يختلف ليل بدارو عن شوارع متشابهة في مهمات السهر والتواصل، بينها الحمرا والجميزة وغيرهما، حيث ضجيج الرواد وصخب الحوارات يبقى محصورا ضمن جدران أكثر من عشرين مقهى ومطعماً في المكان الذي لا يتعدى طوله الكيلومتر الواحد، والذي طالما شكل خط تماس في زمن الحرب الأهلية بين مناطق مشتعلة منها الشياح والطيونة وعين الرمانة، تاركاً للأرصفة الخارجية ميزة السكون الذي لا يلغي الازدحام الكبير، وإنما يؤطره وفق هوية الشارع الساكن، والذي غدا مقصداً للنخبة وللشباب ولذواقة الأمسيات الهادئة.
وإذا كانت ميزة الشارع القديمة أنها جمعت على الرصيفين محلات الحياكين في المدينة، فإن التغييرات التي طرأت لاحقاً حملت إليه نبضا جديدا بعد نحو ثلاثة عقود من الجمود، ليستعيد بريقه بافتتاح أماكن للسهر بينها Roy’s public house، وهو أول مكان ليلي وضع قدما له في المكان، و لحقه نادي Kiss Proof وبعدهما Café de Penelope، وحمل واحداً من أماكن السهر اسم تايلور أي الخياط، ليتدرج نجم الشارع صعودا بين شوارع السهر البيروتية.
أما نوعية الرواد، فهي تجمع رجال الأعمال وأهل الثقافة والفن والسياسة والاعلام، ليغدو لاحقاً نقطة اجتذاب لشركات تجارية عالمية على طول الخط الذي يمتد من المستشفى العسكري إلى شارع سامي الصلح، مع ميزة خلوه من التجمعات الفوضوية للمشاة والسيارات على طرقاته، وحصر تناول الكحول في المقاهي ومنعها في الزوايا وعلى الأرصفة. وفي بدارو أيضا، الأمن حاضر والعين ساهرة، وثمّة أسباب أخرى تستقطب الرواد بينها توافر العديد من المواقف لركن السيارات خلافا لأحوال شوارع أخرى في العاصمة، إذا توافر فيها الموقف فإنه لقاء بدل ركن مرتفع ليصبح السهر على العداد.
وبحسب رئيس جمعية تجار بدارو، جورج براكس، فإن الشارع نجح في أن يكون تصنيفه خمس نجوم، بين أماكن السهر البيروتية، إضافة إلى جملة من المميزات منها الهدوء، طريقة التنظيم، التعاون مع الأمن الداخلي، اعتماد فريق فاليه باركينغ واحد في المنطقة ومدرّب، النظافة، البنى التحتية، الاهتمام بالأشجار والانارة بالتنسيق مع بلدية بيروت.
الوضع أفضل هذا العام مقارنة بسابقه، يقول براكس، ويعلل ذلك بضبط الوضعين الأمني والسياسي في البلاد، ويكشف أن المنطقة بدأت تشهد حركة سياحية. أما أولئك الذين يقصدون الشارع، فيحددهم بأنهم على الأغلب من الطبقتين المتوسطة والميسورة.
ويؤكد براكس في هذا الاطار أن المستثمرين بدأوا يشعرون بقيمة المنطقة، وأنه أصبح على علم بأن ثلاثة إلى أربعة محلات ستفتح أبوابها قريبا في الشارع، ومعها يكبر السؤال: هل تتمدد المتاجر الحديثة على حساب المقاهي والمطاعم، تماما كما حصل في شارع الحمراء وغيره من شوارع السهر العريقة؟. وريثما يأخذ الشارع هويته المستجدة في السنوات المقبلة، لا غنى في الحاضر عن كونه مكاناً مناسبا للطامحين إلى سهرات راقية بعيدة عن جلبة الشارع ودخلائه.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.