا توقيت ولا غيرهما، وسيعود الى المنزل ظهرا وليلا لاطلاق ما يريد، وعندها يبقى الأمر للدولة لفعل ما يلزم.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.